اليسار الفلسطيني يسابق الزمن لتشكيل قائمة انتخابية موحدة تكسر هيمنة فتح وحماس

رام الله (الأراضي الفلسطينية) – تعيش فصائل اليسار الفلسطيني مخاضا عسيرا، لتشكيل قائمة موحدة تشارك بها في الانتخابات التشريعية القادمة، وتحاول من خلالها كسر هيمنة حركتي فتح وحماس على النظام السياسي.
وبدأت لجنة الانتخابات المركزية، السبت، ولمدة 12 يوماً تسجيل قوائم المرشحين لخوض الانتخابات التشريعية، التي ستجري لاختيار 132 نائبا يوم 22 مايو، وفق نظام التمثيل النسبي الكامل (قوائم) واعتبار الوطن كاملا دائرة انتخابية واحدة.
ويقول قادة في اليسار الفلسطيني، إن الحوارات مستمرة لتشكيل قائمة موحدة، لكن مراقبين يرون أن عقبات جدّية تحول دون هذا الاتحاد، مما يُرجح احتمال انقسام اليسار إلى قائمتين على الأقل.
ومن فصائل اليسار الفلسطيني التي تجري حوارات داخلية فيما بينها، وجميعها منضوية تحت إطار منظمة التحرير: الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (كبرى فصائل اليسار)، حزب الشعب الفلسطيني، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، حزب فدا، إضافة إلى حركة المبادرة، مع أنها لا تعتبر نفسها من اليسار.
ويتوقع المحللون أن تفرز التحالفات المتوقعة عن قائمة واحدة لكافة فصائل اليسار أو قائمتين واحدة تضم الجبهة الشعبية وحركة المبادرة، وأخرى لباقي الفصائل، وقد تضم مستقلين وتجمعات غير فصائلية.
والجبهة الشعبية أكبر قوى اليسار، ومنذ سنوات يتعرض عناصرها للملاحقات الإسرائيلية على خلفية مشاركة أفراد منها في عمليات ضد إسرائيل، وتعارض اتفاق أوسلو (للتسوية بين إسرائيل ومنظمة التحرير) والمشاركة في الحكومات الفلسطينية.
ويقول فهمي شاهين، عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، إن الحوارات متواصلة لتشكيل كتلة شعبية ديمقراطية نواتها اليسار، تشارك موحدة على أساس برنامج سياسي واجتماعي وديمقراطي واحد.
لكنه أكد أنه “حتى الآن لم نخرج بالنتيجة التي نريدها، ولم تستنفذ المحاولات”.
ويقول شاهين إن أهم دافع لتلك المحاولات هو “وجود حاجة موضوعية لهذه الكتلة لحمل الهموم الاجتماعية والديمقراطية لشعبنا، وليس فقط لمواجهة حالة الاستقطاب الثنائي في الساحة الفلسطينية (فتح وحماس)”.
وأشار إلى أن الحوارات الجارية، لا تقتصر على القوى السياسية فقط، كالجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب وحزب فدا، بل تشمل تحركات وإطارات شعبية وشخصيات مستقلة وديمقراطية.
وخلص إلى القول “لا نزال نبذل جهدا من أجل نجاح هذا التحالف، وفي حال لم تتكلل الجهود بالنجاح سنعلن لجماهير شعبنا من يتحمل مسؤولية هذا الفشل”.

في المقابل، يقول عمر نزال، الصحافي المهتم بشؤون اليسار، إن “النقاشات مستمرة في التيار الديمقراطي (اليسار) لكن دون نتائج، وقد لا يكون هناك أية نتائج”.
ووفق تقديره، بات من الصعب تجميع المكونات الخمس الرئيسية لليسار في قائمة واحدة.
ورجّح أن تنقسم المكونات الخمس إلى تحالفين، أو تحالف واحد مع اتجاه الآخرين إلى قوائم أخرى حزبية وغير حزبية.
وقال نزال إن الخلاف بين فصائل اليسار يتركز على مسألتين، إحداها حول العلاقة بالسلطة التنفيذية، وهذا كان سببا في فشل تجربة تشكيل تجمع ديمقراطي لقوى اليسار قبل أعوام.
ومطلع يناير 2019، أعلنت خمسة فصائل يسارية، وهي “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” و”الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين” و”المبادرة الوطنية” و”حزب الشعب” و”حزب فدا”، تشكيل “التجمّع الديمقراطي الفلسطيني”.
ويصطدم التجمع بمطب كسر هيمنة حركتي فتح وحماس على النظام السياسي الفلسطيني، لكن محللين يجمعون على أن نجاح التجمّع يبقى رهين عوامل عدة أبرزها تحقيق التفاف جماهيري حوله، وتغليب المصلحة الوطنية العامة على المصلحة الحزبية.
وقال نزال إن “هناك من الفصائل من ترى نفسها كتلة معارضة ومناهضة لسياسات الحكومة سواء في الجانب السياسي أو فيما يتعلق بمسار أوسلو، وهناك من ترى نفسها متأرجحة: قدم هنا (معارضة) وقدم هناك (في الحكومة).
وأضاف نزال لنقاط الخلاف، مسألة ترتيب أسماء المرشحين في القوائم الانتخابية، فالذين تتصدر أسماؤهم القائمة أكثر حظ بالفوز، وفق التمثيل النسبي.
وأكد أن “بعض القوى لن تتجرأ وتشكل قائمة لوحدها لأنها لن تجتاز نسبة الحسم”، وهي 2 في المئة من الأصوات الصحيحة لعدد المقترعين.
ويقول هشام الشرباتي، الحقوقي المتابع لحوارات اليسار إن المعرقل الرئيس حتى الآن للإعلان عن قائمة موحدة لليسار هو “تعامل بعض فصائل اليسار (لم يسمها) بفوقية مع باقي الفصائل”.
وأضاف أن“جزء من مكونات اليسار تتعامل مع باقي مكوناته كما يتعامل حزب السلطة (فتح) مع شركائه في منظمة التحرير: محاولة الاستئثار بالقرار، ولعب دور الفصيل الكبير المهيمن والمقرر”.
وقال إن هذه النظرة هي “المعرقل الرئيسي حتى الآن” للإعلان عن قائمة موحدة لليسار في الانتخابات.
ويخلص الشرباتي إلى تقسيم اليسار حسب مشاركته في الانتخابات إلى 3 فئات: فصائل ستصوت لحركة فتح، فصائل ستتحالف مع منظمات المجتمع المدني، وفصائل ستشارك بقائمة واحدة تمثلها.
ولم تشفع الأدوار التاريخية التي لعبتها قوى اليسار الفلسطيني في خدمة القضية بأن يكون لها وزن سياسي يضاهي الحضور الذي تحظى به منذ عقدين كل من حركتي فتح وحماس.
وأسفرت آخر انتخابات فلسطينية للمجلس التشريعي (البرلمان) التي عقدت مطلع 2006، عن فوز حركة حماس بالأغلبية (74 مقعدا) ثم حركة فتح (45 مقعدا)، في حين حصلت تحالفات أحزاب اليسار الفلسطيني ومعها حركة المبادرة على 7 مقاعد، وتوزعت باقي المقاعد على قوائم أخرى.
وتبع ذلك صراع على السلطة. وفي عام 2007، بعد اقتتال استمر أسابيع وسقط فيه عشرات القتلى، سيطرت حماس على قطاع غزة الذي كان تحت سيطرة القوات الموالية لعباس. فيما تقود السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس من الضفة الغربية.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث في الضفة الغربية وقطاع غزة في سبتمبر 2020، أن من المرجح أن تحصل حماس على 34 في المئة في الانتخابات القادمة، وفتح على 38 في المئة، فيما تحصل بقية القوائم (التي شاركت في انتخابات عام 2006 مجتمعة) على 8 في المئة.