انتخابات في البوسنة على وقع انقسامات عرقية متزايدة

سراييفو - صوّت البوسنيون الأحد في انتخابات عامة تجري في أوج أزمة سياسية في بلد تمزقه انقسامات متزايدة بين قومياته تهدّد سلامته ووحدة أراضيه.
وبين التهديدات الانفصالية من الصرب الأرثوذكس، والشعور بالإحباط لدى الكروات الكاثوليك الذين لم يعودوا يريدون التعايش مع مسلمي البوسنة الذين يحلم كثيرون منهم بـ”دولة مواطنة”، يخشى كثيرون حدوث اضطرابات جديدة بعد الانتخابات.
وتنقسم الدولة الصغيرة والفقيرة الواقعة في البلقان بين كيان صربي هو “جمهورية صرب البوسنة” واتحاد فدرالي كرواتي مسلم، يرتبطان ببعضهما عبر سلطة مركزية غالباً ما تكون مشلولة.
واستُمدّ هذا النظام من اتفاقيات دايتون التي جرى التوصل إليها في 1995 برعاية الولايات المتحدة، وقد أنهت حربا قتل فيها مئة ألف شخص.
500
ألف شخص غادروا البلاد منذ آخر إحصاء سكاني في العام 2013، عندما كان عدد السكان 3.5 مليون نسمة
وبدأ الناخبون صباح الأحد المشاركة في اقتراع معقّد لتسمية الأعضاء الثلاثة في الرئاسة الجماعية للبوسنة، ونواب البرلمان المركزي ونواب الكيانين، وكذلك رئاسة جمهورية صرب البوسنة.
وقالت الخبيرة الاقتصادية إمرا بيسيتش (57 عاماً) “لا آمل في أي شيء، أصوّت لأنه الشيء الوحيد الذي يمكنني فعله كفرد”.
وفي المجموعات الثلاث، ينخرط القادة الذين يشغلون المناصب العامّة منذ فترة طويلة في نزاع قومي للسيطرة على السلطة، بينما يفضّل الكثير من المواطنين المنفى على مواجهة الافتقار إلى الآفاق السياسية والاقتصادية.
وقد غادر حوالي 500 ألف شخص البلاد منذ آخر إحصاء سكاني في العام 2013، عندما كان عدد السكان 3.5 مليون نسمة وفقاً لتقديرات “الاتحاد من أجل عودة دائمة”، وهي منظمة غير حكومية محلية.
ويسعى ميلوراد دوديك الزعيم السياسي الراسخ لصرب البوسنة والممثل الصربي المنتهية ولايته في الرئاسة الجماعية، لرئاسة جمهورية الصرب هذه المرة. وقد ضاعف القومي البالغ 63 عاماً التهديدات الانفصالية في الأشهر الأخيرة، ممّا أدّى إلى فرض عقوبات عليه من قبل واشنطن ولندن. وقد أكد دوديك مراراً أن البوسنة دولة “فاشلة”.
وقال بعد الإدلاء بصوته في قريته لاكتاسي إن “الناس لديهم الحافز للتصويت من أجل الاستقرار والسلام وحياة آمنة في هذه المنطقة”.
ويراهن بعض المحللين على فوز هذا المعجب الكبير بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رغم أن منافسته الرئيسية الأكاديمية يلينا تريفيتش (39 عاما) تؤكد العكس.
وتلعب الأخيرة أيضاً على الوتر القومي ولكنها تعد بالقضاء على النظام الفاسد الذي أسسه ميلوراد دوديك، حسب تعبيرها. وتقول “ثأرنا سيُمارس بالقانون”.

وفي المجموعة البوسنية يسعى بكر عزت بيغوفيتش زعيم الحزب الرئيسي “حزب العمل الديمقراطي” القومي للفوز بولاية ثالثة في المقعد الإسلامي للرئاسة الثلاثية.
ودعا البوسنيين إلى انتخاب ممثلين “لن يفرضوا حصارا أو يتسببوا بأزمات ولن يُخرجوا الشباب من البوسنة والهرسك”.
ويخوض ابن أول رئيس للبوسنة المستقلّة لعبة أصعب من ذي قبل ضدّ مرشح يدعمه أحد عشر حزباً معارضاً وعددا هاما من صناع الرأي في البوسنة. ويقوم دينيس بيسيروفيتش مدرّس التاريخ البالغ 46 عاماً بحملة من أجل بوسنة “موالية لأوروبا وموحدة».
ومن جهتهم، يبدو الكروات الذين هدّدوا لأشهر بمقاطعة الاقتراع، غير مسرورين بتقاسم الاتحاد مع البوسنيين. ويطالبون بكيانهم الخاص أو على الأقل بتعديل القواعد الانتخابية. فهذه القواعد تسمح للبوسنيين الذين يشكّلون غالبية كبيرة داخل الكيان المشترك، بانتخاب العضو الكرواتي في الرئاسة الثلاثية.
وسيواجه ممثل الكروات المنتهية ولايته في مجلس الرئاسة زيليكو كومشيتش، حامل لواء دولة “مواطنة” تعتبر “غير شرعية” من قبل جزء كبير من مجموعته، بوريانا كريستو مرشحة “حزب الاتحاد الديمقراطي الكرواتي” القومي. وفي حال انتصاره، يخشى البعض حدوث اضطرابات جديدة وعرقلة مؤسّسية.
