انحدار مقلق في جاذبية الأردن للاستثمارات الأجنبية

أشعلت بيانات انحدار الاستثمارات الأجنبية المتدفقة إلى الأردن في العام الماضي الجدل بشأن بطء الإصلاحات وتقاعس الجهات الحكومية في الترويج لمناخ الأعمال في وقت يعاني فيه الأردن من تداعيات الأزمات الخارجية.
عمان – أظهرت بيانات رسمية أمس تراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل إلى الأردن، الأمر الذي تسبب في موجة من التساؤلات حول قدرة السلطات على استقطاب رؤوس الأموال الخارجية.
وبحسب بيانات البنك المركزي انحسر تدفق رؤوس الأموال الأجنبية بنحو 52.6 بالمئة على أساس سنوي ليبلغ بنهاية العام الماضي حوالي 679.8 مليون دينار (958.5 مليون دولار).
وتشير إحصائيات هيئة الاستثمار إلى أن عدد المشاريع بلغ في العام الماضي 406 مشروعات وفرت قرابة 12 ألف فرصة عمل.
وكان إجمالي صافي الاستثمار الأجنبي الداخل إلى الأردن قد بلغ 1.43 مليار دينار (2.02 مليار دولار) في العام 2017.
وتؤكد هذه البيانات مخاوف الأوساط الاقتصادية من أن مناخ الأعمال المحلي غير جاذب لأصحاب المشاريع مع استمرار بطء الإصلاحات رغم أن الحكومة قطعت أشواطا لتذليل العقبات أمام المستثمرين.
958 مليون دولار حجم الاستثمار الأجنبي في 2018 متراجعا بنحو 52.6 بالمئة بمقارنة سنوية
كما يلقي البعض بالمسؤولية على هيئة الاستثمار التي لم تحسن الترويج للوجهة المحلية بالشكل المطلوب خاصة وأن أعضاءها لم يجتمعوا طيلة العام الماضي للوقوف على خطط تنفيذ المشروعات.
ونسبت الصحافة الأردنية إلى مصادر مطلعة، لم تكشف عن هويتها، تأكيدها في فبراير الماضي أن مجلس الاستثمار لم يجتمع منذ عام تقريبا.
وأوضحت المصادر أن ذلك يتنافى مع الأهمية التي يراهن عليها الأردن لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
ويقول البعض من المحللين إن حالة الترقب من قبل المستثمرين في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط قد أدت إلى تراجع الاستثمارات الخاصة القادمة من الخليج والدول الأجنبية.
وتضرر الأردن بسبب انعدام الاستقرار على حدوده طيلة سنوات لأسباب منها الحرب في العراق وسوريا والوضع في الضفة الغربية المحتلة.
وضرب عدم الاستقرار اقتصاد بلد يفتقر إلى الموارد وقد استضاف أكثر من مليون لاجئ منذ بداية الأزمة السورية. وبلغ معدل البطالة بين الأردنيين وفقا لدائرة الإحصاءات العامة 18.4 بالمئة.
وشهدت البلاد في العام الماضي تنفيذ حزمة من الإجراءات لتغطية عجز الموازنة، دفعت المواطنين للنزول إلى الشوارع احتجاجا ضدها، أبرزها ضريبة الدخل وزيادة أسعار الطاقة، التي أفضت إلى إقالة حكومة هاني الملقي في يونيو الماضي.
ويعد الاستثمار الأجنبي أحد المعطيات الرئيسية الداخلة في الحساب الجاري لميزان المدفوعات، إلى جانب كل من السياحة والميزان التجاري وحوالات المغتربين.
وحقق هذا المجال أعلى قيمة له في 2008 ببلوغه مستوى ملياري دينار (2.8 مليار دولار)، لكنه تقلص لاحقا مع تداعيات الأزمة المالية العالمية.
وفي مسعى لتخفيف أزمات البلاد، قدم الأردن في فبراير الماضي قائمة مشاريع استثمارية على هامش مؤتمر لندن لدعم الاقتصاد على أمل ضخ استثمارات تساعد في امتصاص جزء من نسب البطالة.
وأكدت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي ماري كامل في تصريحات صحافية حينها أن بلادها تعمل على إصلاحات لجذب الاستثمارات الأجنبية وإشراك القطاع الخاص الدولي بالمشاريع المستقبلية في قطاعات متعددة من بينها الطاقة والإنشاءات والسياحة والخدمات.
وحتى الآن تتصدر الاستثمارات الفرنسية لائحة الاستثمارات الأجنبية، بحسب ما أكده رئيس الحكومة عمر الرزاز في وقت سابق هذا العام.
وكانت الحكومة قد صادقت في نوفمبر الماضي على تعديل شروط منح الجنسية للمستثمرين الأجانب، في خطوة تهدف منها إلى جذب المزيد من الاستثمارات وبالتالي دفع الاقتصاد الهش قدما نحو الانتعاش.
وسيُمنح المستثمر الأجنبي الجنسية الأردنية بموجب حزمة من التسهيلات، من بينها إيداع وديعة بقيمة 1.5 مليون دولار لدى المركزي دون فائدة لمدة 5 سنوات، وشراء سندات خزينة بنفس القيمة لمدة 10 سنوات بفائدة متغيرة.
وعلى المستثمر أيضا شراء أسهم في شركات أردنية بمبلغ لا يقل عن 1.5 مليون دولار، والاستثمار في الشركات الصغيرة أو المتوسطة بمبلغ مليون دولار، على ألا يتم التصرف بالأسهم لثلاث سنوات.
وتفرض الشروط على المستثمرين إنشاء مشروع في أي قطاع برأسمال لا يقل عن مليوني دولار داخل حدود العاصمة، أو لا يقل عن 1.5 مليون دولار خارج حدود العاصمة، مع توفير 20 فرصة عمل على الأقل تكون مسجلة لدى مصالح الضمان الاجتماعي.
وقذفت حزمة الدعم الخليجي المقدرة بنحو 2.5 مليار دولار بالكرة في ملعب الحكومة لإيجاد سبل لمعالجة أزماتها المزمنة، التي لم تعد قابلة للتأجيل، بينما تبدو المهمة عسيرة وسط تذمر شعبي يمكن أن ينفجر مع أي إجراءات تقشف جديدة.
وتعاني البلاد من أوضاع اقتصادية صعبة مع إقرار موازنة هذا العام والتي يقدر العجز فيها بنحو 2.8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتهدف خطة التعزيز المالي للبلاد التي طرحتها الحكومة التي بدأت مهامها قبل أقل من عام إلى خفض الدين العام إلى 77 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2021 من 95 بالمئة حاليا.