انتهاك قطري للثروة الحيوانية يثير استياء التونسيين

تونس – أدان حقوقيون تونسيون إقدام وفد قطري على اصطياد أنواع نادرة من الطيور بالجنوب التونسي، في خطوة تمثل انتهاكا للصحراء التونسية وتهديدا للثروة الحيوانية في البلاد.
ونقلت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، الخميس، عن شهود عيان قولهم إن قافلة من السيارات القطرية رباعية الدفع تجوب المناطق الصحراوية الواقعة شمال وشرق محافظة توزر مسنودة بطائرة عمودية تلاحق طرائد الصيد من غزلان وأرانب وطيور القطا والحبارى، مستعملة الصقور الصيادة والأسلحة والمناظير الدقيقة.
ونشرت المنظمة على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك فيديو لقافلة السيارات في منطقة صحراوية تتبعها طائرة عمودية.
وأقر محافظ تونس في تصريحات لوسائل إعلام محلية، بأن “شقيق أمير قطر وصل إلى توزر السبت الماضي على متن طائرة قطرية وذلك بعلم وتنسيق من السلطات المركزية”. فيما نفت وزارة الدفاع في بلاغ وجود أي ترتيب مسبق مع مصالحها بخصوص النشاط الترفيهي للزائرين أو تنقلاتهم في الفضاء الصحراوي باعتبار أن موضوع هذه التراخيص ليس من مشمولاتها، مشيرة إلى أن “المروحية المستعملة ليست عسكرية بل هي مدنية أجنبية متحصلة على التراخيص الضرورية للجولان”. وذكرت تقارير صحافية أن الحكومة التونسية قد شرعت في التحقيق بشأن قيام قطريين بعمليات صيد برّي عشوائية في الصحراء جنوب تونس، وانتهاك الثروة الحيوانية.
ويشير خبراء إلى أن القطريين دأبوا على انتهاك الصحراء التونسية منذ سنوات طويلة وتحديدا منذ بداية نظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي عام 1988، حيث كانوا مولعين باصطياد طائر الحبارى والغزال وغيرهما من الحيوانات دون اكتراث للسيادة الوطنية.
وشرح عبدالمجيد دبار الناشط البيئي لـ”العرب” تفاصيل هذه الحادثة التي كانت محل متابعته ميدانيا، وأوضح بقوله إن “الوفد القطري كان يعد لاصطياد طائر الحبارى بالجنوب التونسي منذ أكتوبر الماضي، حيث خصّص عناصر للبحث عن هذا النوع النادر من الطيور في الأماكن التي يقتات منها وتم منحها راتبا وسيارة لتسهل عليها العملية”.
وتابع “بعد ذلك يأتي الوفد إلى تونس بعد تحديد أماكن تواجد الحبارى ويكتفي بالبحث في مساحة أربعة كيلومترات ثم تسير سيارته ببطء وعند الاقتراب من الطائر تتقدم سيارة الأمير لاصطيادها، كما يطلقون طائرا من فصيلة الصقر”. وأضاف “ما يعجزون عن القيام به في صحرائهم يقومون به في صحرائنا، فصحراؤهم أصبحت خاوية لا روح فيها.. وهم لا يكتفون بصيد الحبارى، إذ يصطادون الغزال وحيوانات أخرى”.
وتعد هذه الحيوانات البرية نادرة في صحراء وبراري تونس وتحجّر القوانين المحلية صيدها. وبيّن دبار أن “موسم الصيد في تونس أغلق من 25 نوفمبر، وبالنسبة لحالات الصيد غير القار التي تشمل السياح والوافدين يجب أن تحترم فيها القانون التونسي، إذ يجب أن تتحصل أولا على ترخيص من السلطات، ما يشير إلى خرق فاضح للقانون”.
وطائر الحبارى محمي دوليا بموجب اتفاقات صادقت عليها تونس. ولفت دبار إلى أن “تونس موقعة على اتفاقيات دولية لحماية بعض الحيوانات النادرة من الانقراض ومن بينها طائر الحبارى وهو ما يثبت خرق القانون من قبل الوفد القطري”.
وأثارت هذه الحادثة استياء التونسيين واعتبروا أنها ليست فقط خرقا للقانون وتهديدا للثروة الحيوانية بالبلاد، بل هي تمس من كرامتهم وسيادة وطنهم أمام تذبذب مواقف المسؤولين حول حقيقة مد الوفد القطري بتراخيص صيد.
وقال منذر ثابت المحلل السياسي لـ”العرب” إن “المعطيات والمعلومات تؤكد أن عمليات الصيد العشوائي تمت بالصحراء التونسية”، لافتا إلى أن “هذه الممارسة ليست جديدة وبدأت منذ النظام الأسبق”.
وأشار ثابت إلى أن “الصيد بالصحراء من تقاليد القطريين، لكنّ التونسيين لا يقبلون هذه الممارسات على ترابهم وفي صحرائهم”. ورأى أنه من الضروري أن توضح السلطات كيف دخلت الطائرة المروحية التي تنقل الوفد القطري لمحافظة توزر. وأضاف “هناك حساسية في تونس تجاه كل ما يصدر من الطرف القطري نتيجة احتراز ضد السياسات القطرية في تونس.. فالحضور القطري مثير لحفيظة التونسيين لأنه كان حضورا انتقائيا وموجها”.
وطالب منذر ثابت المجتمع المدني بالتحرك لحماية الثورة الحيوانية في تونس، قائلا إنه “من غير المسموح أن تقع إبادة هذه الثورة بطريقة عشوائية واعتباطية مثلما وقع مؤخرا في محافظة توزر”.
ودعت رابطة حقوق الإنسان في تونس إلى الإيقاف العاجل لعمليات صيد الحيوانات البرية النادرة في الصحراء في الجنوب بعد تلقيها شكاوى عن وجود صيادين من دول خليجية، تحديدا من قطر في المنطقة. وأوضحت المنظمة في بيان لها موجه إلى السلطات “لقد سبق أن نبهنا مصالحكم إلى ما يحدث من استباحة لحرمة الوطن، وإبادة للثروة الحيوانية البرية النادرة والمهددة بالانقراض في صحرائنا”.
وقالت المنظمة في بيانها “نحن إذ نرفض استباحة القوافل القطرية لأراضينا ومواصلة الإبادة لثروتنا الحيوانية المجرم صيدها، والمحرم على أبناء وطننا، فإننا في نفس الوقت نستغرب المرافقة الرسمية لهذه القوافل”.