الوضع الصحي الخطير للبرغثي يلقي بظلاله على بنغازي

وضعية البرغثي الصحية تكتسي أهمية خاصة لدى قيادة الجيش حيث أن وفاته قد تعني اغتيالا متعمدا في عيون أنصاره.
الاثنين 2023/10/16
بقاء البرغثي على قيد الحياة سيفرض عرضه على محكمة عسكرية

بنغازي (ليبيا) - عادت حالة الغموض لتخيّم من جديد على الوضع الأمني في بنغازي، أكبر مدن شرق ليبيا، بعد عشرة أيام من الاشتباكات الدموية التي جدت في منطقة السلماني بين قوات عسكرية وأمنية حكومية ومسلحين معارضين للجنرال خليفة حفتر تسللوا إلى المدينة تحت قيادة وزير الدفاع الأسبق بحكومة الوفاق مهدي البرغثي.

وفيما تحدثت داخلية الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب عن إطلاق خطة أمنية جديدة بالمنطقة الشرقية لضمان الاستقرار وقطع الطريق أمام الجماعات المتشددة، قال مكتب إعلام القيادة العامة للجيش في بيان مقتضب إن الجنرال حفتر عقد في مكتبه لقاء مع عمدة وأعيان ووجهاء قبيلة البراغثة ورئيس الأركان العامة والمدعي العام العسكري ووكيل وزارة الداخلية، دون أن يقدم المزيد من التفاصيل عن الاجتماع.

وربط المراقبون بين اللقاء وموقف قبيلة البراغثة التي تعد جزءا مهما من قبيلة العواقير ذات النفوذ الاجتماعي الواسع في بنغازي وبرقة، من اشتباكات السادس من أكتوبر الجاري، حيث كان وزير الدفاع الأسبق يعول على التحصّن بانتمائه إليها، ويعمل على تجييش عدد من أبنائها العسكريين والمدنيين لمساندته في تمرده ضد قيادة الجيش.

◙ موقف قبيلة البراغثة يزداد تعقيدا بعد إعلان الصوصاع أن البرغثي تعرض لإصابات بليغة خلال مواجهات مع قوات أمنية رفض تسليم نفسه إليها

ويرى المراقبون أن موقف القبيلة يزداد تعقيدا بعد إعلان المدعي العام العسكري التابع للقيادة العامة فرج الصوصاع أن البرغثي تعرض لإصابات بليغة وخطيرة خلال مواجهات مع قوات أمنية رفض تسليم نفسه إليها، وهو ما يشير إلى إمكانية وفاته متأثرا بجراحه.

وفي المقابل قالت زوجة البرغثي إنه كان بصحة جيدة عندما سلم نفسه إلى قوات تابعة للجيش بعدما احتجزوا أطفالا ونساء داخل منزله في مدينة بنغازي، وفق تعبيرها، مؤكدة أن زوجها قرر العودة إلى بنغازي تحت إلحاح شديد من أقاربه وشيوخ قبيلته، وقد اشترط أن يعود بصفته العسكرية، نافية أن يكون قد اصطحب معه مسلحين لقيادة تمرد ضد سلطات الجيش.

لكن المدعي العسكري شدد على أن رتلا مسلحا بأسلحة خفيفة ومتوسطة ومكونا من 40 إرهابيا بقيادة البرغثي تسلل إلى بنغازي، وعند إرسال إحدى دوريات الشرطة العسكرية لتسليم نفسه والمجموعات المرافقة له، رفض وتعامل مع الدورية بالسلاح، متهما إياه بمحاولة زعزعة الاستقرار والأمن في المدينة بمساعدة خلايا إرهابية نائمة.

وترى أوساط مطلعة من شرق ليبيا أن وضعية البرغثي الصحية تكتسي أهمية خاصة لدى قيادة الجيش، حيث أن وفاته قد تعني اغتيالا متعمدا في عيون أنصاره وأقربائه وأبناء قبيلته، يضاف إلى سلسلة التصفيات التي تعرض لها عدد من معارضي السلطة العسكرية في المنطقة الشرقية، كما أن بقاءه على قيد الحياة سيفرض عرضه على محكمة عسكرية بتهم تصل أحكامها إلى الإعدام رميا بالرصاص.

وتخشى قيادة الجيش من الأبعاد الاجتماعية لمصير البرغثي الذي ظهرت مؤشرات على أن حركته المناهضة لقيادة الجيش كانت لها أصداء في عدد من المناطق، وهو ما كشف عنه وكيل وزارة الداخلية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب فرج قعيم عندما قال إن لدى الأجهزة الأمنية “معلومات كاملة عن الاجتماعات التي عقدت في مدن أجدابيا والبريقة والمرج وبنغازي وسلوق والكويفية والمرج وبنينا والمقرون" و"أسماء جميع الأشخاص في مصر وتركيا وتونس، الذين يمدونهم بالأموال"، محذرا من أنها "ستضرب بيد من حديد كل من يتواصل معهم".

ومن جانبه، أوضح جهاز الأمن الداخلي بالمنطقة الشرقية أنّه لاحظ خلال الأيام الماضية حملة ممنهجة من الكذب والتضليل المدفوع موجهة إلى مدينة بنغازي بهدف تشويه صورتها وتعطيل تنميتها من قبل بقايا التنظيمات الإرهابية المتطرفة.

◙ قيادة الجيش تخشى من الأبعاد الاجتماعية لمصير البرغثي الذي ظهرت مؤشرات على أن حركته المناهضة لقيادة الجيش لها أصداء بعدد من المناطق

وتابع أنه "عمل خلال الفترة الماضية بإسناد من قوات الجيش على الضرب بيد من حديد ضد كل من سولت له نفسه المريضة ومخيلته الواهمة المساس بأمن وأمان بنغازي، الذي كلف تحقيقه الآلاف من الأرواح والأجساد والأطراف الزكية"، معتبرا أن عناصر خلية "السلماني" التخريبية التي حاولت زعزعة استقرار المدينة، قد تلقت ضربة موجعة بفقدانها عددا من عناصرها خلال مقاومتهم للقوات، أمّا من تبقى منهم أو كان على تنسيق سري معهم فقد قد أطيح بهم وانتهت مؤامرتهم جميعا خلال أقل من ساعتين من مساء يوم الجمعة قبل الماضي.

وبحسب السلطات الأمنية في المنطقة الشرقية، فإن التحقيقات الأولية أدت إلى معرفة الجهات التي تولت تمويل الإرهابيين، والحصول على معلومات إضافية عن العناصر الأمنية والمدنية التي قد يكون لها دور في مساندة المخطط التخريبي، وهو ما يطرح إمكانية حصول تطورات مهمة بعد الكشف عن القوى الداخلية والخارجية التي قد تكون متورطة في مخطط بث الفوضى في بنغازي.

وكان وزير الصحة بالحكومة المنبثقة عن مجلس النواب عثمان عبدالجليل كشف عن وقوع 15 قتيلا جراء الاشتباكات التي شهدتها منطقة السلماني في مدينة بنغازي، وأبرز أن كل القتلى جرى دفنهم بأمر من النائب العام، وأن جميع المصابين جرى التعامل معهم بصورة متساوية وإنسانية ومهنية، لافتا إلى أن 6 عناصر من أفراد الجيش الوطني الليبي قضوا خلال الاشتباكات مقابل مقتل 9 عناصر من المجموعة الإرهابية وإصابة 8 آخرين.

4