انحسار لافت لمؤشر التضخم في السوق المصرية

القاهرة - أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 12.8 في المئة في فبراير من 24 في المئة في يناير متباطئا بوتيرة أسرع مما توقعه محللون.
وكان استطلاع للرأي أجرته رويترز وشمل 15 محللا قد توقع تراجع معدل التضخم إلى 14.5 في المئة في فبراير في وقت لم تعد فيه الزيادات الاستثنائية التي شهدتها الأسعار على مدى العامين الماضيين تنعكس في الإحصاءات.
ويُعد هذا التباطؤ الرابع خلال الأشهر السبعة الأخيرة، منذ أن بدأ معدل التضخم في الارتفاع مجددا في أغسطس الماضي، متأثرا بعوامل مثل زيادة أسعار الوقود وتذاكر وسائل النقل العام، بما في ذلك القطارات ومترو الأنفاق.
كما سبقت ذلك زيادة سعر رغيف الخبز المدعم بنسبة 300 في المئة خلال مايو الماضي، وهي أول زيادة من نوعها منذ أكثر من ثلاثة عقود.
وعلى أساس شهري، هبط التضخم بالمدن إلى 1.4 في المئة في فبراير من 1.5 في المئة في يناير، وهو ما عزاه بيان الجهاز إلى انخفاض مجموعة الخضراوات 8.2 في المئة واستقرار مجموعة المياه والكهرباء والغاز.
في المقابل، تم تسجيل زيادات طفيفة في مجموعات الحبوب والخبز بواقع 0.8 في المئة واللحوم والدواجن بنسبة 3.2 في المئة والفاكهة بثلاثة في المئة.
وزادت أسعار الأغذية والمشروبات على أساس سنوي في فبراير بنحو 3.7 في المئة بعد أن زادت 0.2 في المئة مسجلة خلال الشهر السابق.
وعزا إبراهيم النمر، رئيس قسم التحليل الفني في النعيم القابضة، هذا الانخفاض إلى تأثير سنة الأساس واستقرار سعر الصرف.
ونقلت رويترز عن النمر قوله إن “التأثير الناجم عن تغيرات سعر الصرف كان محدودا على عكس ما شهدته السنوات القليلة الماضية، إلى جانب إجراءات اتخذتها الحكومة والبنك المركزي لضبط الأسواق.”
وأضاف أن “هذا التراجع في معدل التضخم قد يعطي متنفسا للبنك المركزي ويساعده على التفكير في خفض أسعار الفائدة، إذ يعطيه قدرة على المناورة مع الاقتراب من هدف معدل التضخم البالغ سبعة في المئة.”
ويرتفع التضخم منذ أوائل 2022 بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا والذي دفع مستثمرين أجانب إلى سحب المليارات من الدولارات من أسواق سندات الخزانة المصرية.
ووصل التضخم الأساسي إلى ارتفاع قياسي في سبتمبر 2023 مسجلا 38 في المئة.
وقال الباحث الاقتصادي ومحلل أسواق المال سمير رؤوف إن “التضخم ما زال على مساره الهبوطي، بما يدعم خفض أسعار الفائدة بما بين نصف نقطة مئوية ونقطة مئوية كاملة.”
وتوقع رؤوف خلال تصريح لرويترز المزيد من الانخفاضات خلال الشهور القليلة المقبلة لكلا التضخم وسعر الفائدة.
التضخم بالمدن هبط إلى 1.4 في المئة في فبراير من 1.5 في المئة في يناير
وارتفعت الأسعار لأسباب منها النمو السريع في المعروض النقدي. وتظهر بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي زاد بأعلى نسبة على الإطلاق بلغت 32.1 في المئة في عام حتى نهاية يناير الماضي.
وقبل عام خفضت السلطات قيمة الجنيه بشكل حاد ورفعت أسعار الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس، ووقعت حزمة دعم مالي موسعة بقيمة ثمانية مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي مما ساهم في إعادة الماليات لنطاق السيطرة.
لكن الحزمة تلزم الحكومة بخفض الدعم عن بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها. ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي عندما تجتمع لاتخاذ قرارات الفائدة.
وتباينت ردود فعل مواطنين استطلعت رويترز آراءهم اليوم بشأن مدى انعكاس تراجع وتيرة التضخم على الأسعار. ففي محافظة الإسكندرية، ترى بسنت محمد التي تعول أسرة من خمسة أفراد أن ما تشير إليه الأرقام غير ملموس على أرض الواقع.
وقالت لرويترز “لا يوجد انخفاض محسوس في الأسعار أبدا… سعر كيلوغرام الليمون وصل إلى 100 جنيه (3.25 دولار) والباذنجان إلى أكثر من 30 جنيها (0.97 دولار).”
وبالمثل، قالت حسناء عوض “للأسف الأسعار لا تنخفض، حتى في صنف الخضار، في المقابل ترتفع أسعار أصناف أخرى بشكل كبير.”
لكن إيمان مهدي من حي العجمي ترى أن أسعار الكثير من الخضر شهدت انخفاضا خلال الشهر الماضي، قائلة “الطماطم نشتريها الآن بأقل من 10 جنيهات (0.32 دولار) للكيلوغرام والبطاطس الكيلوغرام بخمسة جنيهات.. لكن في المقابل الباذنجان سعره وصل إلى 30 جنيها للكيلوغرام.”
وقالت “سلعة مثل السكر سعرها انخفض من 36 جنيها للكيلوغرام إلى 32 جنيها.. في المجمل خلال الشهر الماضي أسعار الخضار انخفضت بشكل كبير.”
أما هبة أحمد التي تعول أسرة من أربعة أفراد، فألقت باللائمة على ما وصفته بجشع التجار، قائلة “بالنسبة للأسعار في أصناف انخفضت مثل كل الخضار.. الموضوع له علاقة بجشع التجار.”

وأضافت “كل أنواع الخضار رخيصة وموجودة، لكن في المقابل هذه المواد لا تغني عن اللحوم والدواجن وهي أسعارها ثابته أو تزيد، وبالتالي أسعار الخضراوات لا تؤثر في تكاليف المعيشة.” وتابعت “الانخفاض لا يؤثر على تكاليف معيشتنا.”
وفي محافظة كفر الشيخ، قال محمود جاب الله الذي يعمل سائقا إنه بالرغم من استقرار سعر صرف العملة، فإن الأسعار ما زالت في ارتفاع.
وأضاف “زادت أسعار اللحوم في بداية شهر رمضان لتصبح في متوسط 400 جنيه (13 دولارا) للكيلوغرام، وزاد سعر كيلو الدجاج إلى 100 جنيه (3.25 دولار) بدل من 93 جنيها (3 دولارات).”
واستطرد بالإشارة إلى أن سعر أقل كيلوغرام من الفواكه 30 جنيها والبطاطس 15 جنيها بدل من 10 جنيهات والموز 30 جنيها بدلا من 20 جنيها. وقال “أين الرقابة لا نلاحظ نزولا في الأسعار.”
في المقابل، يرى سامي إسماعيل الذي يعمل في قطاع التعليم أن الأسعار تراجعت بالفعل خلال الشهرين الماضي والجاري بسبب إقامة العشرات من المعارض من خلال المبادرات المجتمعية والحكومية مثل معارض أهلا رمضان ومعارض الغرف التجارية.
وقال “أصبحنا نرى المئات من السيارات تجوب الشوارع لتبيع بتخفيضات تصل إلى 25 في المئة، لكن هناك من يصر على الشراء من المحلات الكبيرة والمولات ولذلك ترى الأسعار متفاوتة.”