اليونان تصنع "ألتونها" الخاص لصد الدعاية التركية

ترفع الحكومة اليونانية شعارا مفاده “يجب أن تبدأ النسخة اليونانية لألتون في العمل حالا” إشارة إلى رئيس دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية فخرالدين ألتون بعد إدراك القصور كبير في الإدارة التواصلية للأزمات في العامين الماضيين في البلاد في مقابل نموذج اتصال تركي ناجح وبارع.
أثينا - تسابق أثينا الزمن لاستنساخ تجربة دائرة الاتصالات بالرئاسة التركية، في البلاد، كخطوة للرد على أطروحات أنقرة وممارسة الدعاية ضدها على الصعيد الدولي.
وبعد نجاح “نموذج الاتصال التركي” الذي نفذت فيه إدارة الاتصالات في الرئاسة مناورات إعلامية دولية لشرح أطروحات تركيا للعالم، اتخذت اليونان الإجراءات اللازمة.
وكتبت الصحافة اليونانية أن “هناك حاجة لنظير يوناني لألتون”، في إشارة إلى رئيس دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية، التي تأسست عام 2018، فخرالدين ألتون. ونشر في صحيفة “كاثيميريني” اليونانية مقال بعنوان “يجب أن نجعل النسخة اليونانية لفخرالدين ألتون تعمل”.
وقرّرت اليونان إنشاء رئاسة اتصالات تعمل كجدار ضد تركيا وقد بدأ تنفيذ العملية بسرعة. وبرز اسم ونستيندينوس كوتراس الذي شغل منصب القنصل العام اليوناني في نيويورك، ليتولى منصب قيادة الجهود الإعلامية اليونانية ضد تركيا.
وستكون مهمة هذه المجموعة الخاصة “تنسيق الاتصال وإدارة المعلومات والبيانات والاستجابة السريعة والقاسية في مواجهة جميع أنواع أنشطة الأتراك على مستوى التواصل”.

كيرياكوس ميتسوتاكيس: الدعاية التركية أظهرت للعالم منذ فترة طويلة الموقف اللاإنساني للسلطات اليونانية تجاه المهاجرين
وأدرك الجانب اليوناني أن هناك قصورا كبيرا في الإدارة التواصلية للأزمات في العامين الماضيين. وقال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس إن “فرقة العمل المعنية بالاتصالات” الجديدة ستخلق حصنًا ضد تركيا، التي أظهرت للعالم منذ فترة طويلة الموقف اللاإنساني للسلطات اليونانية تجاه المهاجرين غير الشرعيين.
وكانت الرسالة الرئيسية للاجتماع الذي عقد الشهر الماضي برئاسة ميتسوتاكيس هو “توجيه هجوم مضاد مستمر في مواجهة جهود الاتصالات التركية، التي اكتسبت ديناميكية كبيرة على مستويات عديدة”.
وقال سوتيريس سيربوس، عضو هيئة التدريس بجامعة تراقيا ديموقريطوس في منطقة تراقيا اليونانية، إن اليونان يجب أن تتغلب على ضعفها، “إذ أن تركيا لم تعد تركيا القديمة، يجب على اليونان أن تدرج التواصل الإستراتيجي في أدواتها”.
ومنذ تأسيسها، تمكنت مديرية الاتصالات التركية من إضافة بعد وقوة جيوسياسية لتركيا كما نمّت نفوذها الإقليمي، وتم التأكيد مرار على أن مهمة هذه المؤسسة هو “تعزيز العلامة التجارية التركية على الساحة الدولية”.
والثلاثاء، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن رئيس الوزراء اليوناني طلب مساعدة من الولايات المتحدة ضد أنقرة، وخاطبه قائلًا “افعل ما بدا لك، فسنقوم دائمًا بما يلزم وجاهزون لذلك”.
ومرت أسابيع منذ أن هدد الرئيس التركي صراحةً بغزو اليونان، مستخدمًا نفس اللغة التي استخدمها قبل العمليات العسكرية التركية السابقة في سوريا. ويركز أردوغان غضبه الآن على عسكرة اليونان لجزرها في بحر إيجه. .
ومنذ خطاب أردوغان في أوائل سبتمبر، واصلت وسائل الإعلام التركية، بالتنسيق مع دائرة الاتصالات، قرع طبول الحرب. ومن بين الانتقادات الأكثر اتساقًا التي أطلقها الإعلام التركي الاعتقاد أن اليونان تعسكر بشكل غير قانوني جزرها قبالة سواحل الأناضول. ويستند هذا التأكيد إلى فقرات في معاهدتين منفصلتين تتناولان سيادة اليونان على جزرها.
اليونان قرّرت إنشاء رئاسة اتصالات تعمل كجدار ضد تركيا وقد بدأ تنفيذ العملية بسرعة
ووفقًا لمعاهدة لوزان لعام 1923 “لا توجد قواعد بحرية أو تحصينات” سيتم بناؤها على الجزر الخمس الرئيسية في شمال بحر إيجه. ومع ذلك، تسمح الشروط لليونان بالحفاظ على “وحدة عادية” من القوات النظامية هناك. وعلى العكس من ذلك تنص معاهدة باريس لعام 1947 بشكل لا لبس فيه على أن جزر دوديكانيز اليونانية “ستظل منزوعة السلاح”.
ومع ذلك، تؤكد اليونان بأن الشروط كانت بمثابة وعد لإيطاليا، التي تنازلت عن الجزر لأثينا بعد الحرب العالمية الثانية. ومنذ أن استولت إيطاليا على الجزر من الإمبراطورية العثمانية في عام 1913 تم استبعاد تركيا من المفاوضات في عام 1947، مما جعل التعهد موضع نقاش فيما يتعلق بأنقرة.
وسبق أن نشرت وكالة الأناضول الرسمية التركية صورًا تظهر سفنًا يونانية تفرغ العشرات من المركبات المدرعة في جزيرتي ليسفوس وساموس اليونانيتين. ويتداول مستخدمو مواقع التواصل الصور على أنها أدلة على رغبة اليونان في “عسكرة” بحر إيجه.
ووصفت الصحافة اليونانية نشر وكالة الأناضول الصور بأنه “تجسس”.
ورغم ذلك هناك أسباب كثيرة للشك في جدية تهديدات أردوغان. ووفقًا لأحد الاستطلاعات فإن أغلبية طفيفة من الناخبين الأتراك ما زالوا مقتنعين بأن كلماته هي مجرد إستراتيجية انتخابية خاصة أن الصراع العسكري بين اليونان وتركيا سيكون له تأثير مدمر على الاقتصادات الهشة في كلتا الدولتين.
وفي الأسابيع الأخيرة، تركزت كل المناقشات في الاعلام التركي بشكل أكبر على احتمال نشوب حرب. وبدأ المسؤولون ووسائل الإعلام في تركيا مناقشة كيف تم التنازل عن هذه الجزر لليونان وإيطاليا منذ أكثر من 100 عام وكيف يمكن لتركيا المطالبة بها مرة أخرى، إذا تم انتهاك شروط التنازل.
وفي أكثر من برنامج تلفزيوني تم نشر الخرائط لإثبات كيف أن اليونان هي “أداة القوى الأجنبية” التي تحاول “تطويق” تركيا. وتقول وسائل الإعلام اليونانية إنه في البرامج التلفزيونية يتم تشريح المعاهدتين بطريقة لا علاقة لها بمحتواها الفعلي.
ولطالما كانت نظرية “التطويق” هاجسًا تركيًا لعقود من الزمن، وغالبًا ما تكون نوعًا من الرثاء على زوال الإمبراطورية العثمانية. ولكن هناك إصرار متجدد على ذلك، وكذلك على نظرية “المناطق الرمادية” أو مناطق السيادة المتنازع عليها في بحر إيجه، ويحاول الإعلام التركي بمباركة أردوغان إعادة نظرية التسعينات أو ما يسمى “المناطق الرمادية” التي روجتها تانسو تشيلر، رئيسة الوزراء الأولى والوحيدة في تركيا.
وعلى الرغم من أن هذه الدعاية قد تكون مخصصة للاستهلاك المحلي فقط، يشير محللون متمرسون إلى أن خطابات مماثلة سبقت غزو القوات التركية لقبرص في عام 1974.