انتكاسة لبنانية جديدة مع تأجيل النظر في قانون مراقبة رأس المال

بيروت – تعرضت الحكومة اللبنانية الثلاثاء لانتكاسة في طريق تنفيذ إصلاحاتها المرتبطة بموافقة صندوق النقد الدولي للحصول على خط ائتمان لمواجهة الأزمة المالية الخانقة، بعدما رفض نواب البرلمان بالإجماع عقد جلسة للنظر في مشروع قانون لمراقبة رأس المال (الكابيتل كونترول).
وتزامن هذا القرار مع قيام ناشطين في نقابات المهن الحرة وجمعيات المودعين في لبنان بتنفيذ اعتصام في محيط مجلس النواب رفضا لمشروع القانون المثير للجدل والرامي إلى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحويلات المصرفية والسحوبات النقدية.

إيلي الفرزلي: مع حقوق المودعين وبصدد حمايتها حتى الرمق الأخير
وجات التحركات الاحتجاجية باعتبار أن القانون يدفع الثمن للمودعين ويحمي التحويلات المالية التي حصلت في الفترة الماضية إلى خارج البلاد، كما أنه يسقط كل مفاعيل الدعاوى القضائية بحق البنوك.
ودخلت مجموعة من منظمات المجتمع المدني والنقابات والمودعين والشركات منذ عدة أشهر في معركة لاسترداد الودائع المجمدة لدى البنوك المحلية، في ظل عدم اكتراث السلطات بحل هذه المشكلة جذريا بينما تشكو فيه الدولة من أسوأ أزمة مالية على الإطلاق.
وكان من المقرر أن تعقد لجنتا المال والموازنة والإدارة والعدل النيابيتان جلسة مشتركة لمتابعة دراسة مشروع القانون واستكمال النقاش فيه، على ضوء الإيضاحات التي طلبها البرلمان من الحكومة والتي أرسلتها له بموجب مذكرة بشأن السياسات الاقتصادية والمالية الخميس الماضي.
وقال نائب رئيس البرلمان إيلي الفرزلي في تصريح صحافي “تبين أن كتاب رئيس الحكومة لا يتضمن قرارا رسميا متخذا من مجلس الوزراء، لذلك كان القرار بإجماع النواب بعدم عقد الجلسة بسبب رفضهم مناقشة أمر لا يوجد فيه وضوح في مسألة خطة التعافي الاقتصادي التي تتضمن حماية لحقوق المودعين جميعا دون استثناء”.
وأشار إلى أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أعلمه أن خطة التعافي تضمنت حماية ودائع صغار المودعين وهو مطلب صندوق النقد.
وأوضح “لكن نحن النواب لا نمثل فقط أصحاب الودائع الصغيرة بل كذلك أولئك الذين هاجروا وجمعوا الأموال ووضعوها في لبنان”. وأكد الفرزلي أن “البرلمان مع حقوق المودعين ونحن بصدد حمايتها حتى الرمق الأخير”.
ويبرر النواب عدم مناقشة القانون لغياب خطة للتعافي الاقتصادي إذ يريدون بالإجماع من خلال خطة التعافي الاقتصادي أن يطلعوا على كيفية توازن توزيع الخسائر بين المودعين والبنوك والبنك المركزي والدولة اللبنانية.
وقال الفرزلي إنه “في ظل غياب هذا التوزيع وفي ظل المخاوف المبررة لدى المودعين كان لا بد من النواب أن يؤكدوا على أن أي كابيتل كونترول يصدر، لا يمكن أن يتناقض في أي بند من بنوده تصريحا أو تلميحا حول مسألة ودائع المودعين والتفريط بها وطالبوا بالخطة لكي يبنوا على الشيء مقتضاه”.

وكانت جلسة اللجان المشتركة التي كانت مخصّصة لاستكمال بحث مشروع القانون الرامي توقفت الأربعاء الماضي عن مناقشة المشروع، بعد إعلان نواب تكتل لبنان القوي وكتلة الجمهورية القوية رفضهم ذلك قبل الاطلاع على خطة التعافي.
وعلى أساس ذلك أرسلت الحكومة نسخة عن خطة التعافي المبدئية التي عرضتها الحكومة “لوضع الملاحظات على مضمونها”.
والأسبوع الماضي أكد ميقاتي “أنه لا يمكن وضع لبنان على سكة التعافي من دون إقرار أربعة ملفات أساسية هي الموازنة العامة وقانون الكابيتال كونترول وموضوع السرية المصرفية وإعادة هيكلة البنوك”.
وشدد خلال مجلس وزراي عقد الأسبوع الماضي على أن هذه الملفات هي من الأمور التي يطلبها صندوق النقد. ولا يزال أكثر من 100 مليار دولار محتجزة في البنوك اللبنانية، وتتزايد المعارك القضائية للوصول إلى أي أموال ما زالت باقية في النظام المصرفي.
ورفع اتحاد المودعين، الذي يضم محامين ونشطاء حوالي 300 دعوى بالنيابة عن مدخرين في لبنان والخارج منذ 2019 تشمل قضايا طلب تحويل أموال وإعادة فتح حسابات مغلقة، لكنه لم يتم البت لصالح المودعين سوى في 12 قضية فقط. وقال فؤاد دبس الشريك المؤسس للاتحاد في تصريحات لوكالة رويترز الشهر الماضي إن “صغار المودعين هم الأشد تضررا”.