انتكاسة أردوغان تعمق أزمة الاقتصاد التركي

إسطنبول - عمق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أزمة اقتصاد بلاده بعد تشكيكه في فوز مرشح المعارضة في إسطنبول حيث سجلت الليرة التركية تراجعا ملحوظا في الأداء يوم الاثنين مقابل الدولار.
وحل الضعف بالليرة التركية لتسجل 5.7120 مقابل الدولار الاثنين على الفور بعد تصريحات الرئيس التركي الذي قال إن من المستحيل لمرشح المعارضة إعلان الفوز في اسطنبول بهامش بين 13 و14 ألف صوت.
وانخفضت قيمة الليرة نحو 1.58 بالمئة عن إغلاق يوم الجمعة البالغ 5.6220 بعد تصريحات أردوغان، عندما جدد قوله إن حزبه يسعى إلى إعادة فرز كاملة للأصوات في اسطنبول.
وتتعرض العملة، التي سجلت 5.6775 في الساعة 07:46 بتوقيت غرينتش، لضغوط بفعل النتائج الأولية للانتخابات البلدية والتي أظهرت فقدان حزب العدالة والتنمية السيطرة على كل من أنقرة واسطنبول لصالح حزب المعارضة الرئيسي حزب الشعب الجمهوري.
وطعن حزب أردوغان بالفعل على النتائج الأولية في جميع دوائر إسطنبول التسع والثلاثين، مما أدى إلى إعادة فرز جزئية أو كاملة في أنحاء كبرى المدن التركية.
وفي العام الماضي، فقدت الليرة نحو 30 بالمئة من قيمتها أمام الدولار بفعل المخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي وتدهور العلاقات مع واشنطن.
ومن جهته قال رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال قليجدار أوغلو الاثنين إن اللجنة العليا للانتخابات التي وافقت على إعادة فرز جزء من الأصوات في الانتخابات البلدية في إسطنبول دخلت في عملية تلحق الضرر بأمن صناديق الاقتراع.
وطلب حزب العدالة والتنمية بإعادة فرز جميع الأصوات في اسطنبول بعد خسارة مرشحه لرئاسة بلدية المدينة بفارق ضئيل يوم 31 مارس. وقلل إعادة فرز الأصوات الباطلة في بعض المناطق في اسطنبول وإعادة الفرز الكامل في مناطق أخرى خلال الأسبوع الماضي من الفارق بين الحزبين.
وقال كمال قليجدار أوغلو إنه يتوجب على قضاة لجنة الانتخابات أن يتمتعوا بالنزاهة، مضيفا أن إعادة فرز جميع الأصوات يحتاج إلى مبرر معقول.
وأضاف أنه بعد اكتمال 92.3 في المئة من عمليات إعادة الفرز الجزئي في إسطنبول، فإن أكرم إمام أوغلو مرشح حزبه يتقدم بفارق 15722 صوتا. ويقطن المدينة حوالي 15 مليون نسمة.
وتضرر حزب العدالة من خسارته لرئاسة إسطنبول والعاصمة أنقرة أكبر مدينتين بالبلاد اللتين هيمن عليهما الحزب وأحزاب إسلامية سابقة طوال 25 عاما. وصعد أردوغان نفسه للشهرة خلال رئاسته بلدية إسطنبول في التسعينات قبل أن يصبح زعيما للبلاد.
وطعن حزب العدالة والتنمية في النتائج الأولية بكل الدوائر التسع والثلاثين في إسطنبول، مما أدى إلى عمليات إعادة فرز جزئية وكلية.
وحتى الآن، تقلص التقدم الضئيل لمرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو من 25 ألف صوت الذي أعلن عقب التصويت مباشرة إلى ما يزيد قليلا على 16 ألفا بعد إعادة فرز 70 بالمئة من الأصوات.
ومع حصول إمام أوغلو ومنافسه رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم على أكثر من 4.1 مليون صوت، فإن هامش الفوز سيكون ضئيلا جدا على الأرجح لكن مرشح حزب الشعب قال إن الطعون وإعادة الفرز لن تغير النتيجة.
وستكون الخسارة في أنقرة وإسطنبول، إذا تأكدت، مؤلمة لأردوغان على نحو خاص بعدما حشد بقوة لهذه الانتخابات.
وطوال 16 عاما في السلطة، تولى أردوغان الإشراف على نمو اقتصادي قوي اعتمد على طفرة بقطاع الإنشاءات مولتها قروض رخيصة مما ساهم في توسيع قاعدة التأييد للحزب خارج نطاق الأتراك المحافظين. لكن التراجع الحاد في الليرة دفع الاقتصاد إلى الركود وأدى إلى تآكل بعض الدعم في الفترة التي سبقت الانتخابات.
ويقول حزب أردوغان، الذي فاز هو وحليفه حزب الحركة القومية بأكثر من 51 بالمئة من الأصوات في الانتخابات البلدية بكافة أنحاء البلاد، إنه فاز في النتيجة الإجمالية. لكن ذلك لا يعوض خسارة المدن الكبرى.
خطة للانقاذ
من المتوقع هذا الأسبوع أن يعلن وزير المالية بيرات البيرق، وهو زوج ابنة أردوغان، للمستثمرين الأجانب الذين انتابهم القلق الإصلاحات الهيكلية التي يأمل من خلالها تنشيط اقتصاد نُكب بارتفاع التضخم وهشاشة العملة.
وقالت وكالة أنباء الأناضول المملوكة للدولة إن هذا الإعلان سيصدر يوم الأربعاء.
وبعد أزمة العملة التي فقدت فيها الليرة في العام الماضي قرابة 30 في المئة من قيمتها يقول اقتصاديون إن تركيا تحتاج إلى تقديم التزامات طويلة الأجل من أجل زيادة الصادرات وتخفيف أعباء الشركات المثقلة بالديون وتحرير البنك المركزي من القيود لأداء مهامه.
وعشية الانتخابات قال أردوغان الذي شن حملة دعاية مكثفة قبل بدء التصويت إن حزب العدالة والتنمية سيوجه تركيزه من جديد للاقتصاد.
غير أن كثيرين من المحللين يتشككون في إمكانية طرح خطة إصلاح شاملة لاسيما بعد الانتخابات ويخشون أن يختار حزب العدالة والتنمية بدلا من ذلك تدابير تحفيزية قصيرة الأجل تخفق في معالجة نقاط الضعف الأعمق بل وربما تؤدي إلى تفاقهما.
وقال جيوم تريسكا كبير خبراء استراتيجيات الأسواق الناشئة لدى بنك كريدي أجريكول "قاعدة حزب العدالة والتنمية تريد إجراءات مواتية للنمو وتريد المزيد من التدابير المالية وتريد خفض التضخم. وهذا بالضبط هو ما فعله (الحزب) قبل الانتخابات وسيضطر لمواصلته إذا كان (أردوغان) يريد الحفاظ على شعبيته".
ومن أسباب المشكلة الاقتصادية في تركيا اعتمادها لسنوات على التمويل الخارجي الرخيص الذي غذى ازدهارا قائما على قطاع البناء. وما إن انهارت الليرة حتى وجدت الشركات أنها لا تقدر على سداد الديون وأدى ذلك إلى تعريض مؤسسات الإقراض والعاملين في الشركات للعجز عن سداد الالتزامات والإفلاس.
ومع دخول الاقتصاد حالة ركود في العام الماضي استقرت الليرة وانخفض التضخم قليلا من أعلى مستوياته في 15 سنة والذي بلغ 25 في المئة الأمر الذي أتاح شيئا من الاسترخاء.
غير أن سلسلة من الإجراءات الخاصة أججت مخاوف المستثمرين من ألا تكون تركيا ملتزمة التزاما كاملا بالسماح لعملتها بالتعويم الكلي أو للبنك المركزي بالعمل على الحفاظ على ارتفاع أسعار الفائدة، والتي تبلغ 24 في المئة منذ سبتمبر أيلول، طوال الفترة الضرورية لخفض التضخم من مستوى 20 في المئة.