الواقعية والتجريب يجسدان الحياة البسيطة في لوحات سعد مهزرس

لوحات تعكس تجربة فنية تتجاوز الأبعاد الكلاسيكية للفن لتحمله إلى عوالم لامتناهية بحثا عن المعنى الوجودي المنشود.
الأربعاء 2024/10/09
موهبة عصامية

تونس – من بيئته الصحراوية البسيطة والمعقدة في آن واحد، استوحى الفنان العصامي سعد مهزرس مواضيع ومواد أعماله التشكيلية، ليحملها معه إلى العاصمة تونس حيث يعرضها أمام جمهور يرغب في اكتشاف الآخر بكل ملامح بيئته ومحيطه اللذين هما جزء لا يتجزأ من هويته.

المعرض يستضيفه رواق الهادي التركي بتونس ويتواصل إلى غاية 12 أكتوبر الحالي، ويؤكد من خلاله الفنان التشكيلي مهزرس امتلاكه موهبة عصامية مميزة في الإبداع.

يحمل المعرض عنوان “du guerbisme au Galaxysme”، (من القربة إلى المجرة)، استمدّه الفنان من “القربة” التي يستخدمها البدو في تخزين المياه وحفظها للشرب، أما المصطلح الثاني، فيُشير به إلى المطلق أو الفضاء المفتوح اللامتناهي.

ويقدم الفنان في هذا المعرض 44 لوحة تتميز بتقنيات ومواد فنية متنوعة، تتراوح بين الورق المقوى واللصق والأكريليك، مع توظيف الأعشاب الطبيعية مثل “الشيح” و”الإكليل” للحفاظ على الألوان الحية للطبيعة.

وينقل هذا الفنان، الذي ينحدر من قرية شنني الجبلية بولاية (محافظة) تطاوين جنوب تونس، عبر ريشته عوالم تشكيلية غنية تتجسّد فيها الواقعية والتجريب في آن واحد. وتعكس لوحاته تجربة فنية تتجاوز الأبعاد الكلاسيكية للفن التشكيلي لتحمله إلى عوالم لامتناهية فتحرّك فيه ملكة التفكير والتأمّل بحثا عن المعنى الوجودي المنشود.

واستمدّت لوحات سعد مهزرس جماليتها من سحر الطبيعة البكر التي لم يعبث بها الإنسان ولم يُلوّثها، فترجمت مشاعر صاحبها وأحاسيسه وتطلّعه إلى عالم حرّ فسيح تحدوه قيم الإنسانية النبيلة التي تنتصر للطبيعة والحب والجمال.

حح

ويحوّل الفنان بعض أعماله بريشته إلى وجع يسكنه، فكأنه يصرخ عاليا للتعبير عن قضايا الأرض والوطن، إذ يجد زائر هذا المعرض نفسه أمام لوحات مشحونة بالطاقة التي جسّدتها الألوان أو الخطوط الحادّة والمنغلقة على الرسومات. لقد كانت أعماله استذكارا للماضي السعيد حيث للحياة البسيطة معنى ووجود، لكنها تحوّلت مع الزمن إلى رحلة من التيه والضياع في عالم لا محدود ولا متناه من “العتمة”.

ولم تخلُ لوحات سعد مهزرس من الأمل والتعبير عن الضوء وسط هذه العتمة، وهي تجسيد لآمال في مستقبل مشرق وحياة أفضل للإنسانية رغم الواقع التراجيدي.

وسعد مهزرس الفنان العصامي من مواليد عام 1960 في تطاوين، وهو يحمل شهادة في الكهروميكانيك. وقد بدأ الرسم خلال تسعينات القرن الماضي. وسبق له أن عرض أعماله في معارض فردية وجماعية، ويعود أول معرض فردي له بالعاصمة التونسية إلى عام 2019.

كما يدير الرسام فضاء فنيا وإقامة فنية للرسامين بقريته الجبلية شنني، وهو فضاء نسامو سامو. والرواق ملجأ للفنانين الباحثين عن طبيعة جديدة وبيئة متجددة ليعرضوا لوحاتهم وينجزوا لوحات جديدة.

13