الولاء للأسرة أولى من المال لتشجيع الطفل على مساعدة أهله

باحثون يؤكدون أن المبالغة في مكافأة الأبناء تجعلهم أكثر عرضة للتفكير في ممتلكاتهم، ويدعون الآباء إلى توخي الحذر بشأن استخدام الأشياء المادية لمكافأة أطفالهم على حسن السلوك.
الأربعاء 2019/04/10
تحفيز الأبناء على مساعدة الآباء

برلين - جعل الأطفال يساعدون في المنزل يمكن أن يكون تحديا. ويحفز بعض الآباء أطفالهم بإعطائهم أموالا إذا قاموا بعمل منزلي معين. ولكن هل هذه فكرة جيدة؟

تقول خبيرة التربية دانيله غراف “عادة ما يكون الأطفال متعاونين بالفطرة”. وتعتقد أن هذا راجع إلى أن البشر دائما يحتاجون إلى الاعتماد على بعضهم البعض للبقاء على قيد الحياة. وتوضح قائلة “هذا هو سبب رغبة طفل في الثانية من العمر في أن يساعدنا على نشر الغسيل أو الطهي".

ويمكن أن تنشأ المشكلات إذا ثبّط الآباء -دون قصد منهم- هذا السلوك التعاوني الطبيعي، لكون الأطفال مثلا يستغرقون وقتا طويلا في ما ينجزونه من أعمال. لكن خلافا لذلك تعتقد غراف أنهم سوف يستمرون في التعاون في ما يتعلق بالأعمال المنزلية، ولكن بمستوى متفاوت من الحماسة.

وتقول “دفع الأموال للأطفال لدعم الوحدة الأسرية محاولة لتحفيزهم ظاهريا “، وهذا يمكن أن يجدي نفعا، ولكن من الأفضل دعم محاولاتهم بدافع الولاء للأسرة. وتضيف غراف أن وراء رغبة الآباء في أن يساعدهم أطفالهم بالمزيد من الجهد، هو الشعور بأن المهام والأعمال المنزلية توزع بشكل غير عادل، وأنه لا يتم الاعتراف بعملهم.

وتتابع “هذا الشعور لن يتحسن بمكافأة الطفل بالمال”. إنما يجب على الأسرة مناقشة الوضع ويجب على الآباء التعبير عن رغبتهم في احترام أمنياتهم. وعندما يكون الآباء والأطفال منفتحين وصادقين مع بعضهم البعض، يعود تماسك الأسرة بالفائدة على الجميع.

وأكدت دراسة سابقة -أجراها باحثون بقيادة مارشا ريتشنز في جامعة “ميسوزوي” الأميركية بالتعاون مع نجوين لان شابلن في جامعة “ألينوي” في شيكاغو- أن إفراط الآباء والأمهات في مكافأة الطفل بالهدايا له تأثير سلبي على مراحل نموه النفسي، وهذا ما يجعله أكثر تمسكا بالأموال والممتلكات، ويكبر وهو غير مهتم بالجانب الأسرى والعاطفي ولا يقدّم المساعدة للآخرين قبل تأكده من الحصول على الثمن أو المكافأة. ونبهت الدراسة إلى أن هذه الإجراءات يمكن أن تؤثر سلبا على نمو الأطفال وتدفعهم نحو النزعة المادية والنفعية في تعاملهم مع الآخرين عند وصولهم إلى مرحلة البلوغ.

وقال الباحثون إن الأطفال الذين كوفئوا بالهدايا كانوا الأكثر عرضة للتفكير في ممتلكاتهم التي تحدد مكانتهم وقيمتهم من وجهة نظرهم، وتوصلوا إلى أن استخدام الممتلكات المادية للتعبير عن الحب أو مكافأة الأطفال عن إنجازاتهم يمكن أن يأتيا بنتائج عكسية. وأوضحوا أنه رغم ما يبذله الآباء من جهود لتوجيه أبنائهم نحو السلوكيات الفاضلة والابتعاد عن النزعة النفعية والمادية إلا أن الطرق الخاطئة للتعبير عن محبتهم تدفع أبناءهم -دون قصد- نحو النزعة المادية المرفوضة.

وحلل المشرفون على الدراسة التأثير طويل الأمد لمشاعر الأبوة والأمومة المادية على أكثر من 700 طفل وبالغ. وأظهرت النتائج أن البالغين الذين تلقّوا المزيد من المكافآت المادية والعقوبات الأقل كانوا أكثر ميلا إلى استخدام ممتلكاتهم لتحديد مشاعرهم والتعبير عنها، كما لوحظ أن الكبار الذين حصلوا على العديد من الجوائز المادية من المرجح أن يستمروا في مكافأة أنفسهم بسلع مادية.

وشدد الباحثون على ضرورة أن يتوخى الآباء والأمهات الحذر بشأن استخدام الأشياء المادية للتعبير عن حبهم ومكافأة أطفالهم على حسن السير والسلوك، حيث ثبت أن التركيز المفرط على الممتلكات المادية خلال مرحلة الطفولة يمكن أن تكون له آثار سلبية طويلة الأمد.

21