الهاكا المغربية تنتقد "الفيض الإعلاني" في الموسم الرمضاني التلفزيوني

الرباط - انتقد المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري (الهاكا) في المغرب “التراكم الإشهاري” في القنوات التلفزيونية والإذاعات خلال شهر رمضان، ما يؤثر سلبا على الجمهور.
وقال المجلس في بيان صدر إثر اجتماعه عقده أن برمجة الإذاعات والقنوات التلفزية المغربية خلال شهر رمضان لهذه السنة اتسمت “بظاهرة التراكم الإشهاري” لاسيما خلال ساعات ذروة المتابعة. واعتبر أن هذا الفيض الإعلاني يؤثر سلبا على تجربة الجمهور كما قد يؤثر على تمثله للمضامين التحريرية سواء كانت أعمالا تخييلية أو أخبارا أو غيرها.
وبات الجمهور يشتكي من كثرة الإعلانات التي تُبث على القنوات العمومية خلال الأعمال التلفزيونية الرمضانية، إذ أن مدّة الإشهارات تتمدّد مع مرور الوقت، وتستغل القنوات التلفزيونية فترة الذروة لجنْي أكبر قدر من العائدات المالية، ولو على حساب الجمهور.
وأشار المجلس إلى أنه عادة يشهد شهر رمضان فترة ذروة في ما يخص الاستثمارات الإشهارية. وبالنسبة للمتعهدين (مالكي وسائل الإعلام)، فإن أهمية جذب موارد خلال هذه الفترة ذات النشاط العالي، “معطى واقعي وضرورة اقتصادية مفهومة،” ولكن يتعين أن تكون هذه الوضعية مقترنة باستحضار المصلحة العليا للجمهور، والذي تظل بعض فئاته مثل الأطفال والناشئة معرضة بدرجة عالية للتواصل الإشهاري.
الهاكا: من شأن التكديس الإشهاري أن يؤثر على علاقة وتفاعل الجمهور مع البرامج والمضامين ويمس بصورة الإعلام
ويعتبر شهر رمضان فترة ذروة بالنسبة للمعلنين ووسائل الإعلام العربية والمغربية، حيث ترتفع نسب المشاهدة بشكل استثنائي، ما يجعله موسماً مثالياً للإعلانات والبرامج الترفيهية.
وتحقق القنوات التلفزيونية أرقاماً قياسية خصوصا في فترة بعد الإفطار مع الإقبال الكبير على المسلسلات والبرامج الترفيهية، مما يدفع العلامات التجارية إلى زيادة استثماراتها الإعلانية.
وتعتبر القناتان الأولى والثانية، الوجهتين المفضلتين للمشاهدين المغاربة، ما يعزز جاذبيتهما للمعلنين الباحثين عن أكبر قاعدة جماهيرية.
واعتبر مجلس “الهاكا” أن من شأن التكديس الإشهاري أن يؤثر على علاقة وتفاعل الجمهور مع البرامج والمضامين ويمس بصورة وسائل الإعلام لاسيما تلك الموكل لها الاضطلاع بمهام الخدمة العمومية.
وأشار المجلس إلى أن الإحالات الذاتية وشكاوى المواطنين والجمعيات التي تم التواصل معها من قبل الهيئة العليا للاتصال تظهر حاجة كبرى “لتقوية التقنين الذاتي للمتعهدين في مجال الاتصال الإشهاري”. واعتبر أن الإشهار غير المعلن عنه، والإشهار الممنوع، والخلط بين المضامين الإعلامية والتحريرية، والخلط بين الإشهار والرعاية، والنقص في شفافية تموقع المنتوجات، كلها ممارسات يتعين تجاوزها في المضامين السمعية البصرية “خدمة أولا لحق المواطن والجمهور المغربي في مضامين ذات جودة وموثوقية “.
وتتولى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري طبقا للقانون رقم 11.15 السهر على تقيد الإذاعات والقنوات التلفزيونية، العمومية والخاصة، بالنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل في ميدان الإشهار في هذا الصدد، ومن صلاحيات المجلس الأعلى للاتصال مراقبة الفقرات الإشهارية، على مستوى المضمون ومدى تقيده بالمقتضيات القانونية الواردة في تعريف الإشهار الممنوع وغير المعلن، وكذلك في ما يخص احترام مبادئ أخلاقيةٍ وحقوقية، والمستوى الثاني يتعلق بكيفية برمجة الفقرات الإشهارية.
وفي إطار وظيفتها التقنينية، تسجل الهيئة العليا فعلا بعض التجاوزات، سواء على مستوى المضامين الإشهارية أو على مستوى الأسقف والحدود المسموح بها لإدراج الإشهار. وهناك مقتضيات خاصة بشهر رمضان، المعني بظاهرة التكديس الإشهاري خلال الفترة الزمنية القصيرة لوقت الإفطار. وقد سبق أن أفضت التجاوزات المسجلة إلى اتخاذ مجموعة من القرارات الزجرية، تراوحت بين توجيه إنذارات، والأمرِ بتوقيف بعض الوصلات، بالإضافة إلى فرض عقوبات مالية تجاه المتعهدين العموميين.
المجلس دعا إلى إرساء ممارسات إشهارية مبتكرة، ملتزمة بالأخلاقيات وتصون في الآن ذاته الاستقلالية التحريرية لوسائل الإعلام ومصالح المعلنين ومالكي المؤسسات الإعلامية
وأشار المجلس إلى أنه فضلا عن سلطته الزجرية التي لا يتوانى عن إعمالها، يعتبر أن “مخاطر انكفاء المصداقية التحريرية للإعلام السمعي البصري المغربي والتي قد تساهم هذه الممارسات الإشهارية في تفاقمها، لا يمكن حلها بالتدخل الوحيد لهيئة التقنين.”
ودعا إلى إرساء ممارسات إشهارية مبتكرة، ملتزمة بالأخلاقيات، وتصون في الآن ذاته، الاستقلالية التحريرية لوسائل الإعلام، ومصالح المعلنين ومالكي المؤسسات الإعلامية. وهو ما لا يمكن إعماله إلا في إطار نموذج اقتصادي ناجع ومستدام بالنسبة لوسائل الإعلام السمعية البصرية، “وهو ورش بات استعجاليا في زمن تعرف فيه المنظومات الإعلامية في جميع أنحاء العالم تحولات عميقة رهانها الحقيقي يحيل على قضايا حيوية مثل السيادة الإعلامية والثقافية.”
وتصف دراسة حديثة أجراها مكتب الدراسات التسويقية إنتغريت ووكالة التواصل كوم إند توك أجنسي، ونُشرت نتائجها في فبراير الماضي، أن شهر رمضان “سوبر بول” إعلاني حقيقي، حيث استهلاكات الوسائط الإعلامية تصل إلى مستويات قياسية، مما يجعل التلفزيون والوسائط الرقمية ثنائياً استراتيجياً يسمح للعلامات التجارية بالتفاعل مع المستهلكين بفعالية أكبر.
وينص دفترا تحملاتِ كل من الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وشركة صورياد القناة الثانية، المنشوران بالجريدة الرسمية في أكتوبر 2022، على ألا تتجاوز مدة الوصلة الإشهارية في التلفزيون كسقف زمني ست دقائق؛ وألا يقل الفاصل الزمني بين وصلتين إشهاريتين تلفزيونيتين عن عشرين دقيقة كحد أدنى؛ وألا تتجاوز المدة الإجمالية للوصلات الإشهارية خلال ساعة مسترسلة 12 دقيقة بالنسبة إلى قنوات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة خارج رمضان و14 دقيقة خلال رمضان، و16 دقيقة بالنسبة إلى القناة الثانية خارج شهر رمضان، و18 دقيقة خلال رمضان.
وفي الخدمات الإذاعية العمومية لا يمكن أن تتجاوز المدة الإجمالية للوصلات الإشهارية خمس دقائق في الساعة كمعدل سنوي وعشر دقائق خلال ساعة معينة. كما يمنع الدفتران أن تتضمن النشرات الإخبارية والبرامج والمجلات الإخبارية ومختلف البرامج المتعلقة بممارسة الحقوق السياسية إشهارا.