الهجمات الصاروخية تعرقل خطط كردستان لزيادة إيراداته من الغاز

التأخيرات قد تكلف حكومة إقليم كردستان المثقلة بالديون غرامة كبيرة وستعطل الخطط الكردية الرامية إلى تصدير الغاز.
الأربعاء 2022/08/31
تعليق المشروع إلى أن تنعم المنطقة بالأمن

أربيل - أجبرت سلسلة من الهجمات الصاروخية على حقل للغاز في شمال العراق المتعاقدين الأميركيين الذين يعملون في مشروع توسعة الحقل على حزم حقائبهم والرحيل، مما وجه ضربة لآمال قادة إقليم كردستان في زيادة إيراداتهم وتقديم بديل صغير للغاز الروسي.

وتم تعليق مشروع توسعة حقل خور مور في نهاية يونيو بعد ثلاث هجمات صاروخية. والمشروع تديره شركة بيرل كونسورتيوم التي تمتلك شركة دانة غاز أبوظبي ووحدة نفط الهلال التابعة لها الأغلبية فيها.

وهناك خلاف بين الحكومة المركزية في بغداد وإربيل بشأن إدارة حقول النفط والغاز في إقليم كردستان، واتخذ هذا الخلاف منحى جديدا بعد أن أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق قرارا يطالب الحكومة الكردية بتسليم تلك الحقول إلى وزارة النفط العراقية.

لكن مسؤولين يرون أن الهجمات التي تتعرض لها حقول الغاز والنفط في الإقليم، تقف خلفها إيران، التي تعتبر أن تحول كردستان إلى وجهة استثمارية في الطاقة يهدد مصالحها الاقتصادية.

وقالت مصادر في الصناعة ومن الحكومة الكردية إن عمالا من شركة إكستران في تكساس عادوا الشهر الماضي لاستئناف العمل لكن صاروخين آخرين أصابا الموقع في الخامس والعشرين من يوليو، مما أجبر الشركة على المغادرة مرة أخرى دون تحديد موعد للعودة.

الهجمات الصاروخية على حقل خور مور للغاز في شمال العراق أجبرت المتعاقدين الأميركيين على حزم حقائبهم والرحيل

وخور مور هو واحد من أكبر حقول الغاز في العراق وتهدف الخطة الرامية لتوسعته إلى مضاعفة الإنتاج في منطقة في أمس الحاجة إلى المزيد من الغاز لتوليد الكهرباء ووضع حد للانقطاع شبه اليومي للتيار الكهربائي.

وقالت المصادر إنه لم تقع أضرار جسيمة جراء الهجمات ولم تتعطل العمليات الحالية، لكن مشروع التوسعة تم تعليقه إلى أن تنعم المنطقة بالأمن.

ويتم تمويل المشروع جزئيا من خلال اتفاقية بقيمة 250 مليون دولار مع شركة تمويل التنمية الدولية الأميركية.

وأصبحت إكستران ثالث شركة تعلق أعمالها منذ أن بدأت الهجمات في استهداف الحقل في الحادي والعشرين من يونيو، بعد أن أوقفت شركتان تركيتان من الباطن، هما هافاتك وبيلتك، العمل بالفعل.

وكانت الحكومة الكردية وقعت العام الماضي عقدا مع شركة كار المحلية للطاقة لبناء خط أنابيب من خور مور عبر العاصمة الإقليمية أربيل إلى مدينة دهوك بالقرب من الحدود التركية، وذلك بالتوازي مع خط أنابيب قائم بالفعل.

وقد تكلف التأخيرات حكومة إقليم كردستان المثقلة بالديون غرامة كبيرة وستعطل الخطط الكردية الرامية إلى تصدير الغاز.

وقال المصدر الحكومي الكردي إنه إذا لم تكن البنية التحتية جاهزة بحلول مايو 2023، وهو الموعد المحدد للاستلام أو الدفع، فسوف يتعين على الحكومة دفع 40 مليون دولار لشركة دانة غاز شهريا إلى أن تصبح جاهزة.

وصرح علي الصفار مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وكالة الطاقة الدولية “الأكثر من ذلك هو الضرر الذي يلحق بالسمعة لأن التهديدات الأمنية المتزايدة تضيف بعدا آخر من المخاطر التي يمكن أن تؤثر على تكلفة رأس المال والتأمين”.

ضربة لآمال قادة كردستان في تقديم بديل صغير للغاز الروسي
ضربة لآمال قادة كردستان في تقديم بديل صغير للغاز الروسي

وتمتلك دانة غاز الحق في استغلال اثنين من أكبر حقول الغاز في العراق وهما خور مور وجمجمال اللذان ينتجان حوالي 450 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا. وتخطط الشركة لمضاعفة الإنتاج إلى ما يصل إلى مليار قدم مكعب يوميا في السنوات القليلة المقبلة، وهو ما يكفي لتغطية الاحتياجات المحلية.

ومع وجود 16 تريليون قدم مكعب من الاحتياطيات المؤكدة، يمكن أن يرتفع الإنتاج إلى 1.5 مليار قدم مكعب يوميا، مما يتيح كمية كبيرة للصادرات.

وتوفر دانة غاز حوالي 80 في المئة من المواد الخام للغاز في المنطقة، وفقا لمصدر في الصناعة. ومع ذلك، فإن خطة المنطقة لتصدير الغاز قد تهدد مكانة إيران كمورد رئيسي للغاز إلى العراق وتركيا في وقت مازال اقتصادها يعاني من العقوبات الدولية.

وأطلق الحرس الثوري الإيراني في مارس الماضي العشرات من الصواريخ الباليستية على أربيل في هجوم بدا أنه يستهدف خطط المنطقة لتزويد تركيا وأوروبا بالغاز.

وفي حين لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجمات الخمس على خور مور منذ يونيو، قال مسؤولون أكراد ودبلوماسيون ومصادر بالصناعة وخبراء في الطاقة إنهم يعتقدون أن فصائل تدعمها إيران هي المسؤولة عن الهجمات.

لكن اثنين من الدبلوماسيين المقيمين في العراق قالا إنهما يعتقدان أن التنافس داخل الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو الحزب الذي يسيطر على الأرض التي يقع فيها الحقل، أدى إلى انتقام طرف ما لاستبعاده من مشروع التوسعة.

ثمة مناطق لا يستطيع الجيش العراقي ولا القوات الكردية دخولها، مما يترك فراغا أمنيا يتيح للميليشيات المسلحة حرية العمل

ونفى مسؤول في الاتحاد الوطني الكردستاني، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، هذه الرواية للأحداث.

ويقع حقل خور مور قرب منطقة عازلة بين الجيش العراقي والقوات الكردية وميليشيات شيعية، وانطلقت منها أولى الهجمات الصاروخية.

وبسبب عدم الاتفاق على السيطرة على الأراضي، فإن ثمة مناطق لا يستطيع الجيش العراقي ولا القوات الكردية دخولها، مما يترك فراغا أمنيا يتيح للميليشيات المسلحة حرية العمل. لكن الهجومين الأخيرين بصواريخ أكبر حجما انطلقا من مناطق أقرب إلى مدينة كركوك الخاضعة لسيطرة الحكومة الاتحادية.

وقال مسؤول كردي “خور مور يحتوي على الكثير من الإمكانات ويمكنه أن يساعد الأكراد. نتعرض للهجوم من جميع الجهات. المستقبل غير واضح تماما”.

وأدى حكم المحكمة الاتحادية العليا في فبراير، الذي اعتبر الأسس القانونية لقطاع النفط والغاز في إقليم كردستان غير دستورية، إلى إجبار بعض شركات النفط الأجنبية على المغادرة.

وقالت مصادر في الصناعة ومن الحكومة إن إكستران أوقفت العمل لأسباب أمنية وليس بسبب الحكم. ومن شأن أي تأخير إضافي في الاستثمار في القطاع أن يكون له تأثير كبير على حكومة إقليم كردستان، التي تواجه أزمة اقتصادية في منطقة تواجه بالفعل صعوبات نتيجة حالة عدم الاستقرار بالعراق.

 

◙ اقرأ أيضا:

غياب الاستثمار يُفقد النفط في كردستان العراق قوة الدفع

3