انتخابات كردستان العراق تتجه مجددا نحو التأجيل

الحزب الديمقراطي الكردستاني يبذل جهودا كبيرة لتأجيل الانتخابات التي سبق أن أعلن عن مقاطعتها.
الجمعة 2024/05/24
انتصرنا

أربيل (العراق) - سلكت أزمة الانتخابات البرلمانية لإقليم كردستان العراق، طريقها نحو الانفراج بعد أن فتحت السلطتان القضائية والتشريعية العراقيتان الطريق لتأجيل موعدها المحدّد سابقا بشهر يونيو القادم.

وأعلنت جمانة الغلاي المتحدثة باسم المفوضية المستقلة العليا للانتخابات (اتّحادية)، الخميس، أنّ الأخيرة ستطلب رسميا من رئاسة إقليم كردستان تحديد موعد جديد لإجراء الاستحقاق الانتخابي في بحر الأشهر الستة القادمة.

وسيكون التأجيل الجديد هو الرابع من نوعه منذ نهاية الفترة القانونية لبرلمان الإقليم سنة 2022 وتحديد تاريخ الثامن عشر من نوفمبر 2023 موعدا لإجراء انتخابات لتجديد تركيبته، قبل إرجائها إلى الخامس والعشرين من فبراير 2024، ثم تحديد موعد آخر لها هو العاشر من يونيو القادم.

التوافقات السياسية هي الفيصل في قرار تأجيل انتخابات برلمان إقليم كردستان رغم الغطاء التشريعي والقانوني للقرار

وتمّ توفير غطاء تشريعي وقانوني لتأجيل الانتخابات، لكنّ المؤكّد أن التوافقات السياسية هي من لعبت الدور الأبرز في قرار التأجيل.

وبذل الحزب الديمقراطي الكردستاني القائد الرئيسي للسلطة المحلية في الإقليم جهودا كبيرة لتأجيل الانتخابات التي سبق أن أعلن عن مقاطعتها بسبب إدخال القضاء العراقي تعديلات على قانونها وطريقة إجرائها احتجّ عليها الحزب بشدّة كونها لم تصبّ في مصلحته، وبدا أنّها تخدم مصلحة غريمه حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان قد طالب القضاء بإجراء تلك التعديلات.

وأجرت قيادات الحزب الديمقراطي اتصالات مكثّفة مع القوى والأحزاب الشيعية المتحكّمة في زمام السلطة الاتحادية العراقية التي وقفت وراء القرار البرلماني الأخير بتمديد فترة عمل مفوضية الانتخابات، ما أتاح بالنتيجة إمكانية تحديد موعد جديد لانتخابات برلمان إقليم كردستان التي ستشرف عليها المفوضية ذاتها.

وزار القيادي في الحزب نيجيرفان بارزاني الذي يتولى رئاسة إقليم كردستان بغداد مرتين في ظرف أقل من أسبوعين، كما زار طهران التي تجمعها علاقات وثيقة مع القوى الشيعية الحاكمة في العراق.

وسيكون أمام الحزب الديمقراطي الذي حقق انتصارا سياسيا على حزب الاتحاد الوطني المتمسّك بإجراء الانتخابات في العاشر من يونيو القادم، تقديم مرشّحيه بعد أن كان أحجم عن ذلك تنفيذا لقراره بالمقاطعة.

ويعكس تسليم كبار الفاعلين السياسيين في العراق بوجوب تأجيل الانتخابات قناعتهم بعدم إمكانية إجرائها في غياب الحزب الديمقراطي الذي يظل الرقم الأصعب في معادلة السلطة في الإقليم.

وكان من أبرز التعديلات التي احتج عليها الحزب الديمقراطي إلغاء المقاعد الإحدى عشرة المخصصة للأقليات في برلمان الإقليم ضمن نظام الكوتا، مقلّصا بذلك عدد المقاعد البرلمانية من 111 مقعدا إلى 100 مقعد.

وتم التراجع جزئيا عن ذلك التعديل بأن قرّرت الهيئة القضائية للانتخابات تخصيص خمسة من مجموع المئة مقعد في برلمان كردستان للأقليات بواقع مقعدين في محافظة أربيل ومثلهما في محافظة السليمانية ومقعد واحد في محافظة دهوك.

وقالت الغلاي لوسائل إعلام محلية إنّ مجلس المفوضين مستعد لإجراء الانتخابات بعد تصويت مجلس النواب العراقي على التعديل الثاني لقانون المفوضية العليا للانتخابات والذي مدد عمل المفوضية 6 أشهر إلى يناير 2025.

إقليم كردستان الذي يتمتع بالحكم الذاتي منذ العام 1991 يقدم نفسه على أنه واحة استقرار جاذبة للاستثمارات الأجنبية في العراق، لكن نشطاء معارضين يدينون الفساد المستشري هناك

ومن جهته أفاد المتحدث باسم رئاسة إقليم كردستان دلشاد شهاب بأنّ الرئاسة بانتظار قرار رسمي من المفوضية العليا لتحديد موعد إجراء الانتخابات.

وأكّد عماد جميل، رئيس الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات، جاهزية المفوضية لإنجاز الاستحقاق، وقال لوسائل إعلام محلية إنّ المفوضية أكملت استعداداتها اللوجستية وأعدت أجهزتها وما يتعلق بها ولم يبق سوى تسجيل الأحزاب وقوائمها وتدريب الكوادر وتعيين موظفي الاقتراع البالغ عددهم ما بين 35 و40 ألف موظف لتسيير عملية الاقتراع في أحسن الظروف.

وجاء التعثّر في إجراء انتخابات إقليم كردستان العراق كصدى لاشتداد الصراعات الحزبية في الإقليم وهو عامل ثابت في الحياة السياسية العراقية ككل وسبب في تعطيل مؤسسات الدولة التي يتمّ تسييرها وفق نظام المحاصصة التي كثيرا ما تؤول إلى انسدادات عندما لا يتوافق الأفرقاء على تقاسم السلطة وما توفّره من نفوذ وما تدرّه من مكاسب مادية مباشرة.

وينطبق الأمر حاليا على مجلس النواب العراقي الذي لم يتمكّن على مدى ستّة أشهر من انتخاب رئيس جديد له خلفا للرئيس السابق الذي استُبعد من عضوية المجلس بقرار قضائي، كما ينطبق على الحكومتين المحليتين لكل من محافظتي ديالى وكركوك حيث منع الصراع على المناصب القيادية فيهما من تشكيلهما بعد أكثر من خمسة أشهر على إجراء انتخابات مجالس المحافظات.

ويقدم إقليم كردستان الذي يتمتع بالحكم الذاتي منذ العام 1991 نفسه على أنه واحة استقرار جاذبة للاستثمارات الأجنبية في العراق، لكن نشطاء معارضين يدينون الفساد المستشري هناك ويتحدثون عن قمع أيّ صوت معارض وعن اعتقالات تعسفية متكررة.

3