انحسار دور إيران بعد الحرب يضاعف محنة حماس

استمرار المعارك في غزة يضعف نفوذ الحركة ويشجع العشائر على التحدي.
السبت 2025/06/28
مقاتلو حماس.. أزمة مضاعفة

غزة - فقدت حركة حماس بخسارة إيران في الحرب أهم أبواب الدعم الخارجي التي كانت تحصل عليه خاصة من جانب تأمين السلاح والتدريب، وسيكون لهذا انعكاس مباشر على إدارتها للمعركة مع إسرائيل عسكريا، ويلقي بظلاله على نفوذها في غزة مع تزايد أنشطة العشائر المناوئة لها.

ورغم أن حماس تحاول أن تظهر بمنأى عن إيران وأن تتحرك كما لو أنها تعتمد على قدراتها الذاتية، لكن خبراء يرون أن الحركة ستتضرر بشكل مباشر من انكفاء إيران على نفسها لإصلاح ما تم تخريبه من البرنامجين النووي والصاروخي في حرب الإثني عشر يوما.

وفاقم الهجوم الإسرائيلي على إيران من غموض الصورة أمام حماس، فقد كان لدعم طهران للحركة دور كبير في تطوير جناحها المسلح ليصبح قوة قادرة على إطلاق الصواريخ إلى عمق إسرائيل.  وكان هذا الجناح قد تعرض لخسارة كبيرة قبل ذلك بهزيمة حزب الله ومقتل قادته السياسيين والعسكريين وتصفية عناصر فعالة في حماس مستقرة في لبنان أو تتنقل باستمرار إلى هناك ويعتقد أنها كانت تتولى التنسيق مع الحزب ومن ورائه إيران.

وقال مسؤول فلسطيني مقرب من حماس إن الحركة تدرس احتمالات انحسار الدعم الإيراني، وتوقع أن “يكون التأثير على شكل التمويل والخبرة التي اعتادت إيران تقديمها للمقاومة ولحماس.”

وكان من بين المستهدفين في الحملة الإسرائيلية على إيران ضابط الحرس الثوري الذي يشرف على التنسيق مع حماس. وقالت إسرائيل إن سعيد إيزادي، الذي أعلنت مقتله يوم السبت، كان القوة المحركة وحلقة الوصل بين إيران وحماس. وقدمت حماس تعازيها لإيران الخميس، ووصفت إيزادي بأنه كان “من أعمدة دعم حركات المقاومة الفلسطينية.”

◙ حماس ستتضرر من انكفاء إيران على نفسها لإصلاح ما تم استهدافه من البرنامجين النووي والصاروخي خلال الحرب

وقال مصدر من فصيل مدعوم من إيران في المنطقة إن إيزادي ساعد في تطوير قدرات حماس، بما في ذلك كيفية تنفيذها هجمات معقدة على غرار إطلاق الصواريخ وعمليات التسلل وإطلاق الطائرات المسيرة. وعندما سئل سامي أبوزهري عن كيفية تأثير الحملة الإسرائيلية على إيران ودعمها لحماس، قال إن إيران دولة كبيرة وقوية ولن تهزم.

وتكافح حماس من أجل الصمود في قطاع غزة في مواجهة عشائر محلية معارضة لها والضغط العسكري الإسرائيلي الذي لا هوادة فيه، وذلك بعد أن فقدت قادة وجانبا كبيرا من شبكة أنفاقها وتعاني من غموض بشأن دعم حليفتها إيران.

وقالت ثلاثة مصادر مقربة من حماس إن مقاتلي الحركة يعملون على نحو مستقل بموجب أوامر بالصمود لأطول فترة ممكنة، لكنها تجد صعوبة من أجل الحفاظ على سيطرتها على قطاع غزة في ظل دعم إسرائيل العلني لعشائر معارضة لها.

وقال أحد المصادر إن حماس في حاجة ماسة إلى وقف القتال تحت وطأة الأزمة الإنسانية في غزة التي تزيد من الضغوط الدولية لوقف إطلاق النار.

وأضاف المصدر أن وقف إطلاق النار لن يوفر فقط متنفسا لسكان غزة المنهكين الذين يتزايد انتقادهم لحماس، وإنما سيسمح أيضا للحركة بسحق العناصر المارقة ومنها أفراد بعض العشائر واللصوص الذين ينهبون المساعدات.

ولا تزال حماس قادرة على توجيه ضربات، فقد قتلت سبعة جنود إسرائيليين في هجوم بجنوب غزة يوم الثلاثاء. لكن ثلاثة دبلوماسيين في الشرق الأوسط قالوا إن تقييم أجهزة المخابرات أظهر أنها فقدت القيادة والسيطرة المركزية وتكتفي بهجمات محدودة ومباغتة. ولم تتعرض حماس منذ تأسيسها لأضرار مثل تلك التي ألحقتها إسرائيل بها، إذ قتل معظم كبار قادتها العسكريين في غزة.

ومع صمود الهدنة التي توسطت فيها الولايات المتحدة في الحرب بين إيران وإسرائيل، عاد الاهتمام ينصبّ مرة أخرى على إمكان التوصل إلى اتفاق في غزة قد ينهي الصراع ويطلق سراح الرهائن المتبقين.

وقال مصدر مقرب من حماس لرويترز إن الحركة سترحب بهدنة ولو لشهرين لمواجهة العشائر المحلية التي تكتسب نفوذا. لكنه قال إن شروط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب، ومنها مغادرة قادة حماس غزة، ستعني الهزيمة الكاملة، وإن حماس لن تستسلم أبدا.

وأعرب يزيد صايغ، وهو زميل بارز في مركز كارنيغي الشرق الأوسط في بيروت، عن اعتقاده بأن حماس تحاول ببساطة الاحتفاظ بوجودها. وقال إن ذلك ليس مجرد تحد مادي للصمود عسكريا، وإنما سياسي قبل كل شيء.

وردا على أسئلة من رويترز، قال صايغ “سيواجهون خطر الإبادة على الأرض في غزة إذا لم تتوقف الحرب، لكنهم يواجهون أيضا محوهم من أيّ صيغة حكم تنهي الحرب في غزة،” حال التوصل إلى صيغة من هذا القبيل.

وظهرت عشائر فلسطينية في إطار إستراتيجية إسرائيل لمواجهة حماس. وقال نتنياهو علنا إن إسرائيل تسلح عشائر معارضة للحركة، لكنه لم يحدد أيا منها.

ويأتي أحد أبرز هذه التحديات من أبوشباب، وهي عشيرة فلسطينية بدوية تتمركز في منطقة رفح الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية. وقالت ثلاثة مصادر من حماس إن الحركة تريد القبض على أبوشباب حيا أو ميتا، وتتهمه بالتعاون مع إسرائيل والتخطيط لشن هجمات على حماس.

ويسيطر أبوشباب على شرق رفح، ومن المعتقد بأن العشيرة تتمتع بحرية الحركة في منطقة رفح الأوسع. وتظهر صور على صفحة العشيرة على فيسبوك مسلحين تابعين لها ينظمون دخول شاحنات مساعدات من معبر كرم أبوسالم. 

وتشير بيانات للعشيرة أنها تحاول بناء إدارة مستقلة في المنطقة، على الرغم من نفي محاولة أن تصبح سلطة حاكمة. ودعت العشيرة سكان رفح الموجودين الآن في مناطق أخرى من غزة إلى العودة إلى ديارهم، ووعدتهم بتوفير الطعام والمأوى.

1