النواب الأميركي يحد من صلاحيات ترامب لردع طهران

النوّاب الأميركيون يصوّتون الخميس على الحد من سلطات ترامب لشن حرب ضد طهران.
الخميس 2020/01/09
الديمقراطيون يسعون إلى احتواء التصعيد العسكري في مواجهة إيران

واشنطن - يصوّت النواب الأميركيون الخميس على مشروع قانون طرحه الديمقراطيون يحدّ من قدرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على التحرّك عسكريًا ضد إيران، رغم تنفّس الكونغرس الصعداء حيال خفض التصعيد في النزاع مع الجمهورية الإسلامية.

وأعرب الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء عن دعمهم للتخفيف من حدة السجال بين الرئيس الأميركي والمسؤولين الإيرانيين وعن ارتياحهم لعدم مقتل أي أميركي في الضربة الصاروخية الإيرانية التي استهدفت قاعدتين في العراق يتمركز فيهما جنود أميركيون.

لكن إفادات سرّية قدمها كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية لم تقنع العديد من الديمقراطيين وجمهوري على الأقل بتبريرات ترامب لقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني عندما كان في زيارة لبغداد، في ضربة تسببت برفع منسوب التوتر.

وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إن "إشعار قانون سلطات الحرب غير الوافي من قبل الرئيس وإفادة الإدارة اليوم" التي قدّمها وزير الدفاع مارك إسبر وغيره من المسؤولين "لم تتطرق إلى مخاوفنا".

وأعلنت بيلوسي أن المجلس سيصوّت الخميس على قانون يهدف لمنع ترامب من الدخول في حرب مع إيران.

وقالت في بيان إن "الرئيس أوضح أنه لا يملك استراتيجية متماسكة للمحافظة على سلامة الشعب الأميركي والتوصل إلى خفض للتصعيد مع إيران وضمان الاستقرار في المنطقة".

وبموجب قانون سلطات الحرب الذي أقر عام 1973، يتعيّن على الإدارة إبلاغ الكونغرس بأي تحرّكات عسكرية كبيرة، لكن ترامب أبقى مبرر الضربة التي قتل فيها سليماني سرّيًا، وهو أمر غير معهود.

وصرح رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إليوت إنغل أمام الصحافيين بعد تلقيه إفادة مسؤولين في الإدارة "قيل لنا إنه كان هناك تهديد وشيك. لست متأكداً بأنني مقتنع بذلك".

وأعربت المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية إليزابيث وارن كذلك عن شكوكها بشأن المبررات التي قدمتها إدارة ترامب لقتل سليماني.

وقال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر "كانت هناك العديد من الأسئلة المهمة التي لم يجيبوا عنها ولم نرَ خطة مرضية للمستقبل"، معربًا عن استيائه من "خروج" إسبر ومرافقيه من القاعة عندما ازدادت حدة الأسئلة الموجّهة لهم.

على الضفة الأخرى، وصف عدد من الجمهوريين الإفادات بأنها كانت مفيدة وذكروا أنها كشفت عن معلومات استخباراتية تشير إلى هجمات إيرانية كانت متوقعة في غضون أيام ضد الأميركيين.

وبينما عبّر الديموقراطيون عن غضبهم حيال الأمر الذي أصدره ترامب بشكل أحادي لقتل سليماني دون موافقة الكونغرس، إلا أنهم أعربوا إلى جانب الجمهوريين عن ارتياحهم لاختيار واشنطن وطهران على ما يبدو خفض التصعيد.

وقال السناتور الجمهوري ليندسي غراهام المقرّب من ترامب "أرى أنه لا ضرورة للرد فقط من أجل الرد في هذه المرحلة".

لكنه ندد في الوقت ذاته بالديمقراطيين الذين أعربوا عن قلقهم حيال عملية قتل سليماني قائلاً "أرى هذه الفكرة بأن فريق الأمن القومي لم يكن لديه أساس جيّد لقتل هذا الرجل سخيفة".

وارتفع منسوب التوتر بين الولايات المتحدة وإيران في السنوات الأخيرة لكنه بلغ ذروته مع مقتل سليماني. وردّت إيران هذا الأسبوع بإطلاق صواريخ على قاعدتين في العراق حيث تتمركز قوات أميركية.

وأكّد ترامب بأنه يسعى إلى السلام وأن إيران "تخفّف على ما يبدو من حدّة موقفها"، بينما أشارت طهران إلى أنها لا تسعى لمزيد من المواجهة.

وقال النائب الديموقراطي ستيني هوير إن "الطرفين قالا إن هذا (التهدئة) هو هدفهما. نأمل بأن يحدث ذلك".

أنظمة ثورية يصعب ردعها
أنظمة ثورية يصعب ردعها

غير أن المحللين الأمنيين في واشنطن يستبعدون بأن تكون طهران ارتدعت عن شن مزيد من الهجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها، مشيرين إلى أنها قد لا تنتظر طويلاً قبل تحدي الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجدداً.

وعلى المدى القريب، قد تخف حدة التوتر بعدما ثأرت إيران لمقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرالي قاسم سليماني الأسبوع الماضي عبر إطلاق 12 صاروخًا بالستيًا على قاعدتين تتمركز فيهما القوات الأميركية في العراق، ما تسبب بوقوع أضرار دون سقوط قتلى.

وتشير المحللة المتخصصة بشؤون الشرق الأوسط في "مركز الأمن القومي الأميركي الجديد" كاليه توماس إلى أن هذه "لا زالت البداية".

وأوضحت أن مقتل سليماني بغارة نفّذتها طائرة أميركية مسيّرة الجمعة الماضي "غيّر بالفعل نبرة التوتر مستقبلاً. سيخططون بشكل استراتيجي وسيستثمرون بطرق تلحق الألم بالولايات المتحدة".

وأعرب الجنرال المتقاعد ديفيد بترايوس، الذي قاد في الماضي القوات الأميركية في الشرق الأوسط، عن تفاؤله بأن مقتل سليماني يبعث برسالة قوية إلى طهران بأنه سيكون عليها الإصغاء.

وقال بترايوس لمجلة "فورين بوليسي" إن ما حصل كان "محاولة مهمة للغاية لإعادة تأسيس الردع، الذي لم تدعمه الردود الضئيلة نسبيًا حتى الآن".

وأفاد جيمس فيليبس من "مؤسسة هيريتاج" أنه من المهم بالنسبة لإدارة ترامب أن تفرض خطوطها الحمراء بعدما امتنعت طويلاً عن الرد.

بدوره، رأى الدبلوماسي الأميركي الرفيع السابق نيكولاس برنز أنه لا يزال "من المبكر جداً" إعلان النجاح في إيصال رسالة تهديد ذات مصداقية إلى طهران.

وقال لفرانس برس "لدى إيران تاريخًا مريراً في استخدام قوات تحارب بالوكالة لمهاجمة الولايات المتحدة وغيرها. قد يقومون بذلك خلال الأسابيع أو الشهور المقبلة".