الهوى في تقلباته

ليست للحب معادلات جاهزة. مَن يظن أنه كذلك يحرم نفسه من مفاجآت تمتد بين جزر ومد كأمواج البحر.
وعلينا أن نثق بأن الحب هو مفاجآته التي تتوزع بين السخط والرضا، الخصام والصلح وليس صعبا على المرء أن يتفهم موقف ليلى مراد وهي تقول “أمانة تنسى يوم وتفوت شويا/ حرام حتى السؤال يغلى عليا”، لا تنازلات في الحب وهو الذي يصنع المعجزات كما يقال.
ومعجزة الحب تقع في سلاسته وتلقائيته التي عبرت عنها وردة في واحدة من أغانيها القديمة “دق الحبيب دقه/ بمنتهى الرقه/ فتحت لو قلبي/ وما قلتلوش لأه”، يحدث هكذا من غير مقدمات وما من علاقة غرامية تحدث بتخطيط مسبق إلا وكان مصيرها الفشل.
نخطئ ونصيب غير أن الخطأ لا يخيف ولا الصواب يقلل من نسبة الخوف. ولو كان الأمر عكس ذلك لما قالت يا سمين الخيام “ابعد عني عيونك أنا مش حمل هواك/ بحر الحب يا ويلي لو عديه وياك/ خايفه الموج يعجبني/ والتيار يغلبني/ غصبن عني ساعتها/ حجري وراك وأقولك/ خذني معاك”.
كل ذلك الاندفاع بعد تردد لا يُخفي الطابع الشائك والملتبس لعلاقة بين كائنين يسافران على متن مركب مضطرب تأخذه الأمواج إلى حيث لا يعرفان.
وقد قالت عزيزة جلال كلمة الفصل في ذلك “بتخاصمني حبة/ وتصالحني حبة/ كل شوية تغضب/ كده من غير مناسبة/ اهدى يا حبيبي اهدى/ هو الحب لعبة” والحب كذلك ما دامت الحياة مسرحية حسب شكسبير.
وليس على العاشق سوى أن يتنقل مستسلما بين النقائض ليشعر أنه يعيش حياة استثنائية تميزه عن الحياة التي يعيشها الآخرون.
وفي ذلك تقول شادية “مخاصمني بقالو مدة/ وفي ليلة الشوق نادالي/ كلمتو سمعت حسه/ وقفلت السكة تاني”.
في سبعينات القرن الماضي كنا نضحك ونحن نسمع رضا علي وهو يقول “ذوبني قلبي وذاب خلصوني منه/ كلما يمر حليو يسألني عنه” وإذا كنتُ قد بدأت بليلى مراد فلابد أن أختم بها وهي تخاطب حبيبها في لحظة شعور بالأسى “ليه خلتني أحبك/ لا تلومني ولا أعاتبك/ ليه تهرب من ذنبك/ روح منك لله”.
وقريبا من ذلك تقع المسافة التي تفصل بين “أهواك واتمنى لو أنساك” و”يا ريتني عمري محبيتك”.