انخراط الشركات بعيد عن تحقيق أهداف المناخ

برلين - كشف مسح حديث نشر الخميس حول انخراط الشركات في تحقيق أهداف المناخ من خلال تجارة الكربون أنها لا تزال بعيدة عن التطلعات التي يترقبها ناشطو البيئة وحتى المراقبين.
وأظهر استطلاع أجرته مجموعة بوسطن للاستشارات وشركة البرمجيات سي أو 2 أي.آي أن 14 في المئة فقط من الشركات على مستوى العالم تمكنت من خفض انبعاثاتها خلال الأعوام الخمسة الماضية، بما يتوافق مع تحقيق أهداف حماية المناخ.
وجاء في الاستطلاع أن هذه النسبة تقلّ عمّا تم رصده في العام الماضي بإجمالي ثلاث نقاط مئوية.
وأرجعت شركات كثيرة من تلك المشاركة في المسح السبب إلى الظروف الاقتصادية الصعبة، وإلى قيود رأس المال.
وذكرت 10 في المئة فقط من الشركات التي شملها الاستطلاع أنها قامت بقياس جميع انبعاثاتها بشكل شامل.
وذكرت مجموعة بوسطن للاستشارات “تزايدت خلال العقود الأربعة الماضية كوارث ترتبط بالمناخ بإجمالي أربعة أمثال وزاد تأثير كل كارثة بمقدار 1.9 ضعف، ما يؤثر على أعداد لا تحصى من المجتمعات والشركات على مستوى العالم”.
10
في المئة فقط من الشركات التي شملها الاستطلاع أنها قامت بقياس جميع انبعاثاتها بشكل شامل
وتابعت المجموعة “رغم تحمل المسؤولية في الحد من أزمة المناخ، قلما سجلت شركات تقدما في تحقيق القياس الشامل والحد من انبعاثاتها”.
وشمل الاستطلاع إجمالي 1850 قوى إدارية مسؤولة عن قياس الانبعاثات والإبلاغ عنها والحد منها في مؤسسات في 18 مجالا بإجمالي 23 دولة.
ومنذ سنوات تبدي الكثير من الشركات حول العالم وخاصة العملاقة استعدادها لكل شيء لتعويض انبعاثاتها، والظهور في مظهر الجهات المحايدة كربونيا، لكن المتابعين لهذا المسار يشككون في قدرتها على التعامل مع هذا الاستثمار على النحو الأمثل.
وبات أحد الخيارات الشائعة بشكل متزايد خلال السنوات الأخيرة شراء أرصدة من المشاريع، التي تساعد في تجنب انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري أو إزالتها من خلال طرق مختلفة.
ومن بين تلك الأساليب الحفاظ على الغابات التي تخزن الكربون أو تحويل غاز الميثان المتسرب من مواقع دفن النفايات إلى غاز حيوي أو توزيع مواقد طهي أكثر كفاءة تستخدم وقودا أقل.
ويتم استخدام هذه الأرصدة من قبل الشركات والمؤسسات لتعويض الانبعاثات عند احتساب بصمتها الكربونية، وهي مدعومة بمشاريع تعوض عن الانبعاثات، مثل غرس الأشجار أو توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
كما نشأت العديد من شركات التكنولوجيا المالية منذ عام 2021 لتحويل تعويضات الكربون إلى رموز رقمية.
وكافح السوق لاكتساب قوة جذب مع الشركات والمستثمرين المؤسسين وسط مخاوف بشأن الأصل والفوائد البيئية لبعض الائتمانات المتداولة.
وتشير التقديرات إلى أن عدد ائتمانات الكربون المتوقعة بحلول نهاية هذا العقد سيصل إلى قرابة تريليوني دولار، لكن البعض يشكك في ذلك بالنظر إلى بطء التزام الشركات والمستثمرين والحكومات بهذا المسار.

ويسود اعتقاد على نطاق واسع أن مقترح فرض ضريبة على الكربون يشكل أحد أكبر التحديات أمام حكومات العالم لترسيخ هذه التجارة الناشئة في سياق مكافحة الاحتباس الحراري.
واقترح صندوق النقد الدولي خلال اجتماعات الخريف السنوية التي احتضنها المغرب الشهر الماضي الاتفاق بشكل جماعي على إقرار ضريبة الانبعاثات الضارة حول العالم، بدلا من الإجراءات الأحادية التي لن تكون كافية لمواجهة تغيّر المناخ.
ورأى مدير الشؤون المالية العامة في الصندوق فيتور غاسبار أن فرض ضريبة كربون ولاسيما على الشركات التي تصدر انبعاثات كبيرة عنصر أساسي في سياسة بيئية فاعلة، ويسمح أيضا بتجنب ارتفاع صاروخي في الدين العام في الكثير من الدول.
وأوضح غاسبار خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس حينها أن “فرض ضريبة على الكربون هو بأشواط أكثر الوسائل كفاءة ويشكل عنصرا مهما جدا في مجموعة من السياسات”.
وشدد على أنه “في حال فرض ضريبة مناسبة على انبعاثات الكربون ستزيد القدرة على حشد التمويل من القطاع الخاص بشكل كبير”.
واعتبر صندوق النقد في تقرير حول السياسة الضريبية نشره خلال الاجتماعات السنوية أن من الضروري أن تحصل الدول ليس فقط على موارد أخرى بل أيضا السعي إلى زيادة في الاستثمارات الخاصة.
وإن لم يحصل ذلك، قد يصل الدين العام المرتفع جدا أساسا في دول مختلفة في العالم، إلى ما بين 45 و50 في المئة من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2050.
وخلافا لذلك، فإن اعتماد سياسة بيئية تشتمل على ضريبة ستخفض بشكل كبير التداعيات طويلة الأمد على المالية العامة مع دين لا يزيد عن 12 إلى 15 في المئة من إجمالي الناتج المحلي خلال الفترة نفسها، “وهو أمر قابل للاستمرار” وفق غاسبار.
ولكن لكي تكون الضريبة فاعلة بالكامل يجب أن تترافق مع أدوات أخرى ولاسيما إجراءات دعم محددة لمساعدة الشركات على التحول النظيف وتمويل إجراءات دعم للأسر الأكثر ضعفا التي ستكون عندها معرضة لارتفاع في الأسعار لاسيما في مجال الطاقة.