النوم المتقطع يمهد للصداع النصفي بعد يومين

الأشخاص الذين يعانون من الأرق أو من النوم المتقطع ربما يكونون أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية.
الجمعة 2020/01/03
اضطرابات النوم، على المدى الطويل، تزيد خطر النوبات القلبية

بوسطن (الولايات المتحدة) – كشفت دراسة أميركية حديثة أن الأشخاص الذين يكون نومهم متقطعا أثناء الليل معرضون بشكل أكبر لخطر الإصابة بصداع نصفي ليس في اليوم التالي، لكن بعد يومين.

الدراسة أجراها باحثون بمستشفى بريغهام للنساء في بوسطن بالولايات المتحدة، ونشروا نتائجها في دورية (نورولوجي) العلمية.

وأوضح الباحثون أن دراسات سابقة ربطت بين قلة النوم والصداع النصفي، لكن الدراسة الجديدة ركزت على الفروق الدقيقة في هذا الرابط.

وللوصول إلى نتائج الدراسة، راقب الفريق 98 شخصا بالغا كان متوسط أعمارهم 35 عاما، عبر تسجيل يوميات ومقاييس الشكل الموضوعي للنوم.

وخلال الدراسة التي استمرت 6 أسابيع، قام المشاركون بتعبئة يومياتهم حول الساعات التي يقضونها في النوم بالإضافة إلى نوبات الصداع النصفي وعاداتهم الصحية الأخرى مرتين يوميا.

ووافق المشاركون على ارتداء سوار في رسغهم خلال هذه الفترة، عبارة عن جهاز يسجل أنماط النوم في الوقت الفعلي.

وبعد الأخذ في الاعتبار عوامل أخرى محتملة يمكن أن تؤثر على الصداع النصفي بما في ذلك تناول الكافيين والكحول ومستويات التوتر، توصل الباحثون إلى بعض الاستنتاجات المثيرة للاهتمام.

وجد الباحثون أن النوم 6 ساعات ونصف الساعة فأقل، زاد من خطر الإصابة بالصداع النصفي بنسبة 39 بالمائة في اليوم الأول.

الصداع النصفي قد تسبقه أو ترافقه علامات تحذيرية وحسية مثل ظهور ومضات ضوئية أثناء الرؤية ووخز في الذراعين

ومع ذلك، وجد الباحثون أن النوم المتقطع، أي النوم على فترات متقطعة، يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالصداع النصفي، لكن ليس في اليوم التالي مباشرة، إنما في اليوم الثاني.

وقالت الدكتورة سوزان بيرتيش، قائدة فريق البحث، “كشفت دراستنا أن النوم المتقطع، الذي يحدث عندما تستيقظ لفترة خلال فترات النوم، ثم تخلد إلى النوم مرة أخرى، كان مرتبطا بالصداع النصفي ليس في اليوم التالي مباشرة، ولكن في صباح اليوم الثاني”.

وأضاف أن “هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم الآثار السريرية والبيولوجية العصبية لتجزئة النوم وخطر الإصابة بالصداع النصفي”.

وأجرى الباحث في علم الأعصاب ميشيل بليزي من جامعة ماركي التقنية بإيطاليا، مع مجموعة من الباحثين، تجربة عن تأثير اضطرابات النوم على الدماغ. ووفق تقرير لموقع دويتشه فيله الألماني، أجريت الاختبارات والتحاليل على أدمغة مجموعات مختلفة من الفئران ممن حظيت بنوم منتظم، ونوم متقطع، ومجموعة حرمت من النوم، بهدف الكشف عن تأثير اضطرابات النوم على الدماغ.

وكشفت التجربة أن الخلايا النجمية التي تنتمي إلى الخلايا الدبقية، وهي من أنواع الخلايا الدماغية، أكثر نشاطا في أدمغة الفئران المحرومة من النوم، فضلا عن تدميرها نقاط الاشتباك العصبي السليمة وخلايا الدماغ عند الحرمان من النوم المزمن.

وبحسب موقع صحيفة “ذو تاك” الأميركية، قال بليزي إن قيام الخلايا النجمية بأكل نقاط الاشتباك العصبي ليس بالأمر الخطير، غير أنه بمثابة تنظيف الخلايا التالفة “الأطلال”. كما أضاف فريق بليزي أن اضطرابات النوم شبيهة بالضغوط الأخرى، كالتوتر والقلق. إذ قد يؤدي الحرمان من النوم لوقت طويل إلى تنشيط الخلايا الدبقية بالدماغ، مما يجعله أكثر عرضة لأضرار أخرى.

وحذر الباحثون من أضرار قلة النوم على المدى الطويل، إذ لاحظوا وجود نشاط مماثل في الخلايا الدبقية عند المصابين بمرض الزهايمر.

كما أشارت دراسة أخرى إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الأرق أو من النوم المتقطع ربما يكونون أكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية مقارنة بالأفراد الذين لا يعانون من أي مشكلات في النوم. وتابع الباحثون قرابة 500 ألف شخص في الصين لنحو عشر سنوات عندما كان عمرهم 51 عاما في المتوسط. ولم يكن لدى أي منهم تاريخ من أمراض القلب أو الجلطات الدماغية في بداية الدراسة. وبعد ما يقرب من عشر سنوات من المتابعة كانت هناك حوالي 130 ألف إصابة بالسكتة الدماغية والأزمات القلبية وأمراض أخرى مماثلة بين أفراد الدراسة.

وكتب الباحثون في دورية علم الأعصاب أنه بشكل عام كان الأشخاص الذين عانوا من ثلاثة أعراض للأرق؛ هي صعوبة النوم أو النوم المتقطع أو الاستيقاظ في وقت مبكر جدا في الصباح، وصعوبة التركيز أثناء النهار بسبب قلة النوم، أكثر عرضة بنسبة 18 بالمئة للإصابة بأزمة قلبية أو سكتة دماغية مقارنة مع من لا يعانون من أي من هذه المشكلات.

وقال الدكتور ليمينغ لي، الذي قاد فريق الدراسة وهو باحث في جامعة بيكين، في بيان إن هذه النتائج تشير إلى أنه إذا تمت مساعدة الأشخاص الذين يواجهون صعوبة في النوم من خلال العلاجات السلوكية، فمن الممكن تقليل عدد حالات السكتة الدماغية والأزمات القلبية وأمراض أخرى. ووجدت الدراسة أن نحو 11 بالمئة من المشاركين واجهوا صعوبة في النوم أو عانوا من النوم المتقطع وأن 10 بالمئة كانوا يستيقظون في وقت مبكر جدا كما أن 2 بالمئة واجهوا صعوبة في التركيز أثناء النهار بسبب قلة النوم.

قلة النوم سبب رئيسي للصداع
قلة النوم سبب رئيسي للصداع

ومقارنة بالمشاركين الذين لا يعانون من أعراض الأرق كان الذين عانوا من مشكلات في النوم أكبر سنا ومن الإناث وغير متزوجين ويعيشون في المناطق الريفية. كما كان الأشخاص الذين يعانون من أعراض الأرق أقل تعليما ودخلا وكانوا أكثر عرضة لمرض السكري أو اضطرابات المزاج مثل القلق أو الاكتئاب.

وكانت دراسات أخرى قد كشفت أن عدم الحصول على قسط كاف من النوم ليلا يمكن أن يزيد من تكرار حدوث القرحة الهضمية لدى كبار السن.

وخلصت دراسة بحثية إلى أن استخدام الهاتف المحمول قبل النوم قد يؤدي إلى حرمان المستخدم من نوم هادئ خلال الليل. وتوصل البحث الذي مولته شركات هواتف محمولة إلى أن الإشعاع المنبعث من جهاز الهاتف يمكن أن يسبب الأرق والصداع والتشويش. وبيّنت نتائج البحث أن استخدام الهاتف المحمول قد يؤدي إلى التقليل من مدة النوم العميق وذلك بالتأثير على قدرة الجسم على تجديد نشاطه. وأنجز البحث الذي موله “منتدى مُصَنّعي الهواتف المحمولة”، كل من معهد كارولينسكا السويدي وجامعة واين في الولايات المتحدة. ودرس الباحثون حالة 35 رجلا و36 امرأة تتراوح أعمارهم بين 18 و45 عاما.

وأوضحت النتائج أن الأفراد الذين تعرضوا للإشعاع احتاجوا إلى وقت أطول للدخول في المرحلة الأولى من النوم العميق بينما لم تطل المرحلة الأعمق من نومهم. وخلص الباحثون إلى أن “الدراسة تبين أن الأفراد الذين تعرضوا لدرجة إشعاع وصلت إلى 884 ميغاهرتز صادر عن إشارات لا سلكية، تتأثر جودة نومهم بشدة”.

وقال البروفيسور بينت أنيتز إن الدراسة “تخلص إلى أن استخدام الهاتف المحمول مرتبط بحدوث تغيرات محددة في مناطق من الدماغ مسؤولة عن تفعيل وتنسيق نظام الضغط”. وهناك نظرية أخرى تقوم على أن الإشعاع قد يعيق إنتاج هرمون “ميلاتونين” الذي يتحكم في إيقاعات الجسم الداخلية. ويعتقد نصف الأفراد الذين شملتهم الدراسة البحثية أنهم “حساسون تجاه الكهرباء”، إذ سبق لهم أن أبلغوا عن إصابتهم بأعراض مثل الصداع وتعطل وظيفة الإدراك جراء استخدامهم للهاتف المحمول، لكن تبين أن هؤلاء الأفراد عندما تعرضوا للإشعاع أثناء الاختبارات، لم يتمكنوا من تحديد ما إذا كانوا قد تعرضوا فعلا للإشعاع.

وشدد الأطباء على أن الحصول على قسط كاف من النوم ليلا، أي حوالي من 7 إلى 8 ساعات يوميا، يحسن الصحة العامة للجسم ويقيه من الأمراض وعلى رأسها السمنة والفشل الكلوي.

والصداع النصفي هو أكثر أنواع الصداع شيوعا وأشدها ألما، ويمكن أن تسبقه أو ترافقه علامات تحذيرية وحسية مثل ظهور ومضات ضوئية أثناء الرؤية ووخز في الذراعين والساقين وغثيان وقيء.

وتمتد آثار الصداع النصفي في بعض الحالات إلى الضعف الإدراكي المؤقت وآلام جلدية، وتدوم آلامه من 4 ساعات وحتى 3 أيام.

ويميل الأشخاص المصابون بالصداع النصفي إلى المعاناة من هجمات متكررة للصداع، ناجمة عن عدد من العوامل المختلفة، بما في ذلك الإجهاد والتغيرات الهرمونية والأضواء الساطعة ونقص الطعام أو النوم والنظام الغذائي.

12