اليونان تهدد تركيا بمحكمة العدل الدولية

أثينا - لم تكتف السلطات اليونانية بإدانة الاتفاق البحري الموقع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، بل دفعت في الساعات الأخيرة إلى لعب كافة أوراقها عبر تأكيد رغبتها في المشاركة بمؤتمر برلين المرتقب.
وعبرت اليونان بعدما طردت في مطلع الشهر الجاري السفير الليبي ردا على الاتفاق المثير للجدل والذي قوبل بإجماع دولي على وجوب إدانته، عن نيتها المشاركة في إيجاد حل للأزمة الليبية في مؤتمر برلين وذلك بالتزامن مع الحرب الدائرة في شرق الأبيض المتوسط حول الغاز.
وأعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في مقابلة مع مجلة “تو فيما” الأسبوعية اليونانية أن بلاده تريد المشاركة في مؤتمر مرتقب حول ليبيا في يناير المقبل برعاية الأمم المتحدة، بينما يتصاعد التوتر مع تركيا المجاورة.
كما قال ميتسوتاكيس إنه إذا لم تتمكن أثينا وأنقرة من حل النزاع بينهما بشأن تحديد السيادة على المناطق في البحر المتوسط فإن عليهما اللجوء إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي لتسوية الخلاف.
وأضاف إنه يرى أن على بلاده وتركيا بحث خلافاتهما بشأن المناطق البحرية في بحر إيجه وشرق المتوسط على المستويين السياسي والدبلوماسي.
لكنه أضاف “علينا أن نقول بوضوح إنه في حال عدم تمكننا من التوصل إلى حل فعلينا أن نتفق على أن الخلاف الذي تعترف به اليونان (بشأن المناطق البحرية) يجب أن يتم البت فيه لدى محكمة العدل الدولية في لاهاي”.
وتقدمت قبرص بالفعل بالتماس إلى محكمة العدل الدولية هذا الشهر لحماية حقوقها في الموارد قبالة سواحلها. ولم يصدر أي تعليق حتى الآن من تركيا على تلك الخطوة.
وقال ميتسوتاكيس “لا نريد مصدر عدم استقرار في جوارنا. نريد أن تكون لنا كلمة بشأن التطورات في ليبيا”. وأضاف “نريد أن نكون جزءا من الحلّ في ليبيا لأن ذلك يعنينا أيضا”.
وتنظّم الأمم المتحدة مؤتمرا دوليا ببرلين في يناير المقبل لوضع حدّ للخلافات الدولية بشأن ليبيا وفتح المجال أمام حلّ سياسي للنزاع الذي يمزّق البلاد. وتشهد ليبيا نزاعا وحالة من الفوضى منذ سقوط الزعيم السابق معمر القذافي في 2011. وتتنازع سلطتان على الحكم في ليبيا هما حكومة الوفاق الوطني المتمركزة في طرابلس والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة، وحكومة موازية في الشرق مدعومة من البرلمان المنتخب وقوات القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر.
رئيس الوزراء اليوناني يؤكد رغبة بلاده في أن تكون جزءا من الحل في ليبيا عبر المشاركة في مؤتمر برلين المرتقب
وبعدما عقدت حكومة السراج اتفاقا يرى فيه الكثير من المراقبين أنه خطوة في اتجاه المزيد من تكريس النفوذ التركي العثماني في ليبيا خاصة عبر دعم أجنحتها من جماعة الإخوان المسلمين، أثيرت بالتوازي مع ذلك الكثير من الأسئلة حول مدى الشرعية الدولية التي تتمتع بها حكومة الوفاق والتي تبرر عبرها كل تمحوراتها وأجنداتها.
ودعا رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح الجمعة من قبرص المجتمع الدولي إلى سحب الاعتراف بحكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج، مشيرا إلى تحرك سيحصل “خلال الأيام القادمة” في هذا الاتجاه، ومحذرا من تداعيات التدخل التركي في ليبيا.
وقام صالح بزيارة للجزيرة المتوسطية ليبحث مع المسؤولين في قبرص اتفاقين أحدهما عسكري والآخر يرسم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، وقد تم توقيعهما في أواخر نوفمبر الماضي بين حكومة الوفاق وأنقرة. وكان قد قام بزيارة مماثلة لليونان.
وقال صالح “خلال الأيام القادمة، سيكون هناك عمل من البرلمان الليبي في اتجاه سحب الاعتراف الدولي بهذه الحكومة”.
وأكد ميتسوتاكيس من جهته إصراره على وجوب المشاركة في فعاليات مؤتمر برلين بقوله “طلبت وسأفعل ذلك مجددا لزيادة التأكيد، أن نشارك في مؤتمر برلين”.
وتقول الأمم المتحدة التي سترعى المؤتمر المرتقب إن الهدف منه هو التوصل إلى إحلال السلام في ليبيا عبر التوافق على تشكيل حكومة جديدة يختارها الليبيون ولا تكون مفروضة من الخارج. وفي أواخر نوفمبر، وقعت أنقرة مع حكومة الوفاق اتفاقين مثيرين للجدل أحدهما عسكري والآخر يرسم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا.
ويتيح الاتفاق البحري لأنقرة المطالبة بالسيادة على مناطق واسعة غنية بالمحروقات في شرق المتوسط، ما يثير غضب اليونان ومصر وقبرص وإسرائيل. واعتبرت اليونان أن الاتفاقين “لا أساس لهما” ويتعارضان مع القانون الدولي.
ونددت أثينا بالاتفاق البحري مشيرة إلى أن تركيا وليبيا لا تتقاسمان أي حدود بحرية. وشدد ميتسوتاكيس على أن ليبيا “هي جارتنا البحرية الطبيعية، وليست (جارة) تركيا”.
من جهة أخرى، ينصّ الاتفاق العسكري على مساعدة يمكن أن تقدمها تركيا إلى حكومة الوفاق في محاربتها قوات المشير حفتر المدعومة من مصر والإمارات وروسيا.