انتصارات حزب الله العسكرية من لعبة الفيديو "أرما 3"

ألعاب الفيديو سلاح تضليل إعلامي من حماس إلى حزب الله.
الأربعاء 2024/11/06
هزائم متتالية

يستخدم حزب الله في دعايته حيلة استخدمتها حماس العام الماضي تتمثل في ترويج مقاطع من لعبة الفيديو "أرما 3" على أنها انتصارات عسكرية، ما أثار جدلا وسخرية حول ترويج الانتصارات الوهمية.

بيروت - جذب مقطع فيديو تداولته حسابات على موقعي إكس وفيسبوك، حديثا، ادعت أنه لتدمير حزب الله آليات عسكرية إسرائيلية خلال المعارك الجارية في جنوب لبنان، مئات الآلاف من المشاهدات قبل أن يتبين أنه مقطع من لعبة فيديو حربية استخدمت لتعظيم دعاية حزب الله.

كان الفيديو منشورا في حسابات “وهمية” تضع في مساحاتها التعريفية صورا لرئيس الوزراء العراقي الأسبق وزعيم تيار “دولة القانون” نوري المالكي، والأمين العام الراحل لحزب الله حسن نصرالله. وحاز الفيديو المتداول على مئات الآلاف من المشاهدات عبر منصة إكس.

ونشر حساب يدعى “عشقي الأبدي المالكي وافتخر الكاووشي” الفيديو، حاصدا أكثر من 700 ألف مشاهدة. وقال:

Am40sia@

أبطال حزب الله بالجنوب اللبناني شوفوا اسوو بالخنازير الصهاينة الأنجاس أثناء تقدمهم…

ونشر حساب باسم “عمانية” الفيديو وكتب:

Omaniyah1@

شوفو المشاهد اللي تثلج الصدر أبطال حزب الله بالجنوب اللبناني شوفوا اسوو بالخنازير الصهاينة الأنجاس أثناء تقدمهم.

ويظهر أن هناك تشابها في المفردات المروجة لمقطع الفيديو ما يؤكد وفق ما يقول مراققبون أنها من مصدر واحد.

وعلى منصة فيسبوك تم الترويج أيضا لمقطع الفيديو. وكتب حساب الدكتور جابر سعد:

كما قالها الأمين العام الشهيد (أبا هادي)

(لم تبق لكم دبابات)

أبطال حزب الله بالجنوب اللبناني

شوفوا اسوو بالخنازير الصهاينة الأنجاس أثناء تقدمهم…

وخلي الجماعة يجاهدون بالسنن.

لكن تبيّن أن الفيديو ليس حقيقيا وأنه عبارة عن مقطع مأخوذ من اللعبة القتالية الشهيرة لمحاكاة الحروب Arma 3، وأن الرواية المرتبطة به غير صحيحة.

ويشار إلى أن الفيديو جرى تداوله على مدار السنوات الأخيرة في نطاقات جغرافية وسياقات مختلفة.

على سبيل المثال، سبق تناقل الفيديو في عام 2022 وربطه بالحرب الروسية في أوكرانيا، وباعتباره للحظة إصابة صواريخ ثاندر الأميركية لدبابات روسية. وهي رواية غير صحيحة أيضا.

وآنذاك، نشرت حسابات مهتمة بألعاب الفيديو نفس اللقطات، قائلة إنها “لقطة اشتباك عسكري في لعبة محاكاة الحرب ARMA3″، وهو ما يرجح أن الفيديو كان رائجا في ذلك الوقت قبل أن يعاد استخدامه وترويجه على أنه يحتوي مشاهد حقيقية.

وسبق أن استخدمت كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، نفس مقطع الفيديو قبل عام لتؤكد أنها “استهدفت رتلا من الدبابات، وجاء في التعليقات المرافقة أنّ المشاهد تعود لاستهداف دبّابات إسرائيلية متوجهة نحو غزة وتدميرها”.

لعبة مثل "أرما 3" تتميز بتقنيات بصرية محسنة للغاية تظهر فيها الصور للوهلة الأولى حقيقية كما أنها تتميز بكونها قابلة للتعديل

وتبرز ألعاب الفيديو كلاعب مهم في الحروب الحالية في الشرق الأوسط. وتعج الشبكات الاجتماعية بمقاطع مأخوذة من ألعاب الفيديو تتسم في الظاهر بواقعية كبيرة لكنها تُستخدم لنشر معلومات مضللة.

تزعم الفيديوهات كلها أنها تنقل مقاطع حقيقية عن اشتباكات بالصواريخ، أو تفجيرات لدبابات بواسطة مسيّرات، أو إسقاط طائرات مقاتلة في بيئة واقعية للمدن المحترقة.

لكن في الواقع، هذه اللقطات مأخوذة من “أرما 3” وهي لعبة فيديو قتالية طورها الأستديو المستقل “بوهيميا إنترأكتيف” ومقره في تشيكيا.

ولطالما كانت الحرب الدعائية سمة من سمات الصراع بين الأطراف المتنازعة، حيث يحاول كل طرف كسب قلوب ومشاعر وعقول الرأي العام بالإضافة إلى كسب المعارك. وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية، يمكن للأطراف المتحاربة تسليح المعلومات بطرق سهلة نسبيّا وسريعة وتضمن المدى المراد لإيصالها. وبما أن الأخبار الكاذبة تنتشر عبر الإنترنت ثم تشق طريقها خارج الإنترنت، تترسخ “البيئة المعقدة للمعلومات”، مما يجعل من الصعب التمييز بين ما هو حقيقي وما هو من نسج الخيال.

وفي العاشر من أكتوبر الماضي، أصدر مطورو لعبة “أرما 3″، إرشادات لمستخدمي الإنترنت بعد تداول مقاطع اللعبة في سياق الحرب في غزة وحرب أوكرانيا، وذلك من أجل التعرف على الفارق بين اللعبة واللقطات المصورة الحقيقية.

ودعا مطورو اللعبة إلى الانتباه إلى عدد من الملاحظات عند مطالعة مقاطع فيديو يحتمل أن تكون مأخوذة من “أرما 3″، مثل التقاط مقاطع من اللعبة ذات جودة منخفضة، وغالبا ما تكون المشاهد في الظلام أو في الليل، لإخفاء التفاصيل، وعدم وجود صوت.

في هذه النوعية من المقاطع، تظهر حركة المركبات العسكرية دون أشخاص حقيقيين في اللعبة وهو أمر “لا يزال صعبا للغاية، حتى في أحدث الألعاب”، بحسب بيان مطوري “أرما 3”.

لطالما كانت الحرب الدعائية سمة من سمات الصراع بين الأطراف المتنازعة، حيث يحاول كل طرف كسب قلوب ومشاعر وعقول الرأي العام

إلى جانب المؤثرات التصويرية للانفجارات والدخان والنيران التي لا تظهر بشكل طبيعي أو منطقي، فضلا عن المركبات والزي الرسمي والمعدات غير الواقعية.

وقد استمر تحويل مقتطفات كثيرة من ألعاب الفيديو الحربية على مدى السنوات الـ10 الماضية لإنتاج لقطات مقدّمة على أنها حقيقية للصراعات، بدءا من الحرب في سوريا إلى حرب روسيا وأوكرانيا.

وغالبا ما تكشف فرق تقصي صحة الأخبار في وسائل الإعلام المختلفة عن زيف هذه المعلومات المضللة، لكن في أحيان كثيرة وقعت وسائل إعلامية في فخ هذه المقاطع المضللة، خصوصا وأن لعبة مثل “أرما 3” التي تتميز بتقنيات بصرية محسنة للغاية تظهر فيها الصور للوهلة الأولى حقيقية كما أنها تتميز بكونها قابلة للتعديل على نطاق واسع من جانب اللاعبين، الذين يمكنهم إنشاء مناطق جديدة للمواجهة أو مركبات أو أسلحة أو معدات أو سيناريوهات، بسهولة شديدة وبتكلفة قليلة، عبر مولدات الصور التي يستخدم فيها الذكاء الاصطناعي.

ولا تقتصر دعاية الحرب على تداول مقاطع فيديو من ألعاب الفيديو على أساس أنها مقتطفة من المعارك بل تشمل أيضا تداول مقاطع فيديو قديمة من أماكن أخرى في العالم والادعاء بأنها “لانتصارات” حزب الله على الجيش الإسرائيلي، وهو ما أثار سخرية كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي من الدعاية المفضوحة التي تعتمدها الجماعة.

وفي بعض الحالات، يشارك المدنيون والجهات الفاعلة غير الحكومية وحتى الحكومات الأخرى في تأجيج حرب المعلومات.

وتداولت لجان إلكترونية محسوبة على حزب الله مقطع فيديو على موقعي إكس وفيسبوك، ادعت أنه لاحتراق سيارات في إسرائيل جراء سقوط صواريخ أطلقها حزب الله اللبناني.

وكتب حساب تعليقا على ذلك:

almohamadawi31@

أنتم لا تعرفون من تقاتلون، أنتم تقاتلون أبناء حيدر الكرار هذه المرة ستحترقون أنتم وجيوشكم بالكامل #الوعد_الصادق_3_قادم #سلمان_بن_ملهي #عادل_العازمي_ضد_السعودية.

وبالتحقق من الادعاء تبين أنه مضلل، إذ إن مقطع الفيديو قديم وليس لاحتراق سيارات في إسرائيل. يعود مقطع الفيديو إلى التاسع والعشرين من يونيو 2023، ويُظهر آثار تخريب طاول سيارات ومباني في مدينة نانتير، في الضاحية الغربية للعاصمة باريس، خلال احتجاجات اندلعت عقب مقتل شاب فرنسي من أصول جزائرية على يد شرطي فرنسي، في السابع والعشرين من الشهر ذاته.

واندلعت إثر مقتل الشاب نائل مرزوق، البالغ من العمر 17 عاما، أعمال شغب في مدن فرنسية عدة، أبرزها تولوز، نانت، رين، مرسيليا وليل. وأحرق المحتجون ونهبوا محال تجارية، كما أضرموا النيران في السيارات ودمروا محطات الحافلات، فيما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفرقتهم واعتقلت منهم الآلاف.

واستمرت الاحتجاجات أسبوعا كاملا.

يأتي تداول الادعاء بالتزامن مع اندلاع العديد من الحرائق في غابات ومنازل وسيارات داخل إسرائيل، جراء سقوط صواريخ أطلقها حزب الله من لبنان.

وبالتوازي مع نشر مقاطع الفيديو المضللة ينشر حزب الله بيانت منتظمة يعلن فيها استهدافه تجمعات للقوات الإسرائيلية وقواعد عسكرية.

5