اليمين الفرنسي يستفز الجزائر باستقبال ممثلي حركة ماك

مجلس الأمة الجزائري يلقي اللوم على اليمين المتطرف الفرنسي بشأن تأزيم العلاقات سعيا لحفظ خط العودة.
الأربعاء 2025/06/04
استفزاز مباشر للسلطات الجزائرية

الجزائر - أدان رئيس مجلس الأمة الجزائري، عزوز ناصري ما وصفه بـ”الاستفزاز المتعمد” من بعض الأطراف في مجلس الشيوخ الفرنسي، على خلفية استقبالهم لوفد من حركة “الماك” المصنّفة في الجزائر “إرهابية”، محملا إياهم، وعلى رأسهم ممثلو اليمين المتطرف، مسؤولية ما تشهده العلاقات الجزائرية-الفرنسية من تدهور و”عطب متزايد.”

وتسير العلاقات بين الجزائر وفرنسا ضمن ما يشبه معركة “كسر عظام” في سلسلة من الإجراءات الانتقامية المتبادلة التي تزيد من تعقيدات الأزمة بينهما، فيما يحاول النظام الجزائري إلقاء اللوم على اليمين المتطرف الفرنسي سعيا لحفظ خط العودة مع الهزائم الدبلوماسية التي يواجهها في محيطه الإقليمي.

ويبدو أن اليمين الفرنسي يذهب بعيدا في استفزاز السلطات الجزائرية بمعركة لي الذراع في مسألة حساسة بالنسبة إليها تشكل ضغطا قد يؤدي إلى تراجع الجزائر عن مواقفها المتشنجة واستمرار التصعيد بين البلدين.

وقال المجلس، في بيان رسمي الثلاثاء إن تلك الأطراف “ترحب بعناصر إرهابية تابعة لكيان يصنف إرهابيا، دون مراعاة لتداعيات ذلك على حاضر ومستقبل العلاقات الثنائية،” واصفا تلك السلوكيات بـ”الفضائح والسقطات المتوالية.”

وأوضح المجلس أن اليمين المتطرف في فرنسا “يتعمد التدخل في الشأن الداخلي الجزائري، ويستهدف الوحدة الوطنية للأمة،” من خلال سلوك “لا يميز بين حق وباطل”، بالرغم من ادعائه الدفاع عن “الحرية والعدالة العامة.”

ويشير البيان إلى مدى حساسية هذه القضية بالنسبة إلى الجزائر، بعد أن استقبل ستيفان رافييه، عضو مجلس الشيوخ عن حزب التجمع الوطني، وفد حركة “الماك” (المطالبة باستقلال القبائل عن الجزائر) بقيادة فرحات مهني، وعبّر له عن دعمه الصريح لما سماه “حق الشعب القبايلي في تقرير مصيره.”

وفي كلمة مصورة، اعتبر رافييه أن “القبائل تتبع نهجاً سلمياً نحو السيادة،” مشيرا إلى أن هذه الحرية ستتيح لهم التعبير ثقافيا واقتصاديا، بما يضمن استقرار العلاقات مع منطقة شمال أفريقيا.

وعلّق فرحات مهني في تغريدة قائلاً إن الوفد القبايلي وجد في رافييه “مستمعاً جيداً وذا حس عالٍ بالمسؤولية،” ورافقه في جولة داخل المجلس، قبل أن يدلي ببيانه الداعم للانفصال.

وأكد مهني أن رافييه صرّح علناً، في ختام اللقاء، بمساندته لما أسماه “حق تقرير المصير،” مرفقاً ذلك بفيديو مصور نُشر لاحقاً على منصات التواصل.

وردا على هذه التصريحات، قال مجلس الأمة أن الجزائر، بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون “لن تقبل بأي تدخل خبيث أو ناعم، حتى وإن تم تغليفه بغطاء حقوق الإنسان أو الحريات،” مشددا على أن الدولة الجزائرية “قوية، مترابطة الحلقات، لا تهتز وحدتها الداخلية.”

العلاقات بين الجزائر وفرنسا تسير ضمن ما يشبه معركة "كسر عظام" في سلسلة من الإجراءات الانتقامية المتبادلة التي تزيد من تعقيدات الأزمة بينهما

وحذر مجلس الأمة من أن الجزائر “تحمل أولئك الذين لا يغمض لهم جفن، مسؤولية أي مضاعفات أو تدهور في صميم العلاقات الجزائرية-الفرنسية،” مؤكدا أن “البلاد لم ولن تستكن لأي محاولة للنيل من سيادتها.”

ويأتي ذلك بعد أيام قليلة فقط من اتهام وكالة الأنباء الجزائرية، باريس أنها بصدد اتخاذ إجراءات “انتقامية” تستهدف جاليتها، بعد أن كشفت صحيفة فرنسية عن استعداد باريس لتجميد أصول نحو 20 مسؤولا جزائريا نافذاً.

وكشفت صحيفة “لكسبرس” الفرنسية أن وزارتي الاقتصاد والداخلية في فرنسا تدرسان تفعيل عقوبات مالية ضد مجموعة من المسؤولين الجزائريين.

وأبدت الوكالة الجزائرية ردة الفعل الغاضبة بسبب تقرير “لكسبرس”، حيث نقلت عن مصادرها أن السلطات الفرنسية قد تكون بصدد التحضير لقرار يقضي بـ”تجميد أصول مسؤولين جزائريين ردًّا على رفض الجزائر استقبال رعاياها الصادر بحقهم أوامر بمغادرة الأراضي الفرنسية.” مشيرة إلى أن هذه “التسريبات تعمل على “تجميد ممتلكات مسؤولين جزائريين في فرنسا من خلال منعهم من الوصول إلى عقاراتهم أو ممتلكاتهم الأخرى.” مستندة إلى قانون فرنسي جديد (دخل حيز التنفيذ في يوليو 2024) يسمح بتجميد أموال أي شخص يهدد مصالح البلاد الأساسية، بما في ذلك حالات التدخل لصالح قوة أجنبية. ويُضاف إلى ذلك قانون يسمح بتجميد الأصول على خلفية ارتباط بأعمال إرهابية.

وتشهد العلاقات الجزائرية-الفرنسية، توترات منذ أشهر، على خلفية اعتراف باريس بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وتبعته قضايا أخرى عدة تشمل ملف الذاكرة ورفض باريس الاعتراف بما ارتكبه الاستعمار الفرنسي من جرائم خلال احتلال الجزائر.

وفي خضم تعليق كافة أشكال التعاون بين باريس والجزائر، عُقد اجتماع خُصّص للأزمة بين البلدين الأسبوع الماضي حسب ما أفادت به مصادر حكومية فرنسية.

وأشارت هذه المصادر أن “اجتماعا عُقد في الإليزيه لمناقشة الوضع مع الجزائر،” ضم إلى جانب الرئيس ماكرون رئيس الوزراء فرانسوا بايرو ووزير الخارجية جان-نويل بارو ووزير الداخلية برونو روتايو ووزير العدل جيرالد دارمانان.

4