الهجرة وغلاء المعيشة ملفات حارقة تنتظر رئيسة الحكومة الجديدة في تونس

سارة الزعفراني ثاني امرأة تتولى منصب رئاسة الحكومة بعد نجلاء بودن.
السبت 2025/03/22
مراهنة جديدة على العنصر النسائي

عين الرئيس التونسي قيس سعيد سارة الزعفراني الزنزري رئيسة للحكومة خلفا لكمال المدوري، وهي خطوة حملت معها تساؤلات بخصوص الملفات الحارقة التي ستتولى معالجتها، في وقت يعود فيه الرئيس سعيد إلى المراهنة على العنصر النسائي على رأس الحكومة.

تونس - طرح تعيين سارة الزعفراني الزنزري رئيسة جديدة للحكومة التونسية تساؤلات في الأوساط الشعبية والسياسية في البلاد، بشأن الملفات التي ستعمل على حلحلتها، ومدى قدرتها على النجاح في المهام الموكولة إليها.

وقد عيّن الرئيس التونسي قيس سعيّد سارة الزعفراني الزنزري رئيسة جديدة للحكومة خلفا لكمال المدوري الذي تم إنهاء مهامه الخميس، لتصبح بذلك ثاني امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد بعد نجلاء بودن، التي كانت قد شغلت رئاسة الحكومة بين أكتوبر 2021 وأغسطس 2023.

وجاء تعيين سارة الزعفراني في فترة دقيقة من تاريخ تونس، حيث أكد الرئيس سعيّد على ضرورة “إحكام تناسق العمل الحكومي وتذليل العقبات لتحقيق انتظارات الشعب التونسي.”

ويقول مراقبون إن سارة الزعفراني تجد نفسها أمام تحدي معالجة قضايا حارقة أهمها غلاء المعيشة في تونس وارتفاع أسعار المنتوجات الاستهلاكية وملف المهاجرين غير النظاميين، وخاصة الأفارقة القادمين من جنوب الصحراء.

وسارة الزعفراني هي ﻣﻬﻨﺪسة ﻋﺎمة مختصة في التهيئة الترابية، شغلت منصب وزيرة للتجهيز، كما كلّفت بتسيير وزارة النقل سابقا.

وقبل تعيينها وزيرة تولت رئاسة وﺣﺪة اﻟﺘﺼﺮّف ﺣﺴﺐ اﻷﻫﺪاف بوزارة التجهيز، وكُلفت بمتابعة ملف إﻧﺠﺎز ﻣﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻄﺮﻗﺎت اﻟﺴﻴﺎرة.

نبيل الرابحي: الملفان الحارقان في تونس هما غلاء المعيشة ومعضلة المهاجرين غير النظاميين
نبيل الرابحي: الملفان الحارقان في تونس هما غلاء المعيشة ومعضلة المهاجرين غير النظاميين

وأفاد المحلل السياسي نبيل الرابحي بأنه “من حيث المبدأ في دستور 25 يوليو 2022، الرئيس هو من يعين ويقيل رئيس الحكومة.”

وقال لـ”العرب” إن “الملفين الحارقين اللذين ينتظران سارة الزعفراني هما غلاء المعيشة اليومية للتونسيين، ومعضلة المهاجرين غير النظاميين القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء،” لافتا إلى أن “الرئيس سعيد أراد ضخّ دماء جديدة في منصب رئاسة الحكومة وقد تُتبع تلك الخطوة بتعيين وزراء جدد في عدد من الوزارات.”

واستطرد قائلا “سارة الزعفراني هي رئيسة فريق وزاري يجب أن يكون متكاملا ومتجانسا.

وتظهر بيانات المعهد الوطني التونسي تراجع معدل التضخم في تونس لعام 2024 إلى 7 في المئة مقابل 9.3 في المئة خلال عام 2023، ولكنه ما زال عند مستويات أعلى بكثير مقارنة بـ3 في المئة عام 2010.

ويبلغ الحد الأدنى للأجور في تونس حالياً 459 ديناراً (نحو 147 دولاراً)، وهو يعد من بين أدنى الأجور على مستوى العالم، قبل أن تتم زيادته على مرحلتين الأولى في مايو الماضي بنسبة 7 في المئة والثانية خلال يناير الماضي بنسبة 7.5 في المئة.

وولدت سارة الزعفراني سنة 1963 بتونس العاصمة وهي متزوجة وأم لثلاثة أبناء. وتحصلت على شهادة مهندس متخرج في اختصاص الهندسة المدنية من المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس (الفرع الطويل: 6 سنوات بعد شهادة الباكالوريا).

كما تحصلت على شهادة ماجستير في الهندسة الجيوتقنية من جامعة هانوفر بألمانيا، مجال الاختصاص الهندسي: متابعة دراسات الطرقات السيارة (من النواحي الفنية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والبيئية) مع تحرير حوزتها العقارية ومتابعة دراسات الجسور والطرقات.

وتتحدث سارة الزعفراني العربية والفرنسية والإنجليزية والألمانية، كتابة وقراءة وتحدثا، ما أعطاها قدرة على العمل في بيئة دولية متعددة التخصصات. وتعد رابع رئيس حكومة منذ إجراءات 25 يوليو 2021، وإصدار دستور 2022 الذي أعاد العمل بالنظام الرئاسي وقلص من صلاحيات رئيس الحكومة مقارنة بدستور 2014.

ولم تكن سارة الزعفراني طارئة على العمل الحكومي حين عُيّنت وزيرة للتجهيز والإسكان في 11 أكتوبر 2021، وهو المنصب الذي احتفظت به حتى تعيينها رئيسة للحكومة في مارس 2025، وكانت في الوقت نفسه مكلفة بتسيير وزارة النقل.

وخلال 32 عامًا من العمل المتواصل في وزارة التجهيز والإسكان والبنية التحتية، ارتقت سارة الزعفراني في سلم المسؤوليات، بداية من مهندسة أولى في إدارة الدراسات الفنية في سبتمبر 1989، وصولاً إلى منصب المديرة العامة لوحدة متابعة إنجاز مشاريع الطرقات السيارة وتحرير حوزة الطرقات في 2014، وهو المنصب الذي شغلته حتى توليها الحقيبة الوزارية في عام 2021.

وذكرت الرئاسة التونسية الجمعة أن قيس سعيد أنهى مهام كمال المدوري رئيس الحكومة، وعين سارة الزعفراني الزنزري خلفا له، مشيرة إلى أنّ الرئيس قرّر أيضا تعيين صلاح الزواري خلفا لوزيرة التجهيز والإسكان، بينما أبقى سائر الوزراء في مناصبهم.

وأعلنت الرئاسة في بلاغ لها أن قيس سعيّد استقبل مساء الخميس سارة الزعفراني الزنزري، التي كلفها برئاسة الحكومة.

وشدد الرئيس التونسي في هذا اللقاء على ضرورة “إحكام تناسق العمل الحكومي” و”تذليل كل العقبات لتحقيق انتظارات الشعب التونسي،” وفق منشور الرئاسة.

وشغل هذا المنصب منذ سبتمبر 2021 كل من نجلاء بودن (أكتوبر 2021/ أغسطس 2023)، وأحمد الحشاني (أغسطس 2023/ أغسطس 2024) وكمال المدوري (أغسطس 2024/مارس 2025).

وفي 6 فبراير أقال قيس سعيّد أيضا في منتصف الليل وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، وتم تعيين القاضية مشكاة سلامة الخالدي بدلا منها.

وفي الأسابيع الماضية كان الرئيس سعيّد قد أعرب عدة مرات عن عدم رضاه عن عمل حكومته.

ويتمتع الرئيس التونسي بسلطات كاملة تمكنه من إقالة الوزراء والقضاة. وغيّر الرئيس سعيد 19 وزيرا مبررا قراره بالمصلحة العليا للدولة وضرورات الأمن الوطني.

وفي صيف 2021 أقال قيس سعيّد رئيس الحكومة وجمّد البرلمان ليحله لاحقا بشكل كامل. ومنذ ذلك الحين قام بتعديل الدستور لإعادة تأسيس نظام رئاسي حيث يتمتع فعليا بكل السلطات.

وأعيد انتخاب قيس سعيّد في 6 أكتوبر 2024 بأغلبية ساحقة (أكثر من 90 في المئة) في انتخابات تميزت بمشاركة منخفضة جدا بلغت أقل من 30 في المئة.

4