الولاء السياسي للسلطة في تونس لا يعني تجاهل تحسين الخدمات بالجهات

تونس - طرح الولاء السياسي لتوجهات السلطة في تونس وتبني توجهات الرئيس قيس سعيد وشعاراته في إدارة شؤون البلاد تساؤلات لدى التونسيين بشأن تغاضي بعض المسؤولين وعلى رأسهم الولاة (المحافظون) على تحسين الخدمات المباشرة للمواطنين في الجهات.
ويقول مراقبون إن تبنّي توجهات السلطة وأفكارها لا يعني بالضرورة تجاهل ما جاء من أجله المحافظون، ولا يعني أيضا الاقتصار على تكرار الشعارات دون العمل على الارتقاء بالخدمات اليومية وتحسينها.
وأقال الرئيس التونسي قيس سعيد والي (محافظ) ولاية بن عروس في وقت مبكر صباح الاثنين، وهي الإقالة الثانية بنفس الولاية منذ سبتمبر 2024.
ويأتي القرار إثر زيارة فجئية لسعيد، حيث عاين عدة إخلالات في المناطق التي زارها، وفق بيان رئاسة الجمهورية التونسية فجر الاثنين.
وعزت الرئاسة قرار الإقالة إلى ما أسمتها “إخلالات” اطلع عليها الرئيس أثناء زيارته إلى المنطقة الواقعة بالمدخل الجنوبي للعاصمة، مساء الأحد.
وأفادت الرئاسة، في بيان مقتضب، بإقالة وسام المرايدي، وتعيين عبدالحميد بوقديدة بدلاً منه.
وبوقديدة من أبناء وزارة التجهيز والإسكان وقد شغل خطة المدير الجهوي للتجهيز والإسكان ببن عروس. كما تولّى في وقت سابق خطة رئيس مدير عام لشركة تونس للطرقات السيارة.
ويحظى الرئيس سعيد بصلاحيات واسعة، من بينها إقالة وتعيين كبار المسؤولين في الدولة.
ومنذ توليه السلطة في تونس، أقال سعيد أربعة رؤساء حكومات وعدة وزراء وولاة ومديرين ومسؤولين بأجهزة الدولة، مشدداً على إصلاح الإدارة ومكافحة الفساد.
وأفاد المحلل السياسي والخبير الأمني خليفة الشيباني أن “الكفاءة هي أول شيء بالنسبة إلى الرئيس سعيد، ومهمة المحافظ أن ينفذ برنامج الرئيس في الجهة، ومن يستغل منصبه لمصالح خاصة مرفوض بالنسبة إلى الرئيس.”
ولفت أن “الرئيس سعيد قال في وقت سابق، من لم يقم بمهمته فليغادر منصبه.”
وتابع الشيباني “التعيينات تتم عبر عنصر الكفاءة، والرئيس سعيد يريد تناغما تاما بين توجهاته وبرامجه من ناحية وعمل الولاة من جهة أخرى، وهناك من جرّبوا ولم نجحوا في مهامهم.”
وبحسب المتابعين، يسعى الرئيس سعيّد لتدارك خطأ مرتكب في تعيين الولاة بعد الخامس والعشرين من يوليو 2021، على أساس الولاء السياسي.
وفي سبتمبر الماضي غيّر سعيد، 15 واليا قبل أقل من شهر على الانتخابات الرئاسية التي نظمت في أكتوبر الماضي، كما عيّن 9 ولاة جدد في ولايات لم يكن فيها ولاة منذ أشهر، وهي العاصمة تونس وأريانة وباجة والكاف (شمال) والقيروان (وسط) والمنستير والمهدية وصفاقس وقابس (شرق).
وبحسب المادة 106 من دستور 25 يوليو 2022 “يسند رئيس الجمهورية باقتراح من رئيس الحكومة الوظائف العليا المدنية والعسكرية” بما فيها تعيين وإعفاء الولاة.
وفي مارس الماضي، عيّن سعيّد، سارة الزعفراني الزنزري رئيسة جديدة للحكومة خلفا لكمال المدوري الذي تم إنهاء مهامه، لتصبح بذلك ثاني امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد بعد نجلاء بودن، التي كانت قد شغلت رئاسة الحكومة بين أكتوبر 2021 وأغسطس2023.
وفي 25 أغسطس الماضي، أجرى سعيد تعديلا موسّعا على الحكومة شمل 19 وزيرا و3 كتّاب دولة، استثنى منه 5 وزارات هي: الداخلية والعدل والصناعة والمالية والتجهيز. وأتى التعديل الحكومي قبل انتخابات رئاسية نظمت في 6 أكتوبر، وخاضها 3 مرشحين بينهم سعيد.
وقبلها أعلن سعيد تكليف وزير الشؤون الاجتماعية كمال المدوري، برئاسة الحكومة خلفا لأحمد الحشاني، الذي عيَّنه رئيسا للحكومة في 1 أغسطس 2023، بعد إنهاء مهام رئيسة الحكومة السابقة نجلاء بودن.
وترأس الحشاني، الحكومة الـ14 بعد الثورة التي اندلعت في ديسمبر 2010، وثاني حكومة بعد بدء سعيد فرض إجراءات استثنائية في 25 يوليو 2021.
وشملت تلك الإجراءات، حلّ مجلسي القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء.
وتعتبر قوى تونسية تلك الإجراءات “انقلابا على دستور الثورة (دستور 2014)، وتكريسا لحكم فردي مطلق،” بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد “تصحيحا لمسار ثورة 2011،” التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.