انتهاك إيراني جديد للاتفاق النووي رغم المفاوضات لإحياءه

فيينا – تواصل إيران تصعيد انتهاكاتها النووية في وقت تتفاوض فيه مع القوى العالمية لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
والسبت، أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، بدء تشغيل القطاع الثاني لإنتاج الماء الثقيل في مفاعل أراك النووي، وذلك في إطار تقليص بلاده التزاماتها بالاتفاق النووي ردا على انسحاب واشنطن منه.
وقال صالحي، في كلمة نقلها التلفزيون الرسمي خلال مراسم الاحتفال باليوم الوطني للتكنولوجيا النووية بمشاركة الرئيس حسن روحاني، "نعلن اليوم 133 إنجازا نوويا جديدا في مجال الطاقة النووية، خاصة في مجالات الصحة والصناعة والزراعة والطاقة".
وتابع أنه في الوقت الحالي، وعلى الرغم من جميع القيود والعقوبات القاسية، تتم متابعة العديد من مشاريع العلوم والتكنولوجيا النووية في إيران.
وكان تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية كشف الجمعة عن انتهاك إيراني جديد للاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى العالمية وذلك في اليوم نفسه الذي التقت فيه تلك البلدان لإحياء الاتفاق مما سيزيد على الأرجح من التوتر مع الحكومات الغربية.
وتجنبت الوكالة اتهام إيران صراحة بانتهاك الاتفاق، لكنها ترسل في العادة مثل هذه التقارير “الخاصة” إلى الدول الأعضاء في حال حدوث انتهاكات فقط.
ونقلت رويترز عن دبلوماسيين قولهما إن ما وصفه التقرير يرقى إلى حد انتهاك جديد. ويتعلق الانتهاك بما يُحسب رسميا ضمن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب.
وبعد إعلان الاتفاق النووي عام 2015 حددت الدول الموقعة عليه ما يمكن تصنيفه بأنه زيادة في المخزون واستثنت مواد مثل ألواح الوقود الخردة المحملة بيورانيوم مخصب إلى درجة قرب 20 في المئة وتوصف بأنها “مهدرة”.
لكن تقرير الجمعة ذكر أن إيران استردت بعضا من هذه المواد، وقال إنه “في السابع من أبريل، تحققت الوكالة بمصنع ألواح الوقود في أصفهان من أن إيران قد فككت ستة ألواح وقود خردة غير مشعة لصالح مفاعل طهران للأبحاث تحتوي على 0.43 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب بدرجة تصل إلى 20 في المئة يو-235”.
ورغم ضآلة كمية اليورانيوم المخصب إلا أنه يرقى إلى حد الانتهاك الجديد للاتفاق في وقت حسّاس خاصة في ظل مشاركة طهران والولايات المتحدة في محادثات غير مباشرة في فيينا بهدف اكتشاف سبل عودة الطرفين إلى الالتزام الكامل بالاتفاق النووي.
وبعد ختام محادثات بين باقي أطراف الاتفاق الجمعة، قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنه لا ينبغي للاستفزازات الإيرانية الجديدة أن تقوض الأسبوع الأول “الإيجابي” من المفاوضات.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول في تصريح للصحافيين “الأهم في هذا السياق هو امتناع إيران عن أي انتهاك آخر للالتزامات النووية قد يقوض الحراك الحالي”.
ورأى ديفيد أولبرايت، وهو مفتش سابق عن الأسلحة بالأمم المتحدة وأحد المتشددين تجاه إيران أن الخرق الأخير يثير أيضا تساؤلات بشأن ما استثنته القوى العالمية من مخزون اليورانيوم المخصب.
وقال “إذا نظرنا إلى الوراء فإن إعفاء اليورانيوم المخصب هذا قرب درجة نقاء 20 في المئة لم يكن فكرة جيدة”.
وفي وقت سابق الجمعة، قال المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران أبوالفضل عموئي، إن إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة يجري بدقة في منشآت فوردو النووية.
ونقلت وكالة "مهر" للأنباء عن عموئي قوله "بهدف مراقبة تنفيذ قانون 'المبادرة الاستراتيجية برفع الحظر، قام 12 نائبا، معظمهم من لجنتي الأمن القومي والطاقة يومي الأربعاء والخميس، بزيارة تفقدية لأربعة مواقع نووية في أصفهان ونطنز وخنداب وفوردو".
ويرى محللون أن التصريحات الإيرانية من شأنها أن تفاقم التوتر المتصاعد مع الولايات المتحدة، وقد تعرقل محاولات إدارة الرئيس الأميرك يجو بايدن لمعاودة إحياء الاتفاق النووي.
وتهدف المحادثات، التي يقوم فيها مسؤولون من الاتحاد الأوروبي بجهود مكوكية بين الولايات المتحدة وبقية أطراف الاتفاق، إلى التركيز على صميم الاتفاق، المتمثل في القيود المفروضة على أنشطة إيران النووية مقابل رفع العقوبات الأميركية وغيرها من العقوبات الدولية.
ولا تتوقع الولايات المتحدة أو إيران إحراز تقدم سريع في المحادثات التي بدأت الثلاثاء الماضي في فيينا، وذلك بسبب رفض إيران إجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة في الوقت الحاضر، لكنها واشنطن أكدت أنّها قدّمت اقتراحات “جادّة للغاية” لطهران من أجل إحياء الاتّفاق حول برنامجها النووي وتتوقع أنّ تُظهر إيران “الجدّية” نفسها فيما أبدى مشاركون في محادثات فيينا تفاؤلا حذرا.
وكانت الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق إبان إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي عارضه بشدة وسعى لنقضه، وأعاد فرض العقوبات على إيران، ما دفعها إلى انتهاك العديد من القيود المفروضة بموجبه على برنامجها النووي.
وتقول واشنطن إنها مستعدة لرفع "العقوبات التي تتعارض مع خطة العمل الشاملة المشتركة". وفي حين رفضت التوضيح، يبدو أن ذلك يستبعد العقوبات التي لا تتعلق رسميا بالقضايا النووية التي يشملها الاتفاق.
ومن المقرر أن تعاود لجنة المفاوضات الاجتماع الأسبوع المقبل من أجل الحفاظ على الزخم الإيجابي، في حين اتفقت أطراف الاتفاق الأخرى على تشكيل مجموعتين من الخبراء، مهمتهما إعداد قائمة العقوبات التي يجب أن ترفعها الولايات المتحدة عن إيران، مقابل قائمة الالتزامات النووية التي يتعين على طهران الامتثال لها.