الوباء يُعقد فرص إتمام بريكست في موعده

دخلت بريطانيا الاثنين جولة حاسمة من مفاوضاتها الصعبة مع الاتحاد الأوروبي لبلورة اتفاق يمهد تنفيذ بريكست بنهاية العام الجاري، رغم تحذيرات المراقبين من أن الوباء سيشكل ضيفا ثقيلا كونه سيجعل من التوصل إلى إبرام تسوية لإتمام الطلاق في موعده أمرا شبه مستحيل.
بروكسل – استؤنفت المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا حول العلاقة المستقبلية في مرحلة ما بعد بريكست الاثنين عبر الفيديو بعد توقف طويل بسبب وباء كورونا، الذي يجعل آفاق التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية ديسمبر غير أكيدة.
وتتزايد التوقعات حول إحراز تطور جديد بعد مضي 11 أسبوعا على خروج بريطانيا من ساحة الاتحاد الأوروبي.
وتواجه بريطانيا مخاطر تتطور بسرعة على ممرات الشحن البحري وأراضي الصيد والبنية التحتية البحرية وتشمل الصيد غير المشروع والاتجار بالبشر والجريمة المنظمة، فضلا عن مسائل الأمن والإجراءات القضائية.
وبعد جولة محادثات أولى في مطلع مارس الماضي، علقت المفاوضات على مدى ستة أسابيع فيما يقترب استحقاق يونيو، الذي حددته لندن لتقييم فرص التوصل إلى اتفاق، بسرعة كبيرة.
وألقى فايروس كورونا بثقله على مجريات المحادثات، فأصاب أولا كبير مفاوضي الاتحاد ميشال بارنييه ما أرغم الفريق الأوروبي المؤلف من حوالي مئة شخص على الالتزام بحجر صحي، ثم أصاب نظيره البريطاني ديفيد فروست.
كما أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أصيب بدوره بالفايروس ويتعافى حاليا بعد دخوله العناية المركزة لأيام.
ورغم هذه الظروف التي تسبب فيها الوباء فإن بريطانيا التي خرجت من الاتحاد الأوروبي في 31 يناير ترفض أي تمديد للفترة الانتقالية إلى ما بعد نهاية ديسمبر المقبل، ما يزيد مخاطر عدم التوصل إلى اتفاق حول العلاقة المستقبلية بين الطرفين.
وفي هذه الحال، تطبق قوانين منظمة التجارة العالمية مع حقوق جمركية مختلفة وحواجز جمركية بين أوروبا وبريطانيا.
ورغم أن بريطانيا تواجه تهديدا بركود تاريخي بحسب الهيئة العامة أو.بي.آر مع احتمال تراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 13 في المئة هذا العام، إلا أن لندن لم تستجب لهذه الدعوة.
ويؤكد فابيان زوليغ من مركز السياسة الأوروبية أن القيود الفنية للمفاوضات التي تتم عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة والانعكاسات الاقتصادية المحتملة لعدم التوصل إلى اتفاق ترجح الكفة بقوة إلى التمديد، لاسيما وأن الفشل سيؤدي كما يبدو إلى الأمر الأقسى أي البقاء دون اتفاق.
وأوضح الخبير في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أنه في الوقت نفسه، حتى الآن، لم يعتبر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الخيار الاقتصادي الأفضل على الإطلاق.
وأضاف “ذلك الأمر مرهون إلى حد كبير بالثمن الذي سيكون جونسون مستعدا لدفعه مقابل ما يعتبر في بريطانيا سيادة واستقلالية البلاد”.
وعبر مصدر أوروبي قريب من المحادثات عن قلقه قائلا إن “بريكست على طريقة جونسون، هو بريكست دون اتفاق يهز الاقتصاد. ومع كورونا سيشكل ذلك صدمة مزدوجة للشركات”.
وتضاف صدمة الوباء إلى عملية صعبة لم يتمكن خلالها الطرفان من تبديد خلافاتهما حول العلاقات المستقبلية في ختام جولة أولى من المحادثات.
ويبدأ ذلك بالشكل الذي ستتخذه، إذ يرغب البريطانيون في عدة اتفاقات منها العلاقات التجارية والصيد، بينما يريد الاتحاد الأوروبي اتفاقا شاملا لكي يتم التقدم في كل المواضيع في الوقت نفسه.
وبالنسبة لبروكسل، لن تكون هناك شراكة في حال لم تتم تسوية موضوع صيد الأسماك المتفجر في شكل “متوازن”، علما وأنه يعتبر أساسيا لعدة دول أعضاء في مقدمها فرنسا والدنمارك خصوصا.
والمسألة الثانية موضع الخلاف هي شروط المنافسة التي يريدها الاتحاد “شفافة وعادلة” لمنع ظهور اقتصاد غير منظم على أبوابه.
ومثل هذه الشروط تتطلب احترام المعايير المشتركة في مجالات الاقتصاد والعمل والبيئة والضرائب خصوصا، وهو ما ترفضه لندن معتبرة أنه يشكل “سيطرة على قوانينها الخاصة”.
ويقول إريك موريس من مؤسسة شومان إنه لا أحد لديه بعدُ أي اتجاه سيسلكه الأوروبيون أو البريطانيون، فكل الأمور تغيرت و”لا نعلم ما إذا كان سيتم التزام مهلة نهاية يونيو، وأي طريق تسوية محتملة يبدو الطرفان على استعداد للقيام بها”.