الولايات المتحدة تحث أوكرانيا على الانفتاح على مفاوضات مع روسيا

مخاوف من إعادة واشنطن النظر في هدف كييف لاستعادة جميع الأراضي.
الاثنين 2022/11/21
الحسم العسكري غير ممكن

مع دخول الحرب الروسية – الأوكرانية شهرها السابع دون حسم عسكري، بدأت الأصوات الداعية للتفاوض تتعالى من قبل حلفاء أوكرانيا الغربيين، بينما لا تمانع روسيا أيضا الدخول في محادثات سلام مع أوكرانيا دون شروط مسبقة.

واشنطن - تدعو الولايات المتحدة أوكرانيا بشكل متزايد إلى الانفتاح على محادثات سلام مع روسيا، بينما أكد مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنه سيكون من الصعب على قوات كييف استعادة الأراضي التي استولت عليها موسكو في الحرب.

وأشار رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال مارك ميلي إلى أن الدعم الأميركي لم يتضاءل، لكنه قال إن كييف كانت في وضع جيد لبدء محادثات سلام، إذ تمكن جنودها من الوقوف في وجه روسيا.

وأوضح أن الروس يعززون الآن سيطرتهم على 20 في المئة من الأراضي الأوكرانية وأن الخطوط الأمامية من مدينة خاركيف إلى مدينة خيرسون تشهد استقرارا.

مارك ميلي: عندما تكون هناك فرصة للتفاوض  يجب اغتنامها
مارك ميلي: عندما تكون هناك فرصة للتفاوض يجب اغتنامها

ورأى ميلي أن “احتمال تحقيق نصر عسكري أوكراني، يقوم على طرد الروس من جميع أنحاء أوكرانيا، بما في ذلك من شبه جزيرة القرم، واحتمال حدوث ذلك قريبا ليس كبيرا، من الناحية العسكرية”. وأضاف “يمكن أن يكون هناك حل سياسي حيث ينسحب الروس سياسيا، هذا أمر ممكن”.

وأكد البيت الأبيض الجمعة أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هو وحده المخول الموافقة على فتح مفاوضات سلام بين أوكرانيا وروسيا، رافضا أي فكرة عن ضغوط أميركية على كييف.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي للصحافيين “قلنا أيضا إن الأمر متروك للرئيس زيلينسكي ليقول ما إذا كان مستعدا للمفاوضات ومتى وما الشكل الذي ستتخذه تلك المفاوضات”.

وأضاف “لا أحد في الولايات المتحدة يشجعه أو يصر عليه أو يدفعه إلى طاولة المفاوضات”.

لكن في وقت سابق من هذا الشهر، قال زيلينسكي إنه لم يعد يطالب برحيل فلاديمير بوتين لبدء المفاوضات، وهو تغيير في المسار جاء بعد ضغوط من البيت الأبيض.

ولا يزال دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا قويا. فقد طلب البيت الأبيض هذا الأسبوع من الكونغرس الإفراج عن 38 مليار دولار إضافية لدعم كييف.

ولكن في الوقت نفسه، لم يعارض البيت الأبيض تصريحات الجنرال ميلي الذي أشار الأسبوع الماضي في نيويورك إلى أن أوكرانيا تكبدت مئة ألف قتيل وجريح في ساحة المعركة، وهو عدد قريب من تقديرات الجيش الروسي، وبالإضافة إلى سقوط أربعين ألف ضحية في صفوف المدنيين.

جون كيربي: لا أحد في الولايات المتحدة يشجع زيلينسكي أو يصر عليه أو يدفعه إلى طاولة المفاوضات
جون كيربي: لا أحد في الولايات المتحدة يشجع زيلينسكي أو يصر عليه أو يدفعه إلى طاولة المفاوضات

وتوقع الجنرال ميلي أن يرتفع هذا الرقم إذا استمرت أوكرانيا في القتال في محاولة استعادة حدود ما قبل عام 2014.

وقارن ميلي بشكل خاص الوضع بالحرب العالمية الأولى، عندما كان المعسكران غارقين في صراع أودى بحياة مليون شخص بين أغسطس وديسمبر من عام 1914، مع استقرار خط المواجهة ورفض إجراء مفاوضات سلام. وبعد مضي أربع سنوات على ذلك التاريخ، وفي نهاية 1918، كان قد سقط 20 مليون قتيل. وقال “لذلك عندما تكون هناك فرصة للتفاوض وعندما يمكن تحقيق السلام، يجب اغتنامها”.

وأثارت تعليقات ميلي مخاوف من أن الولايات المتحدة قد ترغب في إعادة النظر في هدف كييف المتمثل في استعادة جميع الأراضي التي تحتلها روسيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم ودونباس، التي فقدت أوكرانيا السيطرة عليها في عام 2014.

ويقول تشارلز كوبشان الأستاذ في جامعة جورج تاون الأميركية، إن إدارة بايدن ربما تحاول التأكد من أن الباب لا يزال مفتوحا للمفاوضات، وأن ميلي هو ببساطة “أكثر تطلعا نحو المستقبل”.

وأضاف “لا أعتقد أن هذا سابق لأوانه. أعتقد أنه من الحكمة أن على الروس والأوكرانيين الإبقاء على إمكانية وجود قناة دبلوماسية”.

وهي أيضا إشارة إلى زيلينسكي الذي تختبر تصريحاته صبر بعض الحلفاء.

ويقول كوبشان “من المفهوم أن زيلينسكي يشعر بالتوتر ويقول أشياء لا يحبها الحلفاء بالضرورة”. ويضيف أن البيت الأبيض يسعى إلى استباق أي ضغوط من الحلفاء الأوروبيين لإنهاء الحرب قبل أن تصبح كييف جاهزة لذلك. وتابع أن “إدارة بايدن ترى التحرك ببطء لضمان أن يظل الإجماع عبر الأطلسي قويا”.

ووصف مستشار الرئيس الأوكراني بـ”الغريبة” المساعي التي يبذلها الغرب لإقناع أوكرانيا بالتفاوض مع موسكو بعد سلسلة الانتصارات العسكرية التي حقّقتها كييف، معتبرا أنها أشبه بطلب استسلام البلاد.

لم يعد يطالب برحيل بوتين لبدء المفاوضات
لم يعد يطالب برحيل بوتين لبدء المفاوضات

وقال ميخائيلو بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني زيلينسكي، في مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس “عندما يكون زمام المبادرة بيدك في ساحة القتال، ينطوي على غرابة تلقي مقترحات على غرار ‘لن تكون قادرا على تحقيق كل شيء بالوسائل العسكرية بكل الأحوال، عليك أن تفاوض’”.

واعتبر بودولياك خلال المقابلة التي أجريت معه في مكتبه في مقر الرئاسة في كييف، أن هذا الأمر من شأنه أن يوحي بأن البلاد “التي تستعيد أراضيها عليها أن تستسلم للبلاد التي تتعرض لهزيمة”.

وأشار إلى أن موسكو “لم تقدّم أي مقترحات مباشرة” لكييف بشأن محادثات سلام، وفضّلت نقلها عبر وسطاء وقد طرحت إمكان وقف إطلاق النار.

وترى كييف في أي محدثات كهذه مناورات للكرملين تتيح للقوات الروسية على الأرض التقاط أنفاسها والتحضير لهجوم جديد.

وقال مستشار الرئيس الأوكراني “روسيا لا تريد المفاوضات. روسيا تقود حملة إعلامية تحت مسمى ‘مفاوضات’”.

موسكو تعمد منذ أسابيع إلى قصف واسع النطاق للبنى التحتية للطاقة في أوكرانيا، ما يغرق الملايين من المنازل في العتمة

وحذّر من أن أي مسار من هذا القبيل سينطوي على “مماطلة لكسب الوقت. في الأثناء ستجري تدريبات للقوات التي عبّأتها وستستحصل على المزيد من الأسلحة وستعزز مواقعها”.

وعلى الرغم من الهزائم العسكرية الكبرى في الأسابيع الأخيرة، لاسيّما استعادة أوكرانيا مدينة خيرسون الإستراتيجية الواقعة في جنوب البلاد، لا يزال الرئيس الروسي بوتين يعتقد أنه “قادر على تدمير أوكرانيا، هذا هو هوسه”، بحسب بودولياك الذي شدّد على أن التفاوض مع سيّد الكرملين “غير منطقي”.

وبعد انسحابات واسعة النطاق للقوات الروسية من منطقة كييف في مارس، ومن ثم من منطقة خاركيف في شمال شرق البلاد في سبتمبر، شكّل تحرير خيرسون هذا الشهر تحوّلا “أساسيا” في النزاع.

وتعمد موسكو منذ أسابيع إلى قصف واسع النطاق للبنى التحتية للطاقة في أوكرانيا، ما يغرق الملايين من المنازل في العتمة.

وقال بودولياك إن منطقتي زابوريجيا في جنوب أوكرانيا ولوغانسك في شرقها هما حاليا “وجهتان رئيسيتان” للجيش، رافضا التكهّن بشأن إمكان استعادة شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو في العام 2014.

وتطالب السلطات الأوكرانية الغرب بتزويدها بالمزيد من الأسلحة، وقد اعتبر أن هذا الأمر “بالغ الأهمية” في الشتاء.

5