الولايات المتحدة تقصف جماعات متحالفة مع إيران في سوريا

دمشق - قالت الولايات المتحدة الجمعة إنها ستحمي قواتها في سوريا بعد أن شن الجيش الأميركي ضربات جوية على القوات المدعومة من إيران ردا على هجوم أسفر عن مقتل متعاقد وإصابة خمسة جنود أميركيين.
وبعد يوم واحد فقط من الهجوم الدامي على قوات أميركية في سوريا حملت واشنطن المسؤولية فيه على طائرة مسيرة إيرانية المنشأ، قالت مصادر إن هجوما صاروخيا جديدا استهدف قاعدة أميركية في شمال شرق سوريا. وقال مسؤولون أميركيون إنه لم تقع إصابات في صفوف القوات الأميركية في الهجوم الذي وقع الجمعة.
وقد تؤدي أعمال العنف الأخيرة إلى تفاقم حدة العلاقات المتوترة بالفعل بين واشنطن وطهران وسط تعثر جهود إحياء الاتفاق النووي والدعم العسكري الذي تقدمه إيران لروسيا في غزوها لأوكرانيا.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي لشبكة "سي.إن.إن" التلفزيونية "سنعمل على حماية أفرادنا ومنشآتنا بأقصى طاقتنا. إنها بيئة محفوفة بالخطر". وجاءت الضربات ردا على هجوم بطائرة مسيرة الخميس استهدف قوات أميركية في قاعدة للتحالف قرب الحسكة في شمال شرق سوريا.
والقوات الأميركية في سوريا، التي أوشك الرئيس السابق دونالد ترامب في 2018 على إنهاء وجودها هناك قبل أن يقلص خطط سحب القوات، هي ما تبقى من حرب دولية أوسع نطاقا ضد الإرهاب شملت في وقت من الأوقات الحرب في أفغانستان ونشر قوات أميركية أكبر بكثير في العراق.
وعلى الرغم من أن تنظيم الدولة الإسلامية فقد سيطرته على مساحات واسعة من سوريا والعراق استولى عليها في 2014، إلا أن خلايا نائمة ما زالت تنفذ هجمات خاطفة في مناطق قاحلة ليس لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة ولا للجيش السوري السيطرة الكاملة عليها.
وتتقاسم السيطرة على محافظة دير الزور في شرق سوريا، حيث شنّت واشنطن ليل الخميس الجمعة ضربات، فصائل موالية لطهران من جنسيات متعددة من جهة، وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركياً من جهة ثانية.
وتشهد المنطقة بين الحين والآخر توترات وقصفا، آخرها الضربات التي نفذها الأميركيون رداً على قصف تعرضت له إحدى قواعدهم في محافظة الحسكة وأودت بحياة متعاقد أميركي. واستهدفت الضربات مجموعات قالت واشنطن إنها تابعة للحرس الثوري الإيراني ما تسبّب بمقتل 11 من عناصرها، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة.
وتسيطر قوات النظام السوري على الضفة الغربية لنهر الفرات التي تُعد أبرز مناطق نفوذ إيران والمجموعات الموالية لها في سوريا.
ويقدّر المرصد السوري لحقوق الإنسان وجود نحو 15 ألف مقاتل من المجموعات العراقية والأفغانية والباكستانية الموالية لإيران في دير الزور وتحديداً المنطقة الممتدة بين مدينتي البوكمال الحدودية مع العراق ودير الزور مرورا بالميادين.
وينشر الحرس الثوري الإيراني الآلاف من المقاتلين والمستشارين العسكريين في سوريا، لكن طهران تتحدّث فقط عن مستشارين يعاونون القوات الحكومية.
وتقاتل مجموعات عراقية إلى جانب القوات الحكومية السورية بطلب إيراني. وينتشر هؤلاء اليوم بشكل رئيسي على الشريط الحدودي بين العراق وسوريا منذ انتهاء العمليات ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق ثم سوريا. ويتخذون في مدينة البوكمال مقراً. ومن أبرز هذه المجموعات كتائب حزب الله التي يقول متحدث باسمها إن مقاتليها ينتشرون في سوريا “كمستشارين” لحماية الحدود العراقية.
وتُعد تلك الكتائب أبرز فصائل الحشد الشعبي العراقي. ويعتبرها محللون ثالث قوة في المحور الذي تقوده طهران في المنطقة بعد الحرس الثوري وحزب الله اللبناني. ومن الفصائل العراقية أيضاً كتائب سيد الشهداء وكتائب الإمام علي وحركة حزب الله النجباء.
وينشر حزب الله اللبناني الذي يقاتل إلى جانب النظام السوري بشكل علني منذ 2013 قادة في منطقة دير الزور. وقد انخفض عديد قواته في سوريا خلال العامين الماضيين مع تراجع حدة المعارك واستعادة قوات النظام السيطرة على حوالى ثلثي مساحة البلاد.
وشارك لواءا “فاطميون” الأفغاني و”زينبيون” الباكستاني اللذان أسسهما الحرس الثوري الإيراني من مقاتلين أفغان وباكستانيين شيعة في معارك عدة في سوريا، ويحتفظون اليوم بمواقع مهمة في دير الزور، فضلاً عن مناطق سورية أخرى.
◙ الحرس الثوري الإيراني ينشر الآلاف من المقاتلين والمستشارين العسكريين في سوريا لكن طهران تتحدث فقط عن مستشارين يعاونون القوات الحكومية
ويُعد لواء "فاطميون"، وفق المرصد السوري، أحد أكبر الفصائل الموالية لإيران في سوريا. وتفرض واشنطن منذ العام 2019 عقوبات على الفصيلين.
وإضافة إلى المجموعات الأجنبية، أسّس الإيرانيون مجموعات محلية في دير الزور بات ينتمي إليها آلاف من المقاتلين السوريين الذين يحصلون على بدل مادي مغر.
وتقع في محافظة دير الزور أبرز حقول النفط السورية، وتسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية وأهمها حقل العمر النفطي، وهو الأكبر في البلاد، فضلاً عن حقلي التنك وجفرا. كذلك، تسيطر على حقل كونيكو للغاز.
وتقع على الجهة الغربية حقول نفطية تسيطر عليها قوات النظام وتشمل حقول الورد والتيم والشولة والنيشان. وتعد هذه المنطقة الحدودية طريقاً مهماً للكتائب العراقية ولحزب الله اللبناني كما المجموعات الأخرى الموالية لإيران لنقل الأسلحة والمقاتلين. وتستخدم أيضاً لنقل البضائع على أنواعها بين العراق وسوريا.
وعلى مر السنوات، تعرضت شاحنات كانت تقلّ أسلحة وذخائر ومستودعات ومواقع عسكرية تابعة لتلك المجموعات إلى ضربات جوية، خصوصاً في المنطقة الممتدة بين الميادين والبوكمال. وقد تبنت القوات الأميركية بعضها، ونُسبت أخرى إلى إسرائيل التي تؤكد دائماً عزمها على منع "التجذر الإيراني" في سوريا.