انتعاش الدراما المصرية يجذب مواهب نسائية جديدة

قدّمت الدراما المصرية الكثير من النجمات من دول عربية مختلفة خلال السنوات الماضية، وأثبتن تفوقهنّ في عدد كبير من الأعمال التي شاركن فيها، وتركن بصمات واضحة، وتقدّمن على فنانات مصريات أتيحت لهنّ المشاركة في أعمال متعددة، ما أكد أن الموهبة تحتاج فقط إلى من يوفر لها فرصة النجاح.
القاهرة- نجحت التونسيتان هند صبري ودرة، والسورية كنده علوش واللبنانية نور والأردنية صبا مبارك مؤخرا، في تأكيد جدارتهنّ بالأعمال التي شاركن فيها، حتى أصبحن من نجوم الدراما في مصر خلال الأعوام الماضية.
وتضاف هؤلاء إلى عدد كبير من النجوم العرب من الرجال الذين لمعوا أو ازدادوا لمعانا في مصر التي تحوّلت الدراما فيها إلى أحد عناصر الجذب العربي، بحكم رواجها وحرصها على ضم نجوم ونجمات عرب لأسباب ثقافية وتجارية.
بدأ نجم فنانات أخريات يبزغ بعد نجاحهنّ في الأعمال الدرامية التي شاركن فيها، منهن المغربية نادية كوندا التي ظهرت مع الفنان أحمد عز ضمن مسلسل “أبوعمر المصري” والتونسية عائشة بن أحمد التي شاركت في مسلسلي “نسر الصعيد” مع محمد رمضان و”السهام المارقة”، واللبنانية دياموند بوعبود من خلال مشاركتها المبهرة أيضا في مسلسل “السهام المارقة” مع الفنان شريف سلامة.
وساهمت الخبرة في نجاح الفنانات الثلاث بمصر، كما أن كل واحدة منهنّ تمتلك تجربة خاصة في الأداء لا تشبه الأخرى، ويبدو أن مشاركتهنّ في مهرجانات دولية والتمثيل في بعض الأعمال الأجنبية مع مخرجين من جنسيات مختلفة، مكّناهنّ من التمتع بخبرات نوعية وفرت لهنّ وعيا وثقافة لتقديم أداء مقنع.
نالت المغربية نادية كوندا (28 عاما) إعجاب الجمهور المصري، وكانت حديثه في الحلقات الأولى التي ظهرت فيها ضمن مسلسل “أبوعمر المصري” عندما قدّمت دور الفتاة المغربية الجادة “كنزه” التي تعرفت على الشاب المصري أحمد عز (أبوعمر)، ووقفت إلى جواره في أزماته وارتبطا بعلاقة عاطفية معقدة لم تكتمل.
وقدّمت كوندا أداء مقنعا وسلسا مع خفة ظل لافتة، كما أن طريقة كلامها حملت جرعة سهلة من الرومانسية العصرية، فضلا عن التلقائية في الأداء والابتعاد عن التكلف في المشاهد الدرامية والرومانسية معا.
وشاركت كوندا في بعض الأفلام الفرنسية والأميركية التي منحتها خبرة جيدة، وكانت بمثابة جواز مرور لها في الدراما المصرية، ويتوقع لها النقاد المزيد من التألق والانتشار، لأن لهجتها المغربية من السهل تطويعها لتصبح قريبة من اللهجة المصرية، كي لا تنحصر أدوارها في تمثيل دور الفتاة المغربية.
ووضعت عائشة بن أحمد التي سبق لها أن شاركت في مسلسل “ألف ليلة وليلة” مع المصري أمير كرارة و”شهادة ميلاد” مع الفنان طارق لطفي، نفسها أخيرا على الطريق الصحيح في مشوارها الفني بالقاهرة، مع تحدي الفنانة لذاتها في تقديم عملين مختلفين.
وأتقنت التونسية بن أحمد دور المرأة القيادية في صفوف تنظيم داعش الإرهابي في مسلسل “السهام المارقة”، وكانت السيدة التي تملك العقل والحكمة وتساعد الآخرين في استثمار الفرصة الأخيرة والهروب من قبضة النظام الوحشي، لكنها في الوقت ذاته بدت شديدة القوة في تصرفاتها وتهديد النساء اللاتي رغبن في الهروب.
وسط القوة والصرامة والحكمة والحنكة ظهر جانب آخر من “أم أبي”، وهو اسمها في المسلسل، حملت من خلاله طابع الرومانسية لنجمات الزمن الماضي في حبها وتعلقها بـ”شريف” المخرج الذي دخل التنظيم فجأة وأجبر على الزواج منها.
وفي مسلسل “نسر الصعيد” اقتربت عائشة بن أحمد من مزاج بنت الريف البسيطة التي تعيش حياتها متعلقةً بحكايات الأساطير في الحلم بالزواج من ابن العم، الفنان محمد رمضان أو “زين القناوي” في الأحداث، وهو نموذج شهير للمرأة في غالبية البيوت في جنوب مصر.
ولعل خفة الظل التي سيطرت على شخصية “ليلى” التي أدت دورها عائشة، كانت سببا في لفت انتباه الجمهور إليها، خاصة في المشاهد التي كانت تقوم فيها بتشغيل أغاني المطرب المصري مصطفى كامل، للتعبير عن حالة حزنها وألم الفراق.
وتكتمل إطلالة الفنانات العرب في مصر مؤخرا بوجود اللبنانية دياموند بوعبود، التي عرفها الجمهور من خلال مسلسل “روبي” الذي شاركتها فيه الفنانة سيرين عبدالنور وعرض عام 2012 في عدد من المحطات العربية. ورغم أن مسلسل “السهام المارقة” عُرض على إحدى القنوات العربية (أبوظبي الفضائية)، فقد حقّقت من خلاله صدى واسعا في مصر، لأن الجمهور تعلق بالقضية التي عالجها.
وظهرت بوعبود في العمل بشخصية زوجة أحد القادة في تنظيم داعش وهو “أبوعمار” الذي لعب دوره الفنان شريف سلامة، وارتدت ثوب المرأة المناضلة التي ترفض الأفكار الظلامية وتؤسّس لتنظيم خفي لمحاربتها.
ورغم أن الفنانة اللبنانية لم تظهر سوى في الثلث الأول من أحداث العمل، حيث يتم إعدامها بعد الكشف عن حقيقتها، فقد تركت بصمة فنية في المسلسل، لأن زوجها الذي يأمر بذبحها أمام عينيه يعيش حياة قاسية يتذكر فيها تفاصيل حديثها معه ومشهد قتلها أمامه في حلقات كثيرة، وكأن دورها لم ينته عند مشهد الإعدام الذي أدته ببراعة.
ودخلت دياموند قلوب الجمهور المصري العام الماضي بعد مشاركتها في مهرجاني الجونة من خلال فيلم “القضية 23”، ومهرجان القاهرة السينمائي وحصلت فيه على جائزة أفضل ممثلة عن فيلم “في سوريا” الذي رصد أوجاع امرأة سورية تعيش تحت الحصار.
ويؤكد المسار الذي وضعته الفنانات الثلاث لخريطة انتشارهنّ في مصر، أن الطريق سيكون مفتوحا أمام مشاركات أكبر، في وقت تراجعت فيه نجومية بعض الفنانات المصريات، خاصة من استسلمن لفكرة الأنماط الجامدة من خلال الأعمال التي تكتب لهنّ خصيصا، ما يعني أنهنّ خارج إطار التجريب والمغامرة، الأمر الذي يفسح المجال أمام نجمات عرب كثيرات للحصول على نصيب وافر من الأدوار الجاذبة التي تتضمن التحلي بالجرأة والمغامرة.