اليونان تؤجج التوتر مع ليبيا بإطلاق مناقصة للتنقيب عن النفط قرب جزيرة كريت

الخلافات حول ترسيم الحدود البحرية واستغلال الموارد قد تزيد من الانقسامات الداخلية في ليبيا، خاصة بين الأطراف التي تدعم مذكرة التفاهم مع تركيا وتلك التي قد تكون أقرب للموقف اليوناني-المصري.
الخميس 2025/06/19
توتر لا يفارق شرق المتوسط بسبب الاستكشافات النفطية والغازية

طرابلس -  نددت ليبيا الخميس بإطلاق اليونان مناقصة دولية للحصول على تصاريح لاستغلال الهيدروكربونات في مناطق بحرية جنوبي جزيرة كريت، مؤكدة أن بعضها يقع في نطاق المناطق المتنازع عليها مع طرابلس، بينما يشير هذا التطور إلى أن الأزمة القائمة بالفعل بين البلدين مرشحة للتفاقم.

ولا تعترف اليونان بأي نزاع مع ليبيا بشأن المياه جنوبي جزيرة كريت وتعتبر هذه المناطق جزء من منطقتها الاقتصادية الخالصة. وقالت وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية ومقرها طرابلس في بيان "هذه الخطوات تعد انتهاكا صريحا للحقوق السيادية الليبية"، مضيفة أن ليبيا تعارض "أي أعمال استكشافية أو تنقيبية في هذه المناطق بدون الوصول إلى تفاهم قانوني مسبق يحترم قواعد القانون الدولي".

ودعت طرابلس أثينا إلى "النظر بمسؤولية في عمق العلاقات التاريخية بين البلدين" وإلى "تغليب مسار الحوار والتفاوض البناء كخيار وحيد للوصول إلى حلول عادلة ومنصفة".

ونُشرت دعوة تقديم العطاءات في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي في 12 يونيو. الجاري.

ووقّعت ليبيا وتركيا اتفاقا لترسيم الحدود البحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط أواخر العام 2019، تسعى أنقرة عبره إلى توسيع نطاق حقوقها في مناطق بحرية مهمة. وتعتبر اليونان هذا الاتفاق غير قانوني.

ويعد هذا الصراع جزءا من نزاع أوسع نطاقا في شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث تتنازع تركيا الحقوق البحرية التي تطالب بها اليونان وقبرص، وخصوصا حول الجزر اليونانية والمناطق الغنية بالهيدروكربونات.

ومن المتوقع أن يكون للمشروع اليوناني للتنقيب عن النفط والغاز قرب جزيرة كريت تأثيرات كبيرة ومباشرة وغير مباشرة على ليبيا، خاصة في ظل النزاعات القائمة حول ترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط.

تصعيد النزاع على ترسيم الحدود البحرية

والمنطقة الواقعة جنوب كريت هي محل نزاع رئيسي بين اليونان وليبيا وتركيا، فبينما ترى اليونان أن لها الحق في ترسيم منطقتها الاقتصادية الخالصة بالاعتماد على الجرف القاري لجزرها، ترى تركيا وليبيا (خاصة حكومة الوفاق الوطني السابقة وحكومة الوحدة الوطنية الحالية في طرابلس) أن ترسيم الحدود يجب أن يأخذ في الاعتبار الخط الأوسط بين السواحل الرئيسية للدول المتواجهة، وليس الجزر الصغيرة.

وأعلنت حكومة الوحدة الوطنية الليبية في عدة مناسبات عن اعتراضها الرسمي على أنشطة التنقيب اليونانية جنوب كريت، معتبرة إياها "غير قانونية" وتدخل في مناطق تعتبرها ليبية.

وترى ليبيا أن لها حقوقاً سيادية في المناطق البحرية التي قد تحتوي على ثروات نفطية وغازية. والتنقيب اليوناني في هذه المناطق يمثل تحديًا مباشرًا لهذه الحقوق وتهديدًا لاستنزاف موارد محتملة تخص ليبيا.

وتتهم طرابلس اليونان باستغلال الوضع الداخلي غير المستقر في ليبيا لفرض أمر واقع في ما يتعلق بترسيم الحدود البحرية والتنقيب عن الموارد.

ويتسم شرق المتوسط بصراع متزايد على موارد الطاقة (النفط والغاز) المكتشفة أو المحتملة. وهذا المشروع اليوناني يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى هذا الصراع، خاصة مع تزايد اهتمام الشركات العالمية مثل شيفرون بالتنقيب في المنطقة.

ويؤدي هذا المشروع إلى تعميق التوترات بين اليونان وتركيا، كما يؤثر على علاقات اليونان مع ليبيا. وفي المقابل، تسعى اليونان لتعزيز تحالفاتها مع دول أخرى مثل مصر وقبرص وإسرائيل لمواجهة النفوذ التركي الليبي في المنطقة.

وقد يؤدي أي تصعيد في الأنشطة التنقيبية في المناطق المتنازع عليها إلى توترات دبلوماسية أو حتى مواجهات غير مباشرة في المنطقة، مما يزيد من حالة عدم الاستقرار.

والخلافات حول ترسيم الحدود البحرية واستغلال الموارد قد تزيد من الانقسامات الداخلية في ليبيا، خاصة بين الأطراف التي تدعم مذكرة التفاهم مع تركيا وتلك التي قد تكون أقرب للموقف اليوناني-المصري.

وفي ظل وجود حكومتين أو سلطات متنافسة في ليبيا، يصبح من الصعب على الدولة الليبية اتخاذ موقف موحد وقوي للتعامل مع هذه التحديات الخارجية، مما يضعف موقفها التفاوضي.

وباختصار، فإن مشروع التنقيب اليوناني قرب جزيرة كريت يمثل تحديًا كبيرًا لليبيا على صعيد السيادة البحرية وحقوقها في الموارد الطبيعية، ويزيد من تعقيد المشهد الجيوسياسي في شرق المتوسط، مما يستدعي من الجانب الليبي اتخاذ خطوات دبلوماسية وقانونية حاسمة لحماية مصالحها.