الولايات المتحدة تواجه مفارقة زيادة أعداد الفقراء

واشنطن - تواجه الولايات المتحدة مفارقة تزايد أعداد الفقراء للمرة الأولى منذ أكثر من ستة عقود رغم أنه لا تسبقها أي دولة في العالم من حيث ثروتها المادية وتقدمها التكنولوجي ونموها الاقتصادي.
وتوضح أحدث البيانات أن أكبر اقتصاد في العالم لم يكن بمنأى عن تداعيات الأزمة الصحية التي جعلته يسجل زيادة في معدل الفقر بنهاية 2021، وذلك للعام الثاني على التوالي، بينما تراجع دخل الأسر بشكل طفيف.
ورغم أن البلد يتبوأ المكانة الأولى من حيث حجم الناتج المحلي الإجمالي الذي يتخطى في المتوسط 21 تريليون دولار، إلا أن الفقر زاد بواقع 0.1 في المئة العام الماضي ليصل إلى 11.6 في المئة عن مستوياته قبل عام.
وكان هناك 37.9 مليون شخص يعانون من الفقر العام الماضي، بزيادة حوالي 3.9 مليون شخص عن العام الذي سبق تفشي الوباء، في بلد يبلغ تعداد سكانه أكثر من 330 مليون نسمة.

كيم جيني: البيانات تؤكد أهمية الاستثمار في شبكة الأمان الاجتماعي
ووفق مكتب الإحصاء الفيدرالي فقد انخفض معدل الفقر في الولايات المتحدة إلى النصف تقريبا خلال العقود الست الماضية. وبلغ أدنى مستوى له طيلة تلك الفترة في عام 2019.
وأشارت الأرقام إلى أن متوسط دخل الأسر المعدل حسب التضخم خلال العام الماضي وصل إلى 70.7 دولارا. وانخفض متوسط الدخل بنحو ألفي دولار على مدى العامين الماضيين، لكنه ارتفع بنحو 20 ألف دولار منذ عام 1967.
وتساعد البيانات في تجسيد صورة الوضع الاقتصادي للأسر الأميركية في أول عام من ولاية الرئيس جو بايدن بعد اضطرابات 2020 عندما أُعلنت حالة طوارئ للتصدي لتفشي الوباء.
ويتم تصنيف الفقر بالمعايير الأميركية لأسرة مكونة من أربعة أشخاص إذا قل دخلهم السنوي عن 25.7 ألف دولار، في حين يقل الرقم إلى نحو عشرين ألفا لأسرة مكونة من ثلاثة أشخاص، ولأسرة من شخصين عند 16.2 ألف دولار.
ويصبح الشخص فقيرا إذا قل دخله السنوي عن حوالي 12.7 ألف دولار. ويقع في هذه الفئة 12.9 في المئة من الأميركيات و10.6 في المئة من الأميركيين، وتزيد هذه النسب بين الأقليات.
وأكدت كيم جيني رئيسة منظمة إيكونوميك موبيلتي باثويز أن البيانات تؤكد أهمية الاستثمار في شبكة الأمان الاجتماعي.
ونسبت وكالة بلومبرغ إلى جيني قولها إنه “يجب أن نفعل المزيد، وعلينا أن نفعل ما هو أفضل”.
ويأتي الإعلان عن هذه الإحصائيات بينما يحاول صانعو السياسات النقدية التصدي للتضخم الذي بلغ ذروته في أربعة عقود عند نحو 8.3 في المئة أي أكثر من المتوقع جراء انعكاسات الحرب بين روسيا وأوكرانيا والعقوبات الغربية على موسكو وارتباك سلاسل الإمدادات وغيرها.
وقالت وزارة العمل الأميركية إن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة 0.1 في المئة الشهر الماضي بعد أن ظل دون تغيير في يوليو. وتوقع اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم هبوطا بنسبة 0.1 في المئة.
ومن المقرر أن يجتمع مسؤولو مجلس الاحتياطي الاتحادي يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، مع تجاوز التضخم هدف البنك المركزي الأميركي الذي يبلغ اثنين في المئة.
واللافت أن معدل البطالة السنوي تراجع العام الماضي إلى 5.3 في المئة بعد أن قفز إلى 8.1 في المئة قبل عام، وهو أعلى مستوى في تسعة أعوام، بينما كان المعدل تقريباً كما هو اليوم عند 3.7 في المئة في عام 2019.
وفي مارس العام الماضي، وقع بايدن خطة الإنقاذ الأميركية، وهي حزمة إغاثة من الوباء بقيمة 1.8 تريليون دولار توفر شيكات بقيمة 1400 دولار لملايين من الأشخاص، بتكلفة قدرها 410 مليارات دولار، ومدد إعانات البطالة لمن هم عاطلون عن العمل.
وجاء ذلك في أعقاب الحزمتين الرئيسيتين اللتين أطلقتا في عام 2020 بقيمة إجمالية تقدر بنحو ثلاثة تريليونات دولار في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
وكان هناك تباين واضح بين الأثرياء والفقراء، إذ ارتفع متوسط الدخل في شريحة غير الأثرياء التي تمثل 90 في المئة من الأميركيين إلى 211.9 ألف دولار في 2021.
في المقابل انخفض دخل فئة العشرة في المئة الأدنى في الدخل إلى 15.7 ألف دولار، بعد أن بلغت نحو 16.4 ألف دولار في 2020.
وارتفع ما يسمى بمؤشر جيني، وهو مقياس لعدم المساواة في الدخل، إلى 0.494 نقطة مما يشير إلى أوسع تفاوت مسجل على الإطلاق.
وفي العام الماضي، بلغ متوسط دخل الآسيويين 101.4 ألف دولار، والبيض غير اللاتينيين 77.9 ألف دولار، والإسبان من أي عرق 57.9 دولار، والسود 48.2 ألف دولار. وانخفضت نسبة دخل النساء إلى الرجال إلى 83.7 في المئة.