انتعاش السفر الجوي مفتاح سوريا لاستعادة مكانتها السياحية

جهود حثيثة لتحفيز القطاع بالرهان على تذليل العقبات أمام زيادة الرحلات.
الثلاثاء 2025/04/29
استعدادات أخيرة قبل الإقلاع

يجمع المتابعون للشأن السوري على أن انتعاش حركة السفر الجوي رغم التحديات بعد سنوات من الحرب سيضع السياحة على طريق التعافي التدريجي، فعودة الرحلات وإعادة ترميم المطارات نقطتا تحول لاستعادة مكانة البلد على الخارطتين العربية والدولية.

دمشق – يحاول قطاع السياحة السوري الذي عانى كثيرا اقتناص فرص الانفتاح على الخارج من خلال تنشيط حركة النقل الجوي مع دول المنطقة العربية والخارج، الأمر الذي سيساعد البلد على جني إيرادات تمكنه من معالجة أزماته.

وتصطدم طموحات دمشق لانتشال السياحة المنهارة من الخراب الذي حل بها بسبب سنوات الحرب بالكثير من العقبات رغم بروز مؤشرات على عودة مظاهر الحياة لهذا القطاع.

وفي تحول يعكس تغيرا في موقعها على خارطة السفر، قفزت سوريا 30 مركزا دفعة واحدة لتحل بالمرتبة العاشرة بقائمة وجهات السفر الأبرز للمسافرين إلى منطقة الشرق الأوسط عام 2025، بعد سنوات من العزلة الجوية التي فرضتها الحرب والعقوبات الدولية.

وجاءت القفزة اللافتة في القائمة الصادرة عن منصة السفر الإلكتروني ويغو مدفوعة باستئناف الرحلات الدولية من مطاري دمشق وحلب خلال الربع الأول من العام الجاري.

وتوقعت ويغو أن تستمر الدولة في التقدم ضمن التصنيف داخل المراكز العشرة الأولى في الربع الثاني وما تبقى من عام 2025.

1.68

مليون زائر في أول 9 أشهر من 2024 بنمو 5 في المئة مع عوائد قدرها 150 مليون دولار

واعتبر خبراء اقتصاد هذا التقييم الإيجابي مؤشرا على بداية عودة تدريجية لحيوية قطاع السفر والسياحة إلى البلاد، لاسيما مع عودة الرحلات الجوية بين سوريا وكل من قطر والإمارات، والسعي لذلك مع السعودية.

ومن المرجح أن يوفر ذلك دفعة إضافية لجهود البلاد في استعادة التواصل مع بقية العالم وإنعاش الاقتصاد ومكوناته، بما في ذلك السياحة والسفر.

ويأتي التفاؤل إزاء التطورات في سوريا بدعم من الجهود التي تقودها الدول العربية لإعادتها إلى الساحة الدولية، والتي تجسدت أحدث أمثلتها في إعلان السعودية وقطر عن سداد متأخرات سوريا لدى مجموعة البنك الدولي، والبالغة حوالي 15 مليون دولار.

وتمكن الخطوة المؤسسة الدولية المانحة من استئناف نشاطها في البلاد بعد انقطاع دام أكثر من 14 عاما بسبب الحرب التي انتهت بالإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

كما تتيح لدمشق الحصول على مخصصات مالية خلال الفترة القريبة المقبلة، لدعم القطاعات الملحة، إضافة إلى الدعم الفني لإعادة بناء المؤسسات وإصلاح السياسات لدفع وتيرة التنمية.

وأكدت شركة طيران الرياض خلال معرض السفر العربي المقام حاليا في دبي الاثنين أن قرار إعادة فتح المجال الجوي السوري يعد خطوة إيجابية تشير إلى أن الأمور تسير نحو استعادة الاستقرار وتعزيز التواصل الإقليمي.

وذكرت أن الإجراء من شأنه تسهيل حركة النقل الجوي، إلى جانب دعم الروابط الاقتصادية والاجتماعية بين مختلف الدول. وأشارت إلى أنها تتطلع إلى توسيع شبكة وجهاتها بما يتماشى مع التطورات الإيجابية الجارية في المنطقة.

وزار وفد من الهيئة العامة للطيران المدني السعودية مطار دمشق الدولي هذا الشهر. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية عن مدير العلاقات في هيئة الطيران المدني السورية علاء صلال قوله إن “الزيارة إجراء دولي معتمد تمهيدا لإعادة تفعيل الرحلات السعودية.”

وأعلنت الهيئة العامة للطيران المدني في الإمارات هذا الشهر أيضا استئناف الرحلات مع سوريا. وأفادت بأنه يجري التنسيق لاستكمال الإجراءات لإعادة تشغيل الرحلات، بما يعزز الحركة الجوية ويسهم في دعم حركة المسافرين والشحن بينهما.

وفي دلالة على بدء النشاط الفعلي هبطت أول طائرة قادمة من مطار دمشق الدولي في الإمارات في العشرين من أبريل الجاري، وذلك بعد إعادة ربط البلدين عبر الخطوط الجوية.

وخلال يناير الماضي، استؤنفت أولى الرحلات الجوية الدولية إلى دمشق، قادمة من قطر، في إشارة رمزية إلى بداية مرحلة جديدة. وكانت الخطوط الجوية القطرية قد أعلنت عن استئناف رحلاتها إلى سوريا لتسير ثلاث رحلات أسبوعيا إلى دمشق، ليعود الربط بين العاصمة السورية والعالم.

سوريا ستتقدم في تصنيف أفضل 10وجهات إلى الشرق الأوسط خلال 2025
سوريا ستتقدم في تصنيف أفضل 10وجهات إلى الشرق الأوسط خلال 2025

وعلاوة على ذلك شهد مطار حلب الدولي حركة مماثلة، مع استئناف بعض الخطوط الإقليمية والعربية لرحلاتها، في مقدمتها الرحلات القادمة من الأردن. وكثفت الخطوط الملكية الأردنية مؤخرا رحلاتها إلى كل من دمشق وحلب، مدفوعة بتحسن نسبي في الوضع الأمني وتزايد الطلب على السفر لأغراض الزيارة والأعمال.

ورغم هذا الحراك الإيجابي، لا تزال البنية التحتية للمطارات تواجه تحديات كبيرة، فمطار دمشق، الذي يعد البوابة الجوية الرئيسية، تضرر بشكل كبير خلال سنوات النزاع، ولا تزال مرافقه بحاجة ماسة إلى التحديث وإعادة التأهيل لتلبية معايير السفر الدولية.

وظهرت مؤشرات على جهود إقليمية ودولية لدعم إعادة تأهيل المطارات السورية، إذ أبدت تركيا وقطر اهتماما بالمشاركة في مشاريع إعادة الإعمار، خصوصا في مطاري حلب واللاذقية، في إطار محادثات تشمل قضايا إعادة اللاجئين والانتعاش الاقتصادي.

ووقعت هيئة الطيران المدني السوري في مارس الماضي اتفاقا مع منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو) لتحديث البنية التحتية والقدرات الجوية السورية، مما يتيح للبلاد الالتحاق مجددا بشبكة النقل الجوي العالمية على أسس من السلامة والأمان.

ولدى سوريا شركتا طيران، الأولى السورية للطيران، وجهاتها التقليدية تشمل كلا من القاهرة ودبي والشارقة والكويت وبغداد وعدة مدن روسية. والثانية هي أجنحة الشام، وهي شركة طيران خاصة، وجهاتها التقليدية تضم الشارقة وأبوظبي ومسقط، وتوسعت تدريجيا لتغطي وجهات مثل بيروت والكويت وبغداد.

ولا توجد أرقام دقيقة حول نشاط الشركتين، لكن يتوقع أن تزداد وتيرة رحلاتهما تدريجيا مع تحسن ظروف التشغيل والتفاهمات الإقليمية، لاسيما نحو دول الخليج العربي.

وشهد قطاع السياحة انتعاشا ملحوظا في 2024 قبل أشهر على الإطاحة بالأسد، حيث قدم نحو 1.68 مليون زائر من العرب والأجانب خلال أول تسعة أشهر بنمو قدره 5 في المئة على أساس سنوي مع عوائد بقيمة 37 مليار ليرة (150 مليون دولار).

وفي ذروتها عام 2010، جذبت سوريا 10 ملايين سائح، الكثير منهم من الغربيين. وتغير كل ذلك مع بداية الحرب، التي دمرت البنية التحتية لكافة القطاعات وجعلت نصف السكان يغادرون البلاد.

وكانت الوجهة السورية تشتهر بغناها الطبيعي والأثري، وسبق أن صنفت كواحدة من أفضل المواقع السياحية في العالم، غير أن الأزمة أفضت إلى اختفاء مظاهر نشاط القطاع من البلاد.

11