الوافدون في الإمارات يترقبون بدء التحويل بالعملة الرقمية

ينتظر الوافدون في الإمارات الضوء الأخضر من السلطات التنظيمية للسماح لهم بإجراء التحويلات المالية بالعملات الرقمية لتخفيف البعض من التكاليف العالية للرسوم والأوقات الطويلة للانتظار أمام مكاتب التحويل، على الرغم من أن الخبراء يرون أن الأمر يتطلب اعتماد لوائح أكثر متانة بشأن الأصول المشفرة لتفادي العمليات المشبوهة أو القرصنة.
دبي – تقترب دبي وبقية الإمارات العربية المتحدة من فتح بورصات العملات المشفرة المرخصة، وهي خطوة يمكن أن تعزز الشمول المالي للملايين من المغتربين الذين يشكلون معظم القوى العاملة في منطقة الشرق الأوسط.
وينظر للعملات الرقمية باعتبارها أموال المستقبل، وهذا ما يدفع البنوك المركزية في معظم دول العالم إلى دراسة وتجربة إصدار العملات الرقمية الخاصة بها، وبالفعل خاضت دول تجارب فعلية في ذلك.
فباستخدام محافظ الإنترنت، يمكن للمهاجرين يوما ما إرسال تحويلاتهم المالية إلى بلدانهم برسوم أقل أو دون رسوم على الإطلاق وفي غضون دقائق، مع تخطي فترات الانتظار الطويلة في حرارة الخليج ورطوبته.
ومن بين هؤلاء راميش جيري، عامل مرآب السيارات البالغ من العمر 24 عاما، الذي ينتظر في كل شهر خارج مكتب تحويل الأموال في دبي لإرسال 600 دولار نقدا لوالديه وشقيقيه في نيبال.
ورغم أنه يمقت الروتين، الذي يكلفه ما يصل إلى سبعة دولارات في كل مرة ويمنعه من الادخار بما يكفي لتحقيق تطلعاته في أن يصبح صاحب مطعم، إلا أن هذا قد يتغير في الأسابيع المقبلة.
ويرى جيري، الذي كان يتعلم عن العملات المشفرة، أنه إلى جانب السرعة والادخار هناك إمكانية إضافية تتمثل في السماح له بتتبع موارده المالية بسهولة أكبر على هاتفه الذكي.
ونسبت تومسون رويترز إلى جيري قوله “آمل أن يساعدني ذلك في معرفة ما يحدث لأموالي وأن أكون قادرا على الادخار لأنني لا أستطيع ذلك الآن”.
وبحسب البنك الدولي، لم يكن لدى حوالي 1.7 مليار راشد حول العالم حسابات بنكية اعتبارا من عام 2017 أكثر من ربعهم في الهند وإندونيسيا وباكستان وبنغلاديش.
وكانت العديد من هذه البلدان من بين أكبر مرسلين للعمال المهاجرين إلى الخليج، حيث يعملون في البناء أو صناعة الضيافة أو العمل المنزلي لإرسال الأموال إلى عائلاتهم.
وتشير البيانات الحكومية إلى أن ما يقرب من 80 في المئة من سكان الإمارات الذين يزيد عددهم عن 9 ملايين نسمة هم من الوافدين.
ووفقا لشراكة المعرفة العالمية بشأن الهجرة والتنمية (كنوماد)، فقد تم تحويل نحو 43 مليار دولار من دولة الإمارات، مما يجعلها ثاني أكبر مرسل في العالم بعد الولايات المتحدة. وقال مركز الأبحاث العالمي إن “صناعة التحويلات تشكل حوالي 12 في المئة من ناتج الإمارات المحلي الإجمالي”.
وبدأ مسار الإمارات نحو رقمنة الصناعة في العام الماضي، عندما نصت هيئة الأوراق المالية والسلع التابعة لها على أن أي شخص يقدم أصول تشفير في الإمارات يجب أن يكون مرخصا رسميا وأن يمتثل لمجموعة من قوانين مكافحة غسل الأموال والأمن السيبراني وحماية البيانات.
وحتى الآن، تأهلت ست شركات بموجب اللوائح لإنشاء بورصات تشفير، ووصلت شركتان إلى المراحل الأولى من بدء التشغيل المباشر. وميدشاينز هي واحدة منها وهي منصة تداول الأصول المشفرة ومقرها أبوظبي وتستعد لإطلاقها للتداول.
ومن الناحية الفنية، ستكون المنصة مفتوحة للجميع. وقال باسل العسكري وهو مؤسس شركة ميدشاينز المشارك ورئيسها التنفيذي “لا توجد عتبة للأرباح”، لكنه أقر بأن الوثائق التي يتعين على الزبائن تقديمها لتلبية اللوائح، بما في ذلك إثبات الإقامة والدخل والأصول الآمنة، تعني أنه من المحتمل استبعاد العمال المهاجرين.
وقال العسكري إنه يأمل أن تصبح التحويلات ذات يوم سمة منتظمة لخدمات العملات الرقمية في الإمارات. وتابع “إذا كنت تتحدث عن التمويل والخدمات المصرفية لغير المتعاملين مع البنوك فهذا هو المكان الذي نريد أن تقود فيه التكنولوجيا”.
وفي الوقت الحالي، سيقتصر الوصول إلى العملات المشفرة في المنطقة بشكل أساسي على الشركات التجارية ومستثمري صناديق التحوط والأفراد ذوي الملاءة المالية العالية.
وقال العسكري “إنه لا يساعد العمال المهاجرين حقا لأنهم قد لا يكونون قادرين على اجتياز متطلبات الامتثال من أجل فتح حسابات”.
وتبدو مسألة حماية الأصول الرقمية في صلب الاهتمامات، حيث يقول خبراء إنها لا تزال عرضة للقرصنة والمحتالين وهو ما يفرض المزيد من اليقظة التكنولوجية.
وقال جورج كوروفيلا الشريك في مؤسسة فوتيس الدولية للمحاماة، إن “السلطات تحتاج إلى زيادة الوعي بين المستخدمين حول كيفية حماية أصولهم الرقمية قبل أن تترسخ العملة المشفرة في الإمارات”.
ووفقا للأرقام الصادرة عن شرطة دبي، فقد سكان إمارة دبي ما يقرب من 22 مليون دولار في عمليات الاحتيال بالعملات المشفرة، حتى الآن هذا العام.
ويؤكد كوروفيلا، الذي تقدم شركته المشورة للزبائن في دبي بشأن لوائح التكنولوجيا المالية، أن الأجيال الشابة ستكون أول من يتعلم كيفية استخدام العملات المشفرة بشكل أكثر أمانا.
وقال لتومسون رويترز “سيحدث هذا التغيير نفسه مع العمال المهاجرين، لكنه لن يحدث بنفس السرعة”، واصفا هذه الفئة السكانية بأنها أكثر حذرا في ما يتعلق بأموالها.
وأضاف “سيحدث هذا في السنوات الخمس الى العشر القادمة”. وأشار إلى أن جزءا من ذلك يرجع إلى أحد المخاطر التي لا تستطيع الإمارات التخفيف منها، وهو تقلب العملات الرقمية.
وعلى سبيل المثال، شهدت البيتكوين أحد أكثر الشهور تقلبا في مايو 2021، حيث ارتفعت بشكل مطرد قبل أن تفقد 35 في المئة من قيمتها.
وقال كوروفيلا “لنفترض أن شخصا ما استثمر كل مدخراته في البيتكوين اليوم. لا يستطيع أحد أن يضمن أنها لن تنهار غدا. لا يوجد منظم لذلك”.
ويمكن أن تكون مثل هذه الارتفاعات والانخفاضات كارثية لأي شخص يرسل مبالغ صغيرة في التحويلات. وأضر هذا التقلب بالفعل بإيما أوغودي، الكينية التي تبلغ من العمر 32 سنة والتي تعمل في صناعة الضيافة في دبي.
وقالت أوغودي “أرى أنك تراهن بالمال. عليك أن تضع مبلغا معينا ثم تربح ربما. لكن، إذا لم تربح، فسيتعين عليك استثمار المزيد. وستختفي كل أموالك بعد ذلك”.
وتقضي الشابة الكينية يوما تقريبا كل شهر في الاتصال بمكاتب تحويل مختلفة للعثور على أفضل أسعار الصرف ورسوم التحويل، قبل الوقوف حتما في طابور طويل لإرسال الأموال إلى أسرتها في بلادها. لكن بالنسبة إليها، ليست العملة المشفرة هي الحل. وقالت “أنا لا أثق فيها”.