الوجود الإيراني في سوريا الملف الأكثر أولوية في تعامل ترامب مع الأسد

تشتبك السياسات الأميركية مع العديد من الفاعلين في الملف السوري، وإيران أهمهم، بالنسبة إلى الفائز بالرئاسة الأميركية دونالد ترامب، وتؤكد تقارير غربية أن إسرائيل والولايات المتحدة تسعيان لتحجيم نفوذ إيران في سوريا، عبر التعاون مع الرئيس بشار الأسد المستاء من الوجود الإيراني في دمشق.
دمشق - لن يكون الملف السوري بعيدا عن دائرة اهتمام الفائز بالانتخابات الأميركية دونالد ترامب الذي من المتوقع أن تشهد إدارته نهجا جديدا في التعامل مع الرئيس السوري بشار الأسد في ظل الأوضاع الراهنة خصوصا الوجود الإيراني على الأراضي السورية الذي تعمل كل من الولايات المتحدة وإسرائيل على تحجيمه.
ومع تشعب الملف السوري ووجود أطراف محلية وإقليمية ودولية متعددة فيه، تكثر التكهنات وراء الكواليس عن سياسة ترامب تجاه سوريا خصوصاً في ما يتعلق بالوجود التركي والإيراني شمالي وشمالي شرقي البلاد إضافة إلى الضربات الإسرائيلية.
وبينما تجمع التحليلات على أن “سياسة الضغط الأميركية والعقوبات ستكون قائمة بالتأكيد” وأنها لن تتغير بغض النظر عن الرئيس، إلا أن التعامل مع الأسد ربما يشهد بعض التغيير، حيث كشفت صحيفة واشنطن بوست في تقرير نشرته الثلاثاء، بأنّ إسرائيل والولايات المتحدة تسعيان لتحجيم نفوذ إيران في سوريا، وذلك عبر التعاون مع الأسد.
وقالت الصحيفة إنّ “إسرائيل والولايات المتحدة تريدان مساعدة سوريا لمنع إيران من الاستمرار في إمداد حزب الله اللبناني، عبر الحدود السورية”. ونقلت عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين أنّ “بشار الأسد قد يدعم منع إيران من إمداد حزب الله عبر سوريا، لأنه أصبح مستاء من الوجود الإيراني في العاصمة دمشق”.
كما صرح مسؤول إسرائيلي “نأمل في أن نستطيعَ جعلَ بشار الأسد، في الحدّ الأدنى، يُوقِفُ إمدادات السلاح إلى حزب الله عبر سوريا”.
أنقرة تعول على خلاف ترامب مع ماكغورك مستشار بايدن لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الداعم لقسد
وتستهدف إسرائيل القوات والميليشيات الإيرانية في سوريا، باعتبارها الخط الدفاعي الأمامي.
ورغم مقتل المئات من القادة الإيرانيين على وقع الضربات الإسرائيلية المستمرة للعديد من المدن السورية وبالأخص دمشق وريفها، إلا أن النفوذ الإيراني في سوريا لم يتراجع وما زالت طهران تتحكم بقطاعات واسعة في البلاد.
وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مخاطبا ترامب في بيان “عودتك التاريخية إلى البيت الأبيض تمنح الولايات المتحدة بداية جديدة وتجدد الالتزام بالتحالف العظيم بين إسرائيل والولايات المتحدة… هذا انتصار عظيم”.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي المقال يوآف غالانت صرح قبل يومين لصحيفة “فايننشال تايمز”، إن إسرائيل لن تقبل بالوجود العسكري الإيراني في سوريا، مؤكدا سعي تل أبيب لوقف نقل الأسلحة عبر سوريا إلى حزب الله في لبنان.
وتابع غالانت “لا يمكننا قبول الوجود العسكري الإيراني في سوريا. نحن بحاجة إلى وقف نقل الأسلحة، خصوصًا الأسلحة الثقيلة، من إيران عبر سوريا والعراق إلى لبنان”.
ويرى متابعون أن ترامب قد يسعى إلى التوصل لتفاهمات محددة مع بشار الأسد بخصوص تحجيم النفوذ الإيراني وهو ما كانت إدارة جو بايدن تعمل عليه، ومن المرجح ألا يتغير الأمر لدى الإدارة الجديدة وقد يشجع على بعض “التسويات” التي تجعل الأسد ينأى بنفسه عن التحالف الوثيق مع طهران.
وكان الأسد قد أبدى لامبالاة لمن يفوز بالانتخابات، وتحدث في مارس الماضي خلال حوار سياسي مع وزير الخارجية الأبخازي إينال أردزينبا، عن الانتخابات الأميركية قائلاً “علينا أن نحاول حتى عندما نعلم أن النتائج قد تكون محدودة؛ فالسّياسة هي فن الممكن”.
ترامب قد يسعى إلى التوصل لتفاهمات محددة مع بشار الأسد بخصوص تحجيم النفوذ الإيراني وهو ما كانت إدارة جو بايدن تعمل عليه
وأضاف الأسد في تصريحاته، معلقاً على تحليلات وسائل الإعلام والمعلومات المتاحة، قائلاً “التوقعات تشير إلى احتمال فوز ترامب”.
وتابع “لا يختلف الرؤساء الأميركيون عن بعضهم البعض، هم أشبه بمديرين تنفيذيين، ولذا علينا أن نفهم من يقف حقاً خلف صنع السياسات، وليس فقط من يظهر كوجه المرشح الفائز في الانتخابات”.
وتشتبك السياسات الأميركية مع العديد من الفاعلين في الملف السوري، بدءاً من التدخل الروسي في سوريا، وانتشار للميليشيات الإيرانية أو حزب الله اللبناني، إلى جانب دخول الجيش التركي إلى الشمال السوري وما يتصل من اتفاقيات خفض تصعيد في أستانا بين إيران وتركيا وروسيا أو المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة في جنيف برعاية أممية، وما شمل كذلك من انتشار للقواعد الأميركية في عدد من المناطق السورية.
وسيكون على ترامب تحقيق توازن بين دعم حلفاء واشنطن شمال شرقي سوريا، والتعاون مع تركيا، وقد أبدى ترامب سابقا تفهما لمخاوف أنقرة الأمنية، لكنه قد يضغط عليها لتفادي أي صدامات تؤثر على مصالح واشنطن.
وكانت لترامب خلافات مع تركيا حول شمال شرقي سوريا، خاصة في ما يتعلق بتعامل أنقرة مع قوات سوريا الديمقراطية، “قسد”، إذ انتقد خطط أنقرة لمواجهة “قسد” وأبدى استياءه من تحركاتها هناك.
واشنطن بوست كشفت أنّ إسرائيل والولايات المتحدة تسعيان لتحجيم نفوذ إيران في سوريا، وذلك عبر التعاون مع الأسد
غير أن أنقرة وواشنطن قد تلتقيان عند نقطة تتمثل بخلاف ترامب مع بريت ماكغورك مستشار جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وصاحب العلاقة المتوترة مع تركيا.
وسارع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء بتهنئة “صديقه” دونالد ترامب على فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية بعد “معركة عظيمة” على حد تعبيره.
وقال أردوغان في منشور على موقع إكس “أعتقد.. أنه سيتم بذل المزيد من الجهود من أجل عالم أكثر عدالة في هذا العصر الجديد الذي بدأ بانتخاب الشعب الأميركي”، مضيفا أنه يأمل أن تنتهي الحروب الإقليمية.
وكانت تركيا تطمح جاهدة لتحقيق أي اتفاق مع الأسد لكسر نفوذ قوات “قسد” المدعومة أميركياً في شمال شرق سوريا، إلا أنها لم تستطع ذلك لأنها لا تريد تقديم تنازلات كبيرة لدمشق، وربما يقوم ترامب بدور في هذا الشأن أسوة بروسيا.
وبعد فوز ترامب سيكون بريت ماكغورك على قائمة المغادرين لمناصبهم، نظرا للخلاف العميق بينه وبين ترامب.
وتبنى تيار من إدارة بايدن بقيادة بريت ماكغورك، مقاربة تتضمن عدم عرقلة التطبيع العربي مع النظام السوري بشرط أن يكون منسقاً مع الإدارة الأميركية، ويخدم أهدافها وعلى رأسها تسوية الوضع القانوني “للإدارة الذاتية” التابعة لـ”قسد” عبر إقرار نظام حوكمة لا مركزي.
وأجرى بريت ماكغورك في 13 أبريل الماضي زيارة إلى الرياض على رأس وفد أميركي رفيع، بهدف مناقشة الخطوات السعودية تجاه النظام السوري.
وبعد أيام قليلة من لقاء المسؤولين في الرياض مع المنسق الأميركي ماكغورك، أوفدت السعودية وزير خارجيتها فيصل بن فرحان إلى دمشق، مما أعطى إشارات قوية على الرغبة الأميركية بتنسيق المسار وتوظيفه.
وفي ما يخص سحب القوات الأميركية من شمال شرقي سوريا، قال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض عام 2019 إن الولايات المتحدة “ليست شرطيا”، مضيفا “لقد حان الوقت لنا للعودة إلى الوطن”.
وحول شن تركيا هجوما على “قسد” وحزب العمال الكردستاني وصف ترامب “قسد” قائلا إنهم “ليسوا ملائكة”.