النهضة تلوّح بالنزول إلى الشارع لدعم حكومة المشيشي ضد قيس سعيد

تونس - أعلنت حركة النهضة الإسلامية في تونس أنها تتشاور مع عدد آخر من الأحزاب للنزول إلى الشارع لدعم البرلمان وحكومة رئيس الوزراء هشام المشيشي، في ظل أزمة سياسية متصاعدة في البلاد.
وأصدر المكتب التنفيذي للحزب بيانا تضمن دعوات إلى أنصاره للاستعداد للنزول إلى الشارع في وقت يخيم فيه التوتر على علاقة الحزب والبرلمان بمؤسسة الرئاسة.
وقال المكتب التنفيذي لحركة النهضة "ندعو جماهيرنا وشعبنا وكل الأحرار للوقوف إلى جانب تجربتنا الديمقراطية".
وتعيش تونس على وقع أزمة دستورية معقدة بسبب رفض الرئيس قيس سعيد قبول الوزراء الجدد الذين اختارهم رئيس الحكومة هشام المشيشي في التعديل الحكومي، لأداء اليمين بعد نيلهم الثقة من البرلمان يوم 26 يناير الماضي.
وأرجع الرئيس سعيد موقفه إلى تحفظه على بعض الوزراء لوجود شبهات فساد وتضارب مصالح تحوم حولهم، كما أعلن اعتراضه على الإجراءات التي رافقت التعديل لأنها تفتقد لسند دستوري.
ولمّح سعيد في الكثير من تصريحاته إلى رغبته في تعديل النظام السياسي الحالي وهو نظام برلماني معدل، للانتقال إلى النظام الرئاسي مع صلاحيات موسعة للحكم المحلي.
وعلى النقيض من ذلك قال رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي إنه سيكون من الأفضل الانتقال إلى نظام برلماني كامل.
وتستمر حركة النهضة في تحدي سلطة الرئيس التونسي من خلال التلويح بتجاوزه في مسألة أداء الوزراء الجدد اليمين الدستورية.
وأشار الناطق باسم حركة النهضة فتحي العيادي على إذاعة "موزاييك" المحلية إلى أن حركته "ستدعو أنصارها إلى النزول إلى الشارع، في يوم سيحدد لاحقا دعما للتجربة الديمقراطية في البلاد".
وأكد أن "المكتب التنفيذي لحركة النهضة قرر تثبيت قراره الداعم لرئيس الحكومة هشام المشيشي، والتشاور مع الأحزاب وكل القوى التي تدعم التجربة الديمقراطية والبرلمان والدستور".
وشدد العيادي على أن حركته "لا تقبل بخيار استقالة الحكومة"، معتبرا أن ذلك "يهدد التجربة التونسية والوضع العام بالبلاد".
وفي مؤشر على تعقد الأزمة، التقى المشيشي الأربعاء مجموعة من خبراء وأساتذة القانون الدستوري، الذين أكدوا وفقا لنص بيان رئاسة الحكومة أن "المسألة سياسية وبالتالي تحتاج إلى حلول سياسية".
وحذر رئيس الحكومة من أن تونس تشهد إحدى أصعب فترات تاريخها، سواء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي أو الدستوري والمؤسساتي.
واجتمع سعيّد مع ممثلين عن البرلمان وعبّر عن تمسكه بموقفه الرافض للتعديل الوزاري، وقال في مقطع فيديو نشرته رئاسة الجمهورية "هذا التحوير فيه العديد من الخروقات".
وانتقد سعيد الأربعاء في لقاء مع نواب بالبرلمان، محاولة البحث عما وصفه بـ"مخرج قانوني مستحيل لأزمة اليمين الدستورية".
وبسبب التجاذبات السياسية، لم تتمكن الأطراف السياسية في تونس منذ ست سنوات من إرساء المحكمة الدستورية المخولة حصرا النظر في الخلافات التي تنشب بين السلطات.
ولجأ المشيشي للخروج من الأزمة إلى القضاء الإداري، الذي أعلن أن رأيه سيكون "استشاريا" فقط وغير ملزم.
واستفحل الخلاف في تونس بين الرئاسات الثلاث، وهو ما رفع من منسوب الأزمة المرشحة للمزيد من التفاقم، وسط سجالات حادة تباينت فيها المواقف والآراء.
والمشيشي هو وزير الداخلية في حكومة إلياس الفخفاخ السابقة، واختاره الرئيس سعيد في يوليو الماضي لتشكيل حكومة جديدة، لكن المشيشي انحاز فيما بعد لحركة النهضة وحلفائها، وسط اتهامات له بأن التحوير الوزاري الذي أجراه كان المستهدف منه الوزراء المحسوبين على الرئيس.
ويأتي هذا الصدام السياسي "في وقت تحتاج فيه البلاد إلى الوحدة" لمواجهة أزمات حادة وغير مسبوقة.
وتعاني تونس من أزمة اقتصادية، زاد تفشي فايروس كورونا المستجد من حدتها، إضافة إلى احتجاجات اجتماعية تشهدها مختلف مناطق البلاد بين الفينة والأخرى ضد الحكومة وسياساتها.