انتخابات موريتانيا: حياد الإدارة يشعل المنافسة وولد الشيخ الغزواني الأوفر حظا

نواكشوط – تعيش موريتانيا منذ أيام على وقع الحملة الانتخابية الممهدة لاقتراع 29 يونيو في ظل تنافس شديد بين سبعة من المرشحين ساعد على نجاحه الحياد الواضح للإدارة، في وقت تميل فيه أغلب الترشيحات إلى حصول الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد الشيخ الغزواني على ولاية رئاسية جديدة.
وأبرزت خطابات المرشحين الذين يجوبون البلاد شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، المستوى المتقدم الذي وصلت إليه تجربة موريتانيا الديمقراطية. كما أظهرت مدى حياد مؤسسات الدولة ومحافظتها على المسافة نفسها التي تفصل بينها وبين المتنافسين، على عكس ما يحصل في بلدان أخرى من انحياز إلى مرشح السلطة.
وقامت مختلف الإدارات المعنية بإجراءات ملزمة للحفاظ على الحياد، وكان من بين تلك الإجراءات حظر بث المبادرات الداعمة لجميع المرشحين في وسائل الإعلام العمومية. وحرصت على منح المتقدمين بملفات مستوفاة الإجراءات القانونيةِ تزكيات الترشح، ولم تسجل خروقات ولا تظلمات ولا مضايقات لأي حزب من الأحزاب المتنافسة، سواء تعلق الأمر بالإدارات الإقليمية أو بالإدارة المركزية.
ولد الشيخ الغزواني يحظى بدعم قيادات بارزة من المعارضة ومجموعة من الأحزاب السياسية، ما يؤهله للفوز من الدور الأول
وكانت الحملة الدعائية للانتخابات الرئاسية في موريتانيا قد انطلقت الخميس 14 يونيو. وافتتح أغلب المرشحين حملاتهم من العاصمة نواكشوط، فيما اختار عدد منهم الانطلاق من ولايات داخلية، وشهدت المدن الرئيسية مهرجانات للمرشحين السبعة استمرت حتى ساعات الصباح الأولى من يوم الجمعة الذي تلا يوم الافتتاح.
ويعتبر الرئيس المنتهية ولايته المرشح الأوفر حظا في الفوز بولاية ثانية نظرا إلى ما يتمتع به من دعم من مختلف التشكيلات السياسية والاجتماعية في البلد.
ويقول أنصار الرئيس ولد الشيخ الغزواني إن ولايته الأولى شهدت تحولات اقتصادية وتدخلات اجتماعية انعكست إيجابا على حياة مئات الآلاف من الأسر، إضافة إلى الرعاية الصحية التي شملت أغلب الطبقات الهشة وسكان الأحياء الشعبية.
وعمل الرئيس المنتهية ولايته على إشراك مختلف الفرقاء السياسيين في صنع القرار؛ وذلك عبر التشاور والانفتاح واتباع سياسة الباب المفتوح. ومن خلال تلك السياسة تمكّن من استقطاب عدد كبير من قياديي المعارضة الذين أعلنوا دعمهم له في هذه الحملة، ومن أبرزهم زعيم المعارضة أحمد ولد داداه، والرئيس السابق لحزب تواصل الإسلامي جميل منصور، ونائبه محمد غلام ولد الحاج الشيخ، وعدد من النواب السابقين للحزب نفسه.
ويحظى ولد الشيخ الغزواني بدعم من مجموعة كبيرة من الأحزاب السياسية على رأسها حزب الإنصاف ومبادرات غير حزبية على رأسها منصة الشعب التي نظمت عدة تظاهرات في العاصمة نواكشوط وفي بقية المدن. وترى منصة الشعب في الرئيس ولد الشيخ الغزواني الخيار الآمن الذي يمكن أن يوصل البلد إلى بر الأمان في ظل تحديات داخلية وخارجية كبيرة على رأسها الوضع الأمني والاقتصادي.
الرئيس المنتهية ولايته عمل على إشراك مختلف الفرقاء السياسيين في صنع القرار؛ وذلك عبر التشاور والانفتاح واتباع سياسة الباب المفتوح
ويعلق الشباب في منصة الشعب آمالا كبيرة على الولاية الثانية لولد الشيخ الغزواني، الذي وعدهم بأنها ستكون ولاية شبابية بامتياز، وهو ما سينعكس على الواقع المعيش ويثبّت الشباب في مناطقهم الأصلية، سواء في الأرياف أو في العاصمة؛ الأمر الذي من شأنه أن يخفف موجة النزوح الجماعي الذي تشهده البلاد منذ أعوام عديدة.
ويتوقع المراقبون أن ينجح المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني من الدور الأول بنسبة تقارب 60 في المئة، خاصة في ظل محدودية فرص منافسيه.
وينافس ولد الشيخ الغزواني في الانتخابات معارضون من بينهم حمادي ولد سيدي المختار ذو المرجعية الإخوانية عن حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الذي فقد عددا كبيرا من وجوهه البارزة التي انتقلت إلى دعم ولد الشيخ الغزواني، الأمر الذي انعكس على حملة حزب تواصل من خلال خفوت الزخم الإعلامي.
كما ينافسه الناشط الحقوقي النائب بيرام الداه اعبيدي، ويعتبر مرشحا مشاكسا يمتلك شعبية واسعة يعزف من خلالها على وتر شرائحي، لكنه فقد خلال الولاية الأولى لولد الشيخ الغزواني الكثيرَ من بريقه، خاصة بعد التصريحات التي أثنى فيها على الرئيس ولد الشيخ الغزواني حينما وصفه بأوصاف عظيمة، قبل أن يتراجع معلنا عداء جديدا لكل ما يمت إلى النظام الحاكم بصلة، الأمر الذي فسره المتابعون للشأن السياسي الموريتاني بكونه ردّ فعل على الحرمان من بعض الامتيازات المادية.
والمنافس الآخر هو النائب البرلماني المحامي العيد ولد محمدن، وهو وجه شبابي وناشط من قادة حراك لحراطين، يتمتع بقبول في مختلف الأوساط لكنه يفتقد التجربة وليست له قاعدة جماهيرية عريضة تمكنه من أن يكون منافسا حقيقيا على كرسي الرئاسة.
ونجد كذلك البروفسور أوتوما أنتوان سليمان سوماري، وهو طبيب مرموق من قومية الزنوج، لا علاقة له بالسياسة، لكنّ طموحا ما قاده إلى الترشح بإمكانية ضئيلة للفوز. كما نجد مامادو بوكاري، المرشح الآخر عن طبقة الزنوج، ولا يعرف له تاريخ سياسي بارز. وكذلك مفتش المالية محمد الأمين المرتجي الوافي، وهو وجه معروف، وسبق أن ترشح لرئاسيات 2019.