"الوطنجية" يشتبكون مع حسابات وهمية في الترند السعودي

معارك حامية الوطيس تدور رحاها في الترند السعودي على تويتر بين “الوطنجية” والحسابات الوهمية التي تدار من الخارج وهدفها توجيه الرأي العام السعودي.
الرياض - صعد هاشتاغ #متنكرين_كالسعوديين، إلى الترند السعودي على تويتر الجمعة، على خلفية استغلال حسابات تتدعي أنها سعودية لمهرجان التنكّر لتوجيه انتقادات لاذعة إلى السعوديين.
وشهدت العاصمة السعودية الخميس والجمعة “أكبر حفلة تنكّرية” في المملكة ضمن موسم الرياض الترفيهي، وفقا لما ذكرت وسائل إعلام محلية.
وكان اليوم الأول من الحفلة قد شهد إقبالا كبيرا من الزوار، حيث سُمح لمرتدي الأزياء التنكرية بالدخول مجانا إلى منطقتي “بوليفارد رياض سيتي”، و”ونتروندرلاند”.
وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل حضور جموع غفيرة إلى الحفلة التنكرية في أزياء تبدو أقرب إلى الأنماط المرتبطة بأحداث الخيال العلمي، وافتتاحيات الأفلام، والفانتازيا الشعبية، وعدد من التصاميم التي تعود إلى مجموعة من الشخصيات الواقعية والخيالية.
يذكر أن الحكومة السعودية أنشأت الهيئة العامة للترفيه، في إطار خطتها لإدخال تغييرات على الساحة الثقافية، ضمن “رؤية 2030” التي تتضمن إحداث تغييرات اقتصادية واجتماعية في البلاد.
وهاجمت حسابات هيئة الترفيه “بسبب ما فعلته بأرض الله الحرام من نشر الرقص والغناء وهدم عادات المجتمع السعودي، تحت ستار الانفتاح والتقدم”، كما عبرت عن رفضها لما وصفته بـ”التغريب ونشر الانحلال في أرض الله الحرام”.
والحملة الحالية استكمال لحملات سابقة تهاجم الانفتاح السعودي، ففي يناير الماضي انطلقت هاشتاغات على غرار #بنات_الكونسرت_بخطر و#كونسرت_حزين و#القبض_على_متحرشين_الكونسرت و#تجمع_متضررين_الكونسرت، أكد ضمنها مستخدموها أن تحرشا ممنهجا طال السعوديات وصل إلى حدّ الاختطاف في حفل فني لإحدى الفرق الكورية الشهيرة، ضمن موسم الرياض الفني، مما استدعى تأجيل الحفل وهو ما أثار بلبلة واسعة في تويتر. وأرفقت التغريدات بصور ومقاطع فيديو مفبركة.
وبلغت نسبة المشاركة في الهاشتاغات من خارج السعودية حوالي 75 في المئة. وأرسلت معظم المشاركات من إيران والعراق وفلسطين.
ويقول سعوديون إن الحسابات التي تهاجم النظام السعودي وهمية في معظمها، وهدفها توجيه الرأي العام السعودي. ويتهم سعوديون جهات خارجية بالوقوف وراء الحسابات “لتشويه سمعة السعودية والسعوديين”.
وانتشر هاشتاغ #متنكرين_كالسعوديين منذ أسبوعين. ويقول مغرد:
eng_hossam1992@
متنكرين_كالسعوديين 16 لذلك نحذر منهم.
وكتب حساب:
وغرد آخر:
bd10717@
متنكرين_كالسعوديين 16 وش ذنب المرأة السعودية تتشوه سمعتها وراء حسابات بقايا شتات أجانب؟ وش ذنب السعودي تتشوه سمعته وراء حسابات وهمية بقذف دولته وأصله وبنات دولته؟
ويقول مغردون اعتمادا على إحصائيات سابقة إن أكثر من مليون حساب ناشط على توتير تنتحل هوية السعوديين وتستخدم لهجتهم في التغريد، وكذلك يضع مستخدموها صورا شخصية لحساباتهم عبارة عن صورتي العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وقال ناشط إعلامي:
واعتبر مغرد:
faisal_suliman@
هؤلاء أكثر أصحاب حسابات منتشرة الآن في تويتر، وهم عبارة عن عصابات بأسماء وهمية تُدار من خارج السعودية، يستخدمون واتساب برقم سعودي والحوالة تكون على حسابات بنكية لبنات سعوديات (ملعوب عليهن) يعطونهم كل شهر ألف ريال ويسرقن الباقي. قضايا النصب والاحتيال تملأ المحاكم ضد بنات سعوديات.
ووجه آخرون سهام النقد إلى الإعلام الفاشل محليا، الذي يبرز ضعيفا وغير قادر على توجيه الرأي العام، فيما يظهر الإعلام الخارجي للمملكة مخطوفا ومسيطرا عليه من جهات أجنبية.
وتستخدم الجيوش الإلكترونية كل الأساليب لغزو الترند السعودي بدءا من “الهاشتاغات الباردة” التي تتميز بخدش الحياء، وتفاهة المحتوى، والإساءة للذوق والآداب العامة، بالإضافة إلى استغلال المؤسسات السعودية لنشر الإشاعات.
وكمثال على ذلك انتشرت على موقع تويتر معلومات مفادها أن السعودية ستسمح للمطاعم بالعمل في نهار شهر رمضان لخدمة السياح الذين يزورون المملكة.
وادعى مستخدمون لموقع تويتر أن اتحاد الغرف التجارية السعودية خاطب الغرف التابعة لمختلف مناطق المملكة لإخطارها بالقرار الذي يأتي تماشيا مع “رؤية 2030”، والحرص على تقديم الخدمات التي تؤمّن الراحة للسائحين.
ونشر مستخدمو تويتر الخطاب الذي يحمل توقيع رئيس اتحاد الغرف التجارية السعودية عجلان العجلان، للتأكيد على ادعائهم. إلا أن كل تلك المعلومات مضللة وغير صحيحة كليا.
وفي السادس عشر من مارس، نفى اتحاد الغرف التجارية السعودية هذا الادعاء كليا. وكتب عبر حسابه الرسمي في تويتر “يوضح اتحاد الغرف التجارية بأنه لم يصدر أي تعاميم تتعلق بعمل المطاعم في نهار شهر رمضان المبارك”.
وأضاف الاتحاد في ذات التغريدة “وتفاديا للشائعات؛ فإن أخبار الاتحاد تُنشر على الموقع الرسمي للاتحاد، والحسابات التابعة له على شبكات التواصل الاجتماعي”.
وتهاجم الحسابات الوهمية في مجلمها من يسمون “بالوطنجيين”، وهم مغردون سعوديون يدافعون بشراسة عن المملكة في وجه كل الانتقادات.
يقول حساب على الوطنجيين:
c__a1@
الوطنجية أغبياء ويغثونك بغبائهم وعنصريتهم، إذا لاحظت أحدا منهم ابصق عليه وامض إلى حال سبيلك.
لكن مغرد “وطنجي” أجابه:
و“الوطنجية” أو “الوطنجينون” هم من مستخدمي تويتر في السعودية، واختصوا بملاحقة ومضايقة منتقدي المملكة ووصفهم بـ”الخونة” في إطار سيطرة المشاعر القومية على الشباب السعوديين، حيث تنتشر شعارات “السعودية للسعوديين” و”السعودية الكبرى” و”السعودية أولا”، في سرد جديد للوقائع. وبدأ الأمر كحركة تلقائية تطورت لتسيطر إعلاميا وشعبيا.
ويدعو الشعور الجديد بالقومية إلى الانفصال عن أي التزام تجاه أصحاب القضايا، التي لا تضيف إلى السعودية شيئا، فما بالك أولئك الذين يمتهنون سب السعودية وشتمها ليلا ونهارا.
يتفاعل السعوديون على تويتر بشأن الانتقادات الموجهة إلى بلادهم، وهناك من يرى فيها تهجما وتحاملا على المملكة.
وقال الأكاديمي السعودي صالح العصيمي إن الحسابات تعطي “إيحاء أنهم مدعومون من الدولة وأنهم حكومة موازية”، مضيفا أنهم “أعطوا هذا الحق لأنفسهم”.
ويؤكد الخبير أنس شاكر “هذه الحسابات أثبتت أنها قيمة للقيادة السعودية”، لكنه تابع قائلا “بينما تصبح أكثر قوة فإن الحكومة ترغب في إحكام سيطرتها عليها”.
وفي السعودية يمثل تويتر ساحة يجتمع فيها المواطنون لتبادل المعلومات والآراء حول كل القضايا. وتعتبر المملكة أكبر سوق لوسائل الإعلام الاجتماعي في المنطقة، حيث إن 75 في المئة من سكانها لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاما، وتجنح هذه الفئات العمرية إلى التعامل مع منصات الإعلام الرقمي. وقد يبدو أن الجميع في السعودية يستخدمون تويتر، سواء كانوا رجال دين بارزين أو صحافيين معروفين أو مشاهير التلفزيون، وحتى العاهل السعودي الملك سلمان الذي لديه 9.4 مليون متابع.
وتواجه السعودية تحدي إبقاء سيطرتها على الرأي العام في تويتر، الذي كادت أن تفقد السيطرة عليه قبل سنوات قليلة حين واجهت السلطات الأمنية صعوبة في إدارته، ما جعل السلطات تدق ناقوس الخطر، حتى أنها طرحت فكرة إمكانية إغلاق الموقع.