انتقادات لطريقة معالجة ضعف الأداء لدى الموظفين العموميين في الكويت

ازدحام المؤسسات العمومية بعد اعتماد البصمة كشف أن غياب الموظفين كان هو القاعدة والحضور هو الاستثناء.
الاثنين 2024/09/02
في انتظار معالجة أعمق

الكويت - تواجه طريقة الحكومة الكويتية في معالجة ظاهرة ضعف أداء الموظفين العموميين وقلّة إنتاجيتهم عبر التركيز على عامل حضورهم في أماكن العمل، بانتقادات متزايدة لكون تلك الطريقة توصف من قبل منتقديها بالسطحية وغير القادرة على النفاذ إلى أصل المشكلة الذي يعود إلى طبيعة السياسة الاجتماعية التي اقتضت في الكثير من الأحيان ضمان الشغل ومورد للرزق للمواطنين، ولو برصّهم في القطاع العام المترهّل أصلا والغارق بالآلاف من الموظفين الفائضين عن الحاجة.

ويعتبر متابعون للشأن الكويتي أنّ سخاء الدولة في تقديماتها للمواطنين وحالة الرفاه التي حظي بها هؤلاء المواطنون لفترة طويلة مستفيدين من ثراء البلد بموارد النفط خلقا لديهم ثقافة اتّكالية لم تقتصر على عزوفهم عن العمل في القطاع الخاص ومهنه المتعبة ذات المردود المادي المنخفض وترك ذلك للعمال الوافدين، وتفضيل القطاع العام المريح والمدر لرواتب أفضل، بل تعدّت ذلك إلى تطوير غالبيتهم العظمى لأساليب تُفضي إلى تقاضيهم الرواتب دون تقديم أي إنتاج مقابلها ما جعل الكثير من المختصّين يصفون أوضاع الآلاف من الموظفين الكويتيين بأنّها عبارة عن بطالة مقنّعة.

واتّجهت السلطات الكويتية في الفترة الأخيرة نحو تحريك عجلة الإصلاحات المعطّلة منذ فترة طويلة مستفيدة في ذلك من قرارات أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح التي قضت بتعليق العمل ببنود في الدستور لفترة محدّدة وحلّ البرلمان الذي كثيرا ما اعترض نوابه على تمرير أي إصلاحات غير شعبية مثل فرض ضرائب وتقليص حجم الدعم للمواطنين.

◙ الإصلاح يشمل محاولة الحد من فوضى القطاع العام وإنهاء حالة التسيّب في صفوف موظفيه والتي كثيرا ما تجلّت في غيابهم المتكرر عن العمل

وشملت تلك الإصلاحات بشكل عاجل ضبط فوضى القطاع العام وإنهاء حالة التسيّب في صفوف موظفيه، والتي كثيرا ما تجلّت في غيابهم المتكرر عن العمل أو الحضور لفترات وجيزة لا تتم خلالها ممارسة أي مهام. وبهدف التغلّب على الضعف الواضح في إنتاجية القطاع العام اتّجهت الحكومة نحو محاولة ضبط عملية حضور الموظّفين باستخدام تقنية البصمة عند الحضور وعند الانصراف، بالإضافة إلى فرض بصمة خلال وقت الدوام اصطلح عليها بالبصمة الثالثة، وهو ما انتقدته عدّة جهات وشخصيات معتبرة أنّه إجراء غير مجد ولن تترتّب عليه أي نتيجة.

وكتب الإعلامي والمحلّل أحمد الصراف في صحيفة “القبس” المحلية، منتقدا اعتماد البصمة الثالثة، أنّ “قرار الحكومة، الفريد من نوعه وغير المسبوق.. من خلال إجبار الموظف على توقيع بصمة ثالثة، للتيقن من وجوده على رأس عمله، أو ‘لا عمله’، يعتبر من الأمور المخجلة في الإدارة الحكومية، بعد أن عجزت كل أجهزتها عن فرض الانضباطية عليهم، بالرغم من أن رواتبهم تبتلع أكثر من ثمانين في المئة من موازنة الدولة، وعجزها الأكبر في إيجاد عمل لهم، بسبب تخلّف الجهاز الحكومي المعني بالتوظيف والتوصيف وتوزيع الأعمال”.

وأضاف قوله “من حيث المبدأ لن يشعر بثقل البصمة الثالثة إلا من لا يقوم بعمل جيد، فعودة العاطلين للتواجد في أروقة الوزارة سيعرقل عملهم”. وخلص إلى القول “لا شك أن ضبط الحضور لا يمكن أن يأتي من خلال إجبار الموظف غير المنتج على التواجد قسرا، فقد يشكل وجوده عبئا على غيره وعرقلة وتأخيرا، خاصة أن إنتاجيته صفر في ظل جهاز إداري مهترئ يحتاج إلى نسف وليس فقط إلى بصمة ثالثة”.

كذلك نشر مركز الشال الاقتصادي في تقرير له أنّ “فرض البصمة الثالثة بقرار وزاري يعني أن النظام الإداري خرب، فإذا كان مسؤولو المؤسسات العامة عاجزين عن ضبط الحضور والغياب وفق سلطاتهم، فالمؤكد أنهم عاجزون عن إنتاج خدمة أو سلعة سليمة”.

ومما جاء في التقرير “أن الإدارة العامة تهدر كل الوقت والجهد على قضايا هامشية هي مجرد ظواهر لأمراض استوطنت”، معتبرا “أن المرض الحقيقي يكمن في تضخم أرقام البطالة المقنّعة، وأن ذلك لن يعالج بالبصمة الثالثة أو الرابعة”. ورأى محررو التقرير أنّ “الاقتصاد الكويتي عاجز عن خلق وظائف مستدامة وهناك انفصال شبه كامل بين مخرجات التعليم  هابط المستوى ومتطلبات سوق العمل”.

ولفت إلى أنّ “ما خلفته البصمة الثالثة من ازدحام مفاجئ في مقار العمل كشف أن الغلبة في مؤسسات القطاع العام كانت للغياب”، مؤكّدا أن ذلك لا يتناسب مع المكافآت المجزية التي تقدّم إلى الموظفين رغم تدهور نوعية الخدمات المقدّمة من مؤسساتهم مثل التعليم والصحة وغيرهما.

3