انخفاض عائدات قناة السويس يجبر القاهرة على انتهاج سياسات بديلة

تهديدات البحر الأحمر تصب في صالح القطاع الخاص بمصر.
الاثنين 2024/02/12
انخفاض عدد السفن خلف آثارا سلبية على المنطقة الاقتصادية

القاهرة- دفعت التداعيات الاقتصادية للتهديدات الأمنية في جنوب البحر الأحمر الحكومة المصرية إلى التلويح بتوسيع مساحة الفرص المتاحة للقطاع الخاص وتصحيح العلاقة المتذبذبة مع رجال أعمال اشتكوا من تضييق فرص الاستثمار أمامهم، فالخسائر التي تتكبدها قناة السويس يوميا كأحد أهم المنافذ التي توفر عملة أجنبية للدولة تدفع القاهرة إلى ضرورة إبداء مرونة في سياساتها الاقتصادية.

والأحد أشار وزير المالية المصري محمد معيط إلى إمكانية استيعاب جزء من تأثير الهجمات التي تستهدف السفن في البحر الأحمر على إيرادات قناة السويس، بفضل ما وصفه بـ”النمو” السابق الذي كان جيدا قبل بدء الأحداث.

وقال على هامش القمة العالمية للحكومات في دبي إن بلاده تخطط للاعتماد بشكل أكبر على القطاع الخاص في ما يتعلق بالإنفاق على المشروعات.

سيد عويضي: عودة الإيرادات للمعدل الطبيعي مرهون بتوقف الحرب في غزة
سيد عويضي: عودة الإيرادات للمعدل الطبيعي مرهون بتوقف الحرب في غزة

وتعرضت مصر لضربات اقتصادية موجعة بعد انتشار فايروس كورونا وتأثيره على انخفاض معدل النمو، ثم اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية وما حملته من نتائج سلبية على توريد الحبوب لدول عدة في مقدمتها مصر، وأخيرا التوتر الأمني في البحر الأحمر، وهو المدخل الحيوي لقناة السويس من جهة الجنوب.

واستعرض محمد معيط جهود الدولة المصرية في تهيئة بيئة مواتية للاستثمار المحلي والأجنبي بالعمل على تسريع تنفيذ الإصلاحات الهيكلية على نحو يسهم في المزيد من فسح المجال للقطاع الخاص، ورفع مساهماته في النشاط الاقتصادي، وتعزيز التدفقات الاستثمارية.

وتواجه قناة السويس أزمة حادة منذ بدأت جماعة الحوثي في اليمن بتنفيذ هجمات على السفن في البحر الأحمر تزعم أنها نصرة لغزة، تلاها استنفار قوى كبرى -على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا- لردع الجماعة.

وحققت القناة إيرادات بلغت 9.4 مليار دولار في العام المالي الماضي؛ أي بزيادة نسبتها 35 في المئة، وهي النسبة الأعلى ماليا في تاريخها، وفق وزارة التخطيط المصرية.

وكشف رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع في تصريحات إعلامية سابقة عن معدل مرور السفن عبر القناة، وقال إنه انخفض في يناير الماضي بنسبة 36 في المئة على أساس سنوي، وتراجعت الإيرادات إلى 428 مليون دولار؛ أي بنسبة 46 في المئة.

وتراجع عدد السفن المارة في قناة السويس إلى 1362 سفينة في يناير الماضي، قياسا بـ2155 سفينة عبرت في الشهر المماثل من العام السابق.

وأوضح أسامة ربيع أن القناة تأثرت بالأحداث الجارية في المنطقة وتهديدات البحر الأحمر، وأنه عقد اجتماعات مختلفة مع مسؤولين في الملاحة الدولية ورؤساء شركات مختلفة وتوكيلات عالمية، لأجل الوصول إلى حل للأزمة.

وتحولت بعض السفن المحملة بالحبوب عن قناة السويس، واتجهت إلى طريق رأس الرجاء الصالح، مع استمرار المخاوف من تهديدات جماعة الحوثي التي تعرضت لضربات عسكرية أميركية – بريطانية لإجبارها على السماح بمرور السفن دون تمييز.

حمدي برغوث: إيرادات قناة السويس تتراجع بشكل يصعب استيعابه حاليًا
حمدي برغوث: إيرادات قناة السويس تتراجع بشكل يصعب استيعابه حاليًا

وقال خبير النقل الدولي واللوجستيات حمدي برغوث لـ”العرب” إن “إيرادات قناة السويس تتراجع بشكل يصعب استيعابه حاليًا. وعدم مرور عدد كبير من السفن يمثل عنصر ضغط اقتصادي على مصر التي تواجه أزمة شديدة في شُح العملة”.

وتوقع ألا تطول قرارات تحويل السفن مساراتها بعيدًا عن قناة السويس، خاصة أن التأثيرات وخيمة وتضر بمصالح دول عدة في العالم، وتعد دول أوروبا من أكبر المتضررين، إذ شهدت الأيام الماضية حديثا عن تعرض بعض الأغذية للفساد بسبب تغيير وجهة الحاويات من شرق آسيا إلى أوروبا بعد أن سلكت مسارات أكثر طولاً.

وتستوعب قناة السويس نحو 40 مليون حاوية سنويًا، تزيد أو تنقص حسب الحركة، بينما لا يستوعب أي خط بديل سوى 15 مليون حاوية، بخلاف ناقلات البترول والغاز التي يصعب لجوؤها إلى مسارات بديلة لما يسببه ذلك من زيادة في الأسعار.

ولفت المحلل الاقتصادي المصري سيد عويضي لـ”العرب” إلى أن “تراجع إيرادات قناة السويس حادث طارئ سوف يتم استيعاب تداعياته خلال النصف الثاني من العام الجاري بوقف الحرب أو اتخاذ الحكومة المصرية جملة من الإجراءات الحمائية”.

وأكد أنه لا غنى للأسواق العالمية عن قناة السويس لنقل البضائع، ومهما تم تغيير حركة مرور السفن لن يستمر هذا الأمر كثيرا لارتفاع التكاليف وطول مدة السفر.

وشدد عويضي على أن عودة الإيرادات إلى المعدل الطبيعي مرهونة بتوقف الحرب في غزة، وتلعب الجهود السياسية الحالية دورا مهما في تهدئة الأوضاع الساخنة في المنطقة.

وخلّف انخفاض عدد السفن آثارا سلبية على المنطقة الاقتصادية وما تحويه من مشروعات عملاقة بالقرب من محافظة بورسعيد التي تنتهي عندها القناة، حيث أقيمت هذه المنطقة خصيصا لتحقيق أعلى استفادة استثمارية من موقعها الحيوي والصناعات المرتبطة بالشحن والتصدير وعبور السفن منها.

غراف

1