انتخابات محلية في بريطانيا تشكل اختبارا لجونسون وتصويتا حاسما لأيرلندا الشمالية

خسارة المحافظين للانتخابات قد تعجّل برحيل رئيس الوزراء البريطاني.
الجمعة 2022/05/06
جونسون العنيد أمام تحدي البقاء في منصبه

تلعب القضايا المحلية دورا كبيرا في التصويت في الانتخابات المحلية في المملكة المتحدة، لكن القضايا الوطنية تلعب أيضا دورا في تحديد توجهات الناخبين. وتخيم على الانتخابات هذه المرة فضيحة "غايت بارتي" التي أضرت بشعبية رئيس الوزراء البريطاني المحافظ بوريس جونسون كما أن بروتوكول أيرلندا الشمالية يثير انقسامات محلية ووطنية.

لندن - أدلى البريطانيون بأصواتهم الخميس في انتخابات محلية ستكشف حجم الضرر الذي ألحقته فضيحة الحفلات خلال إجراءات العزل (بارتي غيت) بحزب المحافظين بزعامة بوريس جونسون، وتبدو حاسمة لأيرلندا الشمالية حيث يأمل جمهوريو حزب الشين فين تحقيق نصر تاريخي فيها.

وجرت المنافسة على الآلاف من المقاعد في المجالس المحلية في إنجلترا وأسكتلندا وويلز مما سيسمح للناخبين بإبداء آرائهم للمرة الأولى بعد أشهر من الكشف عن الحفلات التي أقيمت في مقر رئاسة الحكومة أثناء فترات إجراءات العزل للحدّ من انتشار كورونا.

وفي حال تسجيل نتائج سيئة، يمكن إقناع بعض نواب الأغلبية الذين ما زالوا في حالة ترقب، بسحب دعمهم لبوريس جونسون المصمم على البقاء في السلطة على الرغم من الغرامة التي فرضت عليه، في سابقة لرئيس حكومة في المنصب. وبدا جونسون مرتاحا ومبتسما عندما أدلى بصوته في مركز للاقتراع في وسط لندن الخميس، فيما تعلن النتائج النهائية نهاية الأسبوع.

وفي تسجيل فيديو نُشر على حسابه على تويتر، شجع رئيس الوزراء الناخبين على التصويت لصالح المحافظين من أجل "حماية موازنة عائلتك" لأن انخفاض القوة الشرائية يتصدر اهتمامات الناخبين.

وبعيدا عن انقسامات البرلمان، يلوح في الأفق زلزال سياسي في أيرلندا الشمالية حيث يحتل الصدارة في استطلاعات الرأي حزب الشين فين في المجلس المحلي للمرة الأولى منذ مئة عام في تاريخ المقاطعة البريطانية التي يبلغ عدد سكانها 1.9 مليون نسمة في أجواء توتر منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست).

جونسون نجا حتى الآن من مساعي الإطاحة به عبر دعم أوكرانيا، لكن إذا جاءت نتائج التصويت كارثية فقد يتغير الأمر

وفي أيرلندا الشمالية، يمكن أن يؤدي التصويت إلى إعادة تعريف المملكة المتحدة، إذ يشير آخر استطلاع للرأي إلى تقدم بفارق ثماني نقاط للشين فين المؤيد لإعادة توحيد أيرلندا الشمالية مع جمهورية أيرلندا، أمام الوحدويين في الحزب الديمقراطي الوحدوي الذي يحظى بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان المنتهية ولايته، وبتعادل مع الحزب الوسطي "تحالف".

وسيدفع فوز الشين فين، وهو الواجهة السياسية للجيش الجمهوري الأيرلندي سابقا، نائب رئيسه ميشيل أونيل إلى منصب رئيس الحكومة المحلية التي يفترض أن تضم القوميين والوحدويين بموجب اتفاق السلام الموقع في 1998. لكنه قد يؤدي إلى شلل أيضا.

وخلال المناظرة الأخيرة عبر هيئة الإذاعة البريطانية الثلاثاء، حذر زعيم الحزب الديمقراطي الوحدوي جيفري دونالدسون من أن حزبه سيرفض تشكيل هيئة تنفيذية جديدة ما لم تعلق حكومة المملكة المتحدة الوضع الخاص للمقاطعة منذ بريكست الذي يرى الموالون للعرش أنه يلحق ضررا بالعلاقات مع سائر المملكة المتحدة.

واتهمته ميشيل أونيل بأنه يحرم ناخبين أيرلندا الشمالية من خيار تقرير مصيرهم. وأكدت أن حزبها الذي خاض حملة شدد خلالها على أزمة القوة الشرائية، ليس لديه “هاجس” التصويت على إعادة التوحيد.

وعبرت ألين ألن التي تملك متجرا في منطقة وحدوية عن قلقها من فوز محتمل للشين فين لكنها انتقدت الحزب الوحدوي الديمقراطي. وقالت "آمل أن يفوزوا لكن لا أحد يعمل فعلا من أجل الشعب".

لكن قد يشكل ذلك مشكلة بالنسبة إلى تشكيل حكومة لأن الأحزاب الصغيرة الموالية لبريطانيا والتي يجب أن يتقاسم شين فين السلطة معها لم تعلن بعد أنها مستعدة للعمل مع رئيس وزراء جمهوري.

وذكرت صحيفة التايمز أن رئيس الوزراء البريطاني بصدد منح المحادثات مع الاتحاد الأوروبي بخصوص أيرلندا الشمالية “فرصة أخيرة” قبل سن تشريع يتيح له إبطال بروتوكول مثير للجدل يحكم التجارة بعد خروج بريطانيا من التكتل.

وقال التقرير إن جونسون أرسل وزير شؤون أيرلندا الشمالية كونور بيرنز إلى واشنطن في محاولة لتفسير استراتيجية الحكومة الجديدة التي ستمنح الوزراء سلطة تعليق جزء من الاتفاقية، التي وقعها جونسون في 2019، على نحو أحادي. وحاولت بريطانيا والاتحاد الأوروبي على مدى شهور حل الأزمة المتعلقة ببروتوكول أيرلندا الشمالية الذي يحدد قواعد التبادل التجاري للمنطقة التابعة لبريطانيا والذي وافقت عليه لندن قبل خروجها من الاتحاد الأوروبي لكنها تقول الآن إنه غير قابل للتطبيق.

وأكد جون بوتس (56 عاما) الموظف في البلدية أن الاستفتاء على إعادة التوحيد ليس من أولويات الناخبين. وقال “دعونا نجعل ستورمونت (المجلس المحلي) يعمل، ونحل قضايا الأجور والصحة والتعليم والأوبئة، وبعد ذلك يمكننا مناقشة الدستور قليلا”.

حزب العمال يريد استعادة معاقله السابقة التي أصبحت محافظة في الانتخابات الأخيرة في 2019 في شمال إنجلترا ووسطها

وفي بقية أنحاء المملكة المتحدة، ستكشف هذه الانتخابات المحلية التي لا تلقى إقبالا كبيرا على التصويت عادة، عن مواقف الناخبين تجاه المحافظين في السلطة بعد انتقاد طريقة إدارتهم للوباء واعتبار إجراءاتهم غير كافية لمساعدة الأسر التي يخنقها التضخم.

وانهارت شعبية جونسون (57 عاما) الذي تولى رئاسة الحكومة قبل نحو ثلاثة أعوام بعد فضيحة “بارتي غيت” التي فرض عليه على أثرها غرامة وأطلقت دعوات إلى استقالته. وقد نجا حتى الآن من العاصفة بتسليطه الضوء على دوره الكبير في الدعم الغربي لأوكرانيا لكن إذا جاءت نتائج التصويت كارثية فقد يتغير ذلك.

وما زاد الطين بلة أنه واجه صعوبات على شاشة التلفزيون في نهاية الحملة حول موضوع القوة الشرائية. ويأمل حزب العمال، وهو حزب المعارضة الرئيسي، في الاستفادة من نقاط ضعفه وإن كان زعيمه كير ستارمر (59 عاما) متهما بخرق القواعد الصحية بعد أن شارك البيرة والكاري مع فريقه خلال رحلة في أبريل 2021. وصوت ستارمر في بلدة كنتيش برفقة زوجته.

ويأمل حزب العمال في الفوز بمقاعد في لندن بما في ذلك في معاقل يشغلها المحافظون تقليديا مثل وستمنستر واندسوورث وكنسنغتون وتشيلسي. ويريد حزب العمال أيضا استعادة معاقله السابقة التي أصبحت محافظة في الانتخابات الأخيرة في 2019 في شمال إنجلترا ووسطها.

وفي دودلي (شمال) سيصوت بوب وهو عامل متقاعد لحزب العمال "للاحتجاج". وقال إن "ما يدفع الناس إلى الجنون هو غلاء المعيشة. كلفة الغذاء أصبحت أكبر والطاقة أيضا". وفي منطقة بارنت المحافظة، حيث تقطن جالية يهودية كبيرة، ستشير النتيجة إلى ما إذا كان زعيم حزب العمال كير ستارمر استعاد ثقة المجتمع الذي ابتعد عن الحزب في عهد سلفه جيريمي كوربين، المتهم بالتراخي في مواجهة معاداة السامية.

5