النهوض بالثروة الحيوانية مطمح يحاول العراق تحقيقه رغم كثرة المنغصات

السلطات العراقية تراهن على خطط وإستراتيجيات لتطوير تربية المواشي.
الخميس 2025/04/03
موارد ضرورية تنتظر التنمية

كثف العراق من جهوده لتنمية الثروة الحيوانية لما لهذا المجال الحيوي من دور كبير في الأمن الغذائي، ولكونه أحد روافد نشاط شريحة واسعة من السكان، خاصة وأن تحديات التمويل والجفاف، التي تشكل عقبة من بين عدة عقبات أخرى، تستوجب تفكيكها لتطوير فرص تحقيق الاكتفاء الذاتي.

بغداد - تراهن السلطات العراقية على إحداث قفزة في تربية المواشي خلال الفترة المقبلة من بوابة تحفيز القطاع عبر برامج متنوعة ومرحلية بما يضمن الارتقاء به على كافة المستويات، بما في ذلك تقليص التوريد.

وكشفت وزارة الزراعة الثلاثاء الماضي عن خطط وإستراتيجيات لتطوير الثروة الحيوانية، بينها توسيع قاعدة الأنواع والسلالات المستوردة لأغراض إنتاج اللحوم والألبان، رغم نقص التمويلات وندرة المياه وتقلص مساحات الرعي وغلاء الأعلاف.

وأكدت أنها أصدرت ضوابط لاستيراد الحيوانات لأغراض الذبح والتربية بهدف تقليل الضغط على ما تبقى من الثروة الحيوانية داخل البلاد.

والعراق من بين البلدان التي تمتلك ثروة حيوانية، إلا أنه تكتنفها الكثير من المشاكل التي تستدعي المعالجات السريعة والفعالة بغية النهوض بهذا القطاع الاقتصادي المهم.

ويشكل إيقاظ مكامن هذا المجال أحد التحديات أمام تأمين غذاء العراقيين، بالنظر إلى الصعوبات الكثيرة التي تعتري سلسلة الزراعة عموما لغياب الإستراتيجيات المقنعة للاستثمار في تنميتها ودعم العاملين فيها، في ظل مشكلة الجفاف القائمة.

ويواجه القطاع تحديات شاقة أكبر من أي وقت مضى في طريق التأقلم مع مناخ أعمال متذبذب زاد من تكبيله شح التمويلات والتكاليف الباهظة لمدخلات هذا النشاط الحيوي.

ميثاق عبدالحسين: نولي اهتماما كبيرا بالقطاع لأهميته في الأمن الغذائي
ميثاق عبدالحسين: نولي اهتماما كبيرا بالقطاع لأهميته في الأمن الغذائي

وفي خضم ذلك، انتشر في الأسابيع الأخيرة مرض الحمى القلاعية بين الثروة الحيوانية، حيث رصدت السلطات الآلاف من الإصابات في مختلف المحافظات، مما يضفي عائقا آخر أمام أي محاولات لتنظيم هذا المجال.

ومع ذلك، شهدت قطعان الماشية نموا في السنوات الأخيرة لتناهز حوالي 20.42 مليون رأس، بحسب إحصائيات لوزارة الزراعة تعود إلى العام 2024.

ووفق تلك البيانات يبلغ عدد رؤوس الأغنام نحو 16.52 مليون والماعز حوالي 1.36 مليون رأس والأبقار أكثر من 1.87 مليون، أما الجاموس فقد تجاوز 462.2 ألف رأس والإبل 204.8 ألف، إلى جانب الأسماك والدواجن.

وأكد الوكيل الفني لوزارة الزراعة ميثاق عبدالحسين أن الوزارة تولي اهتماما كبيرا بتنمية الثروة الحيوانية، باعتبارها المصدر الرئيس للبروتين الحيواني، الذي يُعد من أهم مدخلات الأمن الغذائي.

ونسبت وكالة الأنباء العراقية الرسمية إلى عبدالمحسن قوله إن “الثروة الحيوانية تعرضت لنكسات كبيرة نتيجة الأحداث التي سبقت عام 2023، منها حرب الخليج عام 1991، حيث دمر القطاع واستُنزفت أعداد قطعان الماشية بشكل كبير.”

وأوضح أن زيادة تعداد السكان وتنامي الطلب على اللحوم دفعا الوزارة إلى المضي في طريقين، الأول هو استيراد اللحوم المجمدة والحيوانات الحية لسد العجز الكبير بين الطلب والعرض، والآخر دعم وتشجيع الاستثمار في مجال إنتاج العجول والأبقار.

وفعليا بدأت وزارة الزراعة بتشجيع الاستثمار في مجال إنتاج العجول والأبقار الحلوب، وتم وضع خطط بالتعاون مع القطاع الخاص المتخصص في هذا المجال، وقد بدأت هذه الخطط تؤتي ثمارها، حيث انطلقت عدة مشاريع.

ويشكل صندوق دعم المزارعين وصندوق الإقراض الزراعي الميسر والمبادرة الزراعية مصادر تمويل مهمة لتلك المشاريع الخاصة بتربية الحيوانات وتسمين العجول.

ويزيد عدد سكان العراق عن 45 مليونا نصفهم تقريبا من النساء وثلثهم يقلّ عمرهم عن 15 عاما، وفق أرقام أولية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود أعلن عنه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في نوفمبر الماضي.

ومن شأن الاستثمار في الزراعة الرعوية وتربية الماشية لاسيما في وسط العراق وجنوبه أن يُعزّز قطاع التصدير لدول الجوار، ومن ثمَّ توفير الآلاف من فرص العمل للشباب، خاصة خريجي كليات الزراعة والطب البيطري.

كما أن هذه الاستثمارات ستدر الملايين من الدولارات سنويا للسوق المحليّة عبر تطوير الصناعات التحويلية باعتبارها أحد الحلول العملية الفعالة لتعزيز الصادرات غير النفطية.

20.42

مليون رأس من الماشية، أغلبها أغنام بتعداد 16.52 مليون، بحسب إحصاء يعود إلى 2024

ولمواجهة المشاكل القائمة أشار عبدالمحسن إلى أنه تم إصدار ضوابط لاستيراد الحيوانات لأغراض الذبح والتربية، وذلك بهدف تقليل الضغط على ما تبقى من الثروة الحيوانية وزيادة أعداد رؤوس الماشية تدريجيا.

وذكر أن المنهجية التي اعتمدتها وزارة الزراعة تضمنت توفير الأعلاف، إذ لا يمكن تطوير الثروة الحيوانية دون خطة متكاملة لزيادة الإنتاج.

ومن المتوقع أن ينطلق مشروع كبير في كربلاء خلال العام الجاري، يهدف إلى إنتاج عجول التسمين والتربية، إضافة إلى حضيرة الأبقار وأيضا إنشاء مصنع لإنتاج الألبان ومشتقاتها.

وتعصف بالبلد أزمة على مستوى الإنتاج المحلي، وخاصة الدجاج والأسماك والخضار، بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف والمواد الأولية في السوق السوداء، وغياب الدعم الحكومي، ما دفع العديد منهم إلى ترك هذه الأعمال والهجرة نحو المدينة بحثا عن عمل آخر.

ويشهد البلد منذ سنوات أزمات مياه تظهر بنحو لافت في أشهر الصيف، بسبب الجفاف الذي أحدثه تقليص تركيا لإمدادات المياه لنهري دجلة والفرات بنسبة تبلغ 70 في المئة، إلى جانب قطع إيران لمعظم الجداول والأنهر العابرة من أراضيها والتي كانت تغذي سابقا نهر دجلة في العراق.

ويمثّل النشاط الرعوي شكلا من أشكال الزراعة التي تهدف إلى إنتاج الثروة الحيوانية بدلا من زراعة المحاصيل. ومن أهم إنتاجاته اللحوم والألبان التي تؤدّي دورا هاما في تحقيق الأمن الغذائي وتوفير المزيد من فرص العمل، وخاصة في الأرياف.

11