انتخاب رئيس للبنان مباشرة من الشعب حل تعوزه الإرادة السياسية وتغلب عليه الحسابات الفئوية

بيروت - كشفت أوساط سياسية لبنانية أن سليمان فرنجية رئيس تيار المردة، ومرشح الثنائي الشيعي لرئاسة لبنان، طرح على الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية مباشرة من قبل الشعب، لإنهاء حالة الاستعصاء الحالية.
ولا يعرف بعد ما مدى جدية فرنجية في طرحه للمبادرة وهل تم ذلك بتنسيق مع حلفائه لاسيما حزب الله وحركة أمل، وإن كان الكثيرون يستبعدون الأمر حيث أن الثنائي الشيعي من أبرز المستفيدين من الطريقة التي يجري بها الاستحقاق، حيث أنها تمنحه هامش المناورة والمساومة.
ويعاني لبنان منذ نحو عامين من فراغ رئاسي بعد انتهاء ولاية العماد ميشال عون في الحادي والثلاثين من أكتوبر 2022، وجرت عدة محاولات إقليمية وغربية للضغط على القوى السياسية للتوافق على رئيس جديد، آخرها زيارة لودريان الأسبوع الجاري إلى بيروت، لكن جميع المحاولات فشلت في ظل تشبث الفرقاء اللبنانيين بمواقفهم.
تمسك الثنائي بتأجيل الاستحقاق البلدي يأتي لخشيته من تصويت عقابي يضعف تأثيره على البلديات
وبموجب المادة التاسعة والأربعين من الدستور اللبناني، يتولى رئاسة الجمهورية مسيحي ماروني، ويشترط الحصول على أغلبية مؤهلة لثلثي أعضاء مجلس النواب اللبناني لانتخاب رئيس الجمهورية في الجلسة الأولى، وإذا لم يصل أيّ مرشح إلى هذا الحد تُجرى جلسات أخرى من الانتخابات حتى يفوز أحد المرشحين بأغلبية مطلقة، ولا يجوز إعادة انتخاب الرئيس الحالي إلا بعد مرور ست سنوات على انتهاء ولايته.
وقد جرت اثنتا عشرة جلسة برلمانية لانتخاب رئيس للبنان، دون نتيجة في ظل عدم اكتمال النصاب، ويصر فريق الممانعة على انتخاب فرنجية للمنصب في المقابل يتمسك الفريق السيادي الممثل في حزبي القوات اللبنانية والكتائب ومستقلين، بترشيح شخصية مستقلة عن مدار الممانعة.
وأصبح تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية سمة في لبنان، حيث يتكرر مشهد التعطيل كل ست سنوات، وسط حالة من اللامبالاة بين اللبنانيين الذين يئسوا من النخبة السياسية الحالية.
وطرح العديد من المفكرين والكتاب اللبنانيين في السابق انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب لمواجهة المعضلة المزمنة، لكن شخصية سياسية وحيدة تجرأت وتقدمت بهذا الطرح وهو المترشح السابق للانتخابات النيابية عمر حرفوش، وذلك ضمن مبادرة أطلق عليها جمهورية لبنان الثالثة.
مقترح اختيار رئيس من الشعب، قد يكون الحل الأنسب لتفادي التعطيل وعمليات الابتزاز والمساومة التي يمارسها ساسة لبنان
ويرى متابعون أن مقترح اختيار رئيس من الشعب، قد يكون الحل الأنسب لتفادي التعطيل وعمليات الابتزاز والمساومة التي يمارسها ساسة لبنان، لكن هناك شكوك حقيقية في إمكانية توفر إرادة سياسية حقيقية لتفعيل هذا الطرح.
ويقول المتابعون إن الثنائي الشيعي وهو الذي لديه حاليا اليد الطولى في لبنان، لن يقبل بهكذا اقتراح، لعدة اعتبارات بينها خسارة ورقة ضغط مهمة على الطرف المسيحي، فضلا على أن تراجع شعبيته قد تقود إلى خسارة فرصة إيصال مرشحه إلى المنصب. وكان الثنائي قد تحجج مؤخرا بالتوترات في الجنوب للتملص من إجراء الانتخابات البلدية في موعدها لتسجل بذلك ثالث تأجيل لها.
ويقول متابعون إن تمسك الثنائي بتأجيل الاستحقاق البلدي يأتي لخشيته من تصويت عقابي يضعف تأثيره على البلديات.
وأعلن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في كلمة له في احتفال تأبيني، الخميس، جهوزية الحزب لانتخاب رئيس للجمهورية، وعدم ربط الاستحقاق الرئاسي بما يجري على جبهة الجنوب.
وقال قاسم “منذ اليوم الأول ونحن نقول بأننا جاهزون لانتخاب الرئيس، وعملنا على كل التسهيلات المناسبة وتبين من خلال توزيع الكتل أننا نشكل مع عدد من الكتل النيابية العدد الأكبر من الأصوات ومع ذلك نرى تجمعات صغيرة تقول بأنها تريد أن تفرض شروطها، لا، ليس مسموحا لأيّ تجمع نيابي ولا لأيّ تكتل سياسي أن يفرض شروطه على لبنان وعلى اللبنانيين وعلينا”، في إشارة إلى قوى المعارضة.