الواقعية تؤكد أهمية دور أوبك في صناعة النفط

أوبك+ في حاجة إلى إبقاء سقف إنتاجها تحت السيطرة.
السبت 2025/03/01
بحوزتنا أدوات التحكم في المعروض

منظمة أوبك ما زالت تمثل قوة محورية في صناعة النفط العالمية، رغم كل التحديات التي قد تواجهها. وعند النظر إلى الصناعة من منظور واقعي نجد هناك عوامل تؤكد استمرار دورها بالنظر إلى سياساتها في دعم الأسواق والقدرة على التأثير في الأسعار، في ظل التعاون الوثيق بين الأعضاء لتلبية الطلب المستمر على الخام.

لندن - يُفترض أن تبدأ أوبك+ الشهر المقبل في تخفيف تخفيضات إنتاج النفط التي وافقت عليها في عام 2022 والهادفة إلى الحفاظ على سعر الخام مقبولا لأعضاء المجموعة.

ومع ذلك، فإن بدء التخفيف ليس مؤكدا خاصة مع وجود تقارير تفيد بأن التحالف لا يزال يناقش الأمر لاستيضاح مشهد المعروض العالمي بسبب العقوبات الأميركية الجديدة على فنزويلا وإيران وروسيا.

وبالنسبة إلى البعض، هذه علامة على عدم أهمية أوبك المتزايدة. وتقول المحللة الاقتصادية إيرينا سلاف في تقرير لمنصة “أويل برايس” الأميركية إنه “في الواقع هذا مجرد تفكير متفائل.”

واحتجزت أوبك+ أكثر من 5 ملايين برميل يوميا من إنتاج النفط الخام لمدة ثلاث سنوات حتى الآن. لقد حددت موعدًا لتخفيف تدريجي لهذه التخفيضات بهدف استعادة الإنتاج دون انخفاض الأسعار.

ولكن هذا التخفيف لم يبدأ قط، لأن المتداولين في مجال النفط ظلوا متشائمين بشكل عام بشأن السلعة، مع كل توقعات ذروة الطلب، ولاسيما بالنسبة إلى الصين، وزيادة الإنتاج المطرد في الولايات المتحدة إلى جانب عدد قليل من المنتجين الآخرين من خارج أوبك.

إيرينا سلاف: عدم مجاراة أوبك للسوق في الواقع هو مجرد تفكير متفائل
إيرينا سلاف: عدم مجاراة أوبك للسوق في الواقع هو مجرد تفكير متفائل

والحجة الأخيرة هي التي يختارها بعض المراقبين لإثبات خطر أوبك وشركائها في أوبك+ في أن يصبحوا غير مهمين لسوق النفط العالمية أو، كما أشار أحد المعلقين في تومسون رويترز، فقدان السيطرة على تلك السوق.

وفي عمود هذا الأسبوع استبعد الصحافي رون بوسو أن تتغير توقعات الطلب على النفط في الأمد القريب، وهو ما من المرجح أن يثبط عزم أوبك على البدء في تخفيف التخفيضات، وهذا بدوره قد يؤدي إلى تآكل نفوذها على سوق النفط العالمية بشكل أكبر.

ولكن من الواضح، بحسب سلاف، أن الصين لا تزال تستورد كميات أقل من النفط الخام الأميركي في ظل الرسوم الجمركية، وهو ما يشير إلى أن الهجوم الجمركي الذي شنه الرئيس دونالد ترامب كان أحد الأسباب الرئيسية وراء هذه التوقعات القاتمة للطلب.

والواقع أن الكثير من الدول فعلت الشيء نفسه، إذ تمت الإشارة إلى فرض الصين تعريفة جمركية بنسبة 10 في المئة على واردات الخام الأميركي ردا على فرض ترامب تعريفة إضافية بنسبة 10 في المئة على جميع الواردات الصينية.

ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة ليست المورد الوحيد للنفط الخام إلى الصين، بل إنها ليست حتى المورد الأكبر. وربما تستورد الصين كميات أقل من النفط الأميركي طالما استمرت التعريفات الجمركية، ولكنها قد تزيد وارداتها من مصادر أخرى.

وفي ما يتصل بذروة نمو الطلب المفترض على النفط في الصين، يبدو الأمر الآن، والكلام لسلاف، وكأن هذا النمو يتباطأ بعد عقدين من الازدهار الحقيقي.

وقالت “لا يمكن لأي دولة أن تحافظ على نفس معدل النمو في الطلب على أي شيء إلى الأبد. ومع ذلك، يبدو أن هذه الحقيقة البسيطة تفلت من معظم المعلقين على سوق النفط.”

5

ملايين برميل يوميا احتجزتها أوبك+ من إنتاج النفط الخام لمدة ثلاث سنوات حتى الآن

وفي أماكن أخرى يبدو النمو واعدا، استنادا إلى معلومات مثل التقرير الأخير عن شركة بي.بي ونيتها التخلي عن أهداف التحول في مجال الطاقة والتركيز مرة أخرى على النفط والغاز.

وقالت سلاف إن “مثل هذه الخطوة الجذرية تثير حتمًا سؤالا حول السبب والإجابة هي أن النفط والغاز مربحان، والتحول ليس كذلك.”

وأضافت “إذا كان النفط والغاز مربحين، فيجب أن يكون هناك طلب قوي جدًا عليهما.” ووفقا لشركة إليوت مانجمنت على الأقل، فإن هذا الطلب لن يموت في أي وقت قريب.

وتوقعت شركة وود ماكنزي مؤخرا سيناريو أن ينمو الطلب العالمي على النفط بقوة في العقد المقبل، أو على الأقل بقوة أكبر مما توقعه المتنبئون حتى الآن.

وكتب محللوها في مذكرة للمتعاملين أن “الطلب على النفط والغاز الأقوى لفترة أطول ستكون له آثار ضخمة على صناعة المنبع المسؤولة عن توصيل العرض.”

ومع كفاح التحول في العامين الماضيين وعدم وجود علامة على التغيير في الأفق، يبدو هذا السيناريو مرجحا بشكل متزايد. وسيحتاج العالم إلى المزيد من النفط لفترة أطول.

ولن تتمكن الولايات المتحدة وكندا والبرازيل وغيانا من تغطية هذا الطلب بمفردها، وبالتالي فإن أوبك وشركاءها في أوبك+ ليسوا معرضين حقًا لخطر فقدان أهميتهم في المستقبل المنظور.

ولا تزال الدول الأعضاء في أوبك تشكل أكثر من 40 في المئة من المعروض العالمي من النفط مجتمعة، ولم يعد النفط الصخري الأميركي ينمو بسرعة هائلة، بغض النظر عن أسعار النفط.

وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن يضيف المنتجون من خارج أوبك 1.8 مليون برميل يوميا في الإنتاج هذا العام، وهو ما يزيد بنحو 200 ألف برميل يوميا عن معدل نمو الطلب على النفط الذي تتوقعه إدارة معلومات الطاقة الأميركية لهذا العام.

رون بوسو: توقعات الطلب من غير المرجح أن تتغير في الأمد القريب
رون بوسو: توقعات الطلب من غير المرجح أن تتغير في الأمد القريب

وبعبارة أخرى سوف تحتاج أوبك+ إلى إبقاء سقف إنتاجها تحت السيطرة لأن العرض من خارج أوبك سوف يغطي ذلك، وأكثر من ذلك.

ومع ذلك، تعتقد سلاف أنه إذا تم تبني منظور يذهب إلى أبعد من الأشهر الاثني عشر المقبلة أو نحو ذلك، فإن أوبك وشركاءها في أوبك+ هم من لديهم القدرة الاحتياطية للاستجابة لأي نمو مستدام مستمر في الطلب على النفط الخام.

ولا تزال تكاليف الإنتاج لدى أوبك وأوبك+ من بين أدنى تكاليف الإنتاج في العالم على الرغم من عقود من التطوير.

والحقيقة أن الولايات المتحدة هي أكبر منتج للنفط الخام في العالم ومن المرجح أن تحتفظ بالمركز الأول لسنوات قادمة، ومع ذلك فهي أيضًا مستورد ضخم للنفط الخام بسبب خصوصيات نفطها.

وهذا غالبا ما يتم تجاهله في توقعات توازن العرض النفطي التي تتنبأ بانزلاق أوبك إلى النسيان في التاريخ.

وترى سلاف أن أوبك لا يزال لديها خيار إغراق السوق للتعامل مع المنافسة. وقالت” صحيح أن هذا الخيار أصبح مؤلمًا جدا للمجموعة، لكن هذا لا يعني أنه اختفى.”

10