انتقادات على مواقع التواصل لتدشين تبون محطة تحلية مياه دون ماء

الجزائر - احتفت وسائل الإعلام الجزائرية الرسمية، بما أسمته “إنجاز مصانع تحلية مياه البحر وفي ظرف قياسي”، الذي دشنه الرئيس عبدالمجيد تبون الثلاثاء في ولاية بومرداس، بينما كان للسكان رأي آخر تداولته مواقع التواصل الاجتماعي.
وانتشر على مواقع التواصل مقطع الفيديو الذي يظهر لحظة تدشين الرئيس تبون محطة تحلية من خلال صنبور ماء، ونقلت الإذاعة الجزائرية تصريحات قال فيها عقب متابعته لعرضين تقنيين حول سير وإنجاز مصنع تحلية مياه البحر بـ”كاب جنات2” (بومرداس) والذي أشرف على تدشينه “أكرر ما صرحت به مؤخرا خلال تدشين المصانع الثلاثة لتحلية مياه البحر التي سبقت مصنع كاب جنات2، أنه شعور عظيم ونحن نؤدي واجبا ضحى من أجله شهداؤنا الأبرار إبان الثورة التحريرية، واليوم نجسد أحلامهم، لاسيما ونحن في مارس، شهر الشهداء الذي استشهد فيه أغلب قادة الثورة التحريرية المباركة.”
غير أن تعليقات السكان المحليين كشفت أن المنطقة لا زالت دون مياه وتعاني الشح والجفاف وزعموا أن الماء الذي ظهر في الفيديو لم يكن أكثر من عبوة ماء، معتبرين أن التدشين مجرد استعراض إنجازات ليس أكثر، وجاء في تعليق:
athmane_dza@
وقال ناشط:
willis_9999@
وسخر آخر من الإنجاز:
IssamElazizi@
وكتب آخر:
red_fahim@
ورأى آخر أن الانتقادات “مغرضة” مهللا للإنجاز:
Bonoise23Dz@
وخلال التدشين، نوه الرئيس تبون بـ”الإنجاز الوطني الخالص” لمصانع تحلية مياه البحر، وأكد أن “الدراسة جزائرية والإنجاز جزائري والتقنيين والإطارات والعمال كلهم جزائريون،” مبرزا أن هذا الانجاز الذي تحقق في ظرف قياسي (26 شهرا) هو “حلم كل جزائري.”
وتابع أن الانطلاق في مصانع تحلية مياه البحر وتجسيدها على أرض الواقع “أسس لمدرسة جزائرية في إنجاز المشاريع،” مضيفا في نفس الإطار أن هذه المشاريع الإستراتيجية التي ترى النور اليوم تشكل نموذجا يقتدى به “في إنجاز المشاريع الكبرى.”
لكن هذه المناسبة التي روج لها الإعلام الجزائري باعتبارها إنجازا عظيما، وجد العديد من المواطنين أنها عادية ولجأ النظام كالعادة إلى التضخيم مرة أخرى من أجل إيهام الشعب بتحقيق “إنجازات عملاقة”. رغم أن الأمر لا يتجاوز تدشين محطة لتحلية مياه البحر في بومرداس وقبلها في هران، وكان يمكن أن يتولاها وزير أو مسؤول محلي، إلا أن تبون تكبد بنفسه مشاق التنقل من العاصمة إلى وهران (432 كلم) حتى لا يُنسب هذا “الإنجاز” إلى مسؤول آخر.
وقال متابعون إن النظام استغل هذه المناسبة، عبر أذرعه الإعلامية، لتقديمها كـ”زيارة عمل تاريخية،” في محاولة لصرف الأنظار عن الفشل الذريع في تلبية الحاجيات الحقيقية للمواطنين.
◙ محطة تحلية المياه في وهران ظل الإعلام وتبون نفسه يسميها "محطة" منذ إعطاء انطلاقة تشييدها في عام 2022 وإلى غاية اليوم السابق لتدشينها
ولم يكن تدشين محطة تحلية المياه في وهران حدثا استثنائيا في حد ذاته، لكن النظام أصر على اعتباره “معجزة” ضمن مشروعه الدعائي لتسويق “الجزائر المنتصرة”، بعد تأجيلات متكررة.
وجاء اليوم الذي وُصف بـ”التاريخي” لافتتاح المحطة، رغم أنها مجرد مشروع بنية تحتية لا تستلزم كل هذه الدعاية التي رافقت تنقل الرئيس لتدشينها. إلا أن الإعلام الرسمي جعل منه إنجازا ضخما.
وظل الإعلام وتبون نفسه يسميها “محطة” منذ إعطاء انطلاقة تشييدها في عام 2022 وإلى غاية اليوم السابق لتدشينها، تحولت المحطة بقدرة قادر يوم التدشين إلى “أضخم مصنع”. وهذا التحول اللغوي ليس خطأً عابرا، بل هو أسلوب ممنهج يمارسه النظام لتضخيم أيّ مشروع يخدم دعايته، وكأن الفرق الشاسع بين المفهومين لا يهم، بقدر ما يهم تسويق صورة الدولة التي تحقق “المعجزات”.
والمحطة التي افتتحها تبون تنتج 300 ألف متر مكعب من المياه يوميا، وهو رقم لا يغطي حتى نصف حاجيات سكان وهران التي تصل إلى 630 ألف متر مكعب يوميا وفق إحصائيات 2024.
ومع ذلك، أعلن تبون بكل ثقة أن هذه المياه ستُوزع على ست ولايات أخرى في الغرب الجزائري! فكيف يمكن لهذه الكمية أن تكفي حاجيات 3 ملايين نسمة على الأقل؟ إنها ببساطة جزء من خدعة الأرقام التي يمارسها النظام للترويج لإنجازاته المتواضعة.
ولاحظ ناشطون أن تبون لم يخرج خلال زيارته الرسمية إلى وهران لملاقاة السكان والاستماع إلى نبضهم وهمومهم ومشاكلهم، مثلما وعد بذلك خلال حملته الانتخابية الثانية، واعتبروا أنه لم يقم بذلك لأنه لا يملك الجرأة لمواجهة غضب المواطنين الذين يعانون الويلات بسبب الأوضاع المعيشية المتدهورة نتيجة سياسات النظام الفاشلة على جميع الأصعدة.
وسرعان ما انتشرت التعليقات الساخرة والغاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا على الصفحة الرسمية للرئاسة الجزائرية، حيث طالب المواطنون رئيسهم بالتوقف عن سياسة الاستعراض الإعلامي والتركيز على حل المشاكل الحقيقية التي تعاني منها البلاد. كما طالبوه بالاهتمام بالمناطق الأخرى التي تعاني العطش وانقطاع المياه بدلا من الاحتفال بإنجاز متواضع.