انتعاش الليرة اللبنانية يخفض أسعار الخبز والوقود

هبوط مفاجئ لسعر صرف الدولار بعد إصدار حاكم مصرف لبنان التعميم 161 المتعلّق بإجراءات استثنائية للسحوبات النقدية.
السبت 2022/01/15
إجراءات لتخفيف كرب المواطنين

بيروت - شكل انتعاش قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار الذي انعكس على خفض أسعار الخبز والمحروقات الجمعة انفراجة للبنانيين، بعد إطلاق تنفيذ تعميم جديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بالتوافق مع رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ووزير المال يوسف خليل، لاحتواء عاجل لاجتياح تصاعدي في سعر الدولار خلال الأيام الأخيرة بلغت تداعياته حدودا بالغة الخطورة.   

وقرر وزير الاقتصاد أمين سلام، خفض سعر ربطة الخبز الأبيض (وزنها نحو 1 كلغ) من 12 ألف ليرة إلى 11 ألف ليرة، بحسب بيان صدر عن وزارته، الجمعة.

وذكرت الوزارة، أن تخفيض سعر الخبز يأتي "حرصا على قوت اللبنانيين، وتزامنا مع تراجع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، وانخفاض أسعار المحروقات".

في الإطار ذاته، انخفض سعر صفيحة المازوت (20 لترا) من 410 آلاف ليرة إلى 363 ألف ليرة، وفق بيان صادر عن وزارة الطاقة، الجمعة. كما انخفض سعر صفيحة البنزين من 378 ألف ليرة إلى 369 ألف ليرة، وفق المصدر ذاته.

والجمعة، سجل سعر صرف الليرة مقابل الدولار تحسنا ملحوظا، إثر استمرار البنك المركزي بتزويد المصارف بالدولار منذ منتصف ديسمبر الماضي، والسماح لزبائنه بسحب جزء من ودائعهم بالدولار نقدا.

كما سمح البنك المركزي للمواطنين بإمكانية استبدال الليرة بالدولار من المصارف وفق سعر صرف منصة "صيرفة" التابعة للبنك، حيث يبلغ سعر صرف الدولار الواحد فيها نحو 24 ألف ليرة.

وسجل سعر صرف الدولار الواحد في السوق الموازية الجمعة، نحو 27 ألف ليرة في السوق الموازية، بعدما كان قد بلغ مطلع الأسبوع الماضي نحو 32 ألف ليرة.

وبدا واضحا أن الهبوط المفاجئ لسعر صرف الدولار جاء نتيجة إطلاق سلامة التعميم 161 المتعلّق بإجراءات استثنائية للسحوبات النقدية، فأصبح يجاز للمصارف، زيادة عن الكوتا التي يحق لها شهريا سحبها بالليرة اللبنانية وتأخذها بالدولار الأميركي على منصة صيرفة، أن تشتري الدولار الورقي من مصرف لبنان مقابل الليرات اللبنانية التي بحوزتها أو لدى زبائنها على سعر منصة صيرفة من دون سقف محدد.

وأكّد سلامة مساء الجمعة أنه "يسعى إلى تعزيز الليرة اللبنانية مقابل الدولار بعد أن تراجعت إلى مستوى قياسي منخفض هذا الأسبوع، مما أثار احتجاجات جديدة بشأن ارتفاع الأسعار وانهيار اقتصاد البلاد".

 وفي حديث لـ"رويترز"، قال سلامة "بعد أن أصدر مصرف لبنان التعميم 161 وألغى سقفا يتعلق بمشتريات البنوك بالدولار باستخدام منصة الصيرفة الرسمية، كان الهدف من هذا التعميم تقليص حجم الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية المتداولة"، مؤكدا أن "عملية تقليص الأوراق النقدية بالليرة ستكون بين البنك المركزي والبنوك التجارية".

وأضاف "هذه المبادرة تهدف إلى كبح تقلبات سوق الصرف، وتهدف إلى تعزيز قيمة الليرة أمام الدولار".

 ويبدو أن الطابع الظرفي والآني للانفراج النسبي الحاصل سيبقى طاغيا على مجمل ظروفه، حيث لا أرضية سياسية ثابتة يمكن الرهان عليها لاستدامة أي إجراءات انفراجية إلا في إطار تخفيف كرب المواطنين وتوفير فرصة تنفس لهم لن تكون مدة مفعولها طويلة وثابتة ما دام الصراع السياسي مفتوحا.

 وبات حاكم مصرف لبنان بالذات أحد المحاور الأساسية لاستهداف سياسي من قوى نافذة ومتحكمة في السلطة، كما أن كلفة هذا الانفراج ليست قليلة خاصة وأن الاحتياطي الإلزامي لدى المصرف المركزي انخفض إلى 12.5 مليار دولار، بعدما كان 32 مليارا قبل بدء الأزمة الاقتصادية منذ عامين، مثلما أكد سلامة في ديسمبر الماضي.

ومنذ أكثر من عامين، يعاني لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية، وانهيار القدرة الشرائية للبنانيين.

ومساء الأربعاء الماضي، اقتحم عدد من المحتجين إحدى باحات مصرف لبنان المركزي في العاصمة بيروت، متخطين الحاجز الأسمنتي وقوات الأمن احتجاجا على السياسة المالية وتراجع الوضع الاقتصادي وانهيار سعر الليرة أمام الدولار.

وتفاقمت الأزمة المالية في لبنان منذ عامين، حيث وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من أسوأ حالات الركود في التاريخ الحديث، وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها، ودفعت الأزمة ثلاثة أرباع السكان إلى الفقر وبسبب نقص السلع الأساسية مثل الوقود والأدوية تحولت الحياة إلى صراع يومي.