النهضة تستعد لتغيير اسمها: نيولوك للتغطية على الفشل

تيار براغماتي يريد محو مرحلة الغنوشي لتبديد مخاوف السلطة.
الثلاثاء 2024/01/09
هل يدفع الوريمي النهضة إلى ترك جبهة الخلاص

تونس – لم يستبعد أمين عام حزب حركة النهضة الإسلامية في تونس العجمي الوريمي أن يتم تغيير اسم الحزب واسم مجلس الشورى، في مسعى للتخلص مما يشير إلى ارتباط الحركة بالإسلام السياسي وجعلها أقرب إلى الحزب المدني.

يأتي التلويح بتغيير الاسم بُغْية التخلص من أعباء الماضي، وخاصة فشل مرحلة حكم النهضة التي ارتبطت صورتها بما بات يصفه التونسيون بالعشرية السوداء للإشارة إلى عشرية الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية التي عاشتها تونس، في وقت يقول فيه المراقبون إن التغيير لن يطال الجوهر وإنه ليس أكثر من نيولوك تسعى من خلاله الحركة للتهدئة مع السلطة والاندماج أكثر في المعارضة العلمانية.

وقالت أوساط سياسية مقربة من الحراك الذي تشهده حركة النهضة إن تغيير الاسم تحكمه المناورة من جانبين: الأول تخفيف الضغوط من السلطة والإعلام والنقابات والشارع التونسي الذي يستمر في تحميلها مسؤولية الوضع الاقتصادي الصعب، والثاني يتم من خلاله توظيف معطى تغيير الاسم في صراع داخلي متزايد بين تيار براغماتي يريد استرضاء السلطة بكل الطرق وتجنب المواجهة الأمنية والقضائية وتيار آخر يدعو إلى التصعيد مع السلطة، وهو محسوب على راشد الغنوشي، رئيس الحركة الموجود في السجن.

ناجي جلول: نشأة حركة النهضة بدأت بازدواجية الخطاب وتستمر فيها
ناجي جلول: نشأة حركة النهضة بدأت بازدواجية الخطاب وتستمر فيها

وأشارت الأوساط ذاتها إلى أن تغيير الاسم لا يثير الاهتمام في الساحة السياسية ولا لدى السلطة، لكنه يمثل واجهة الصراع الداخلي المحتدم بشأن كيفية الخروج من الأزمة. ويميل الشق الغالب في الحركة إلى اتخاذ موضوع تغيير الاسم مدخلا لمحو مرحلة الغنوشي، سواء ما تعلق منها بالصراع مع السلطة أو ما اتصل بمرحلة الرئاسة مدى الحياة التي انتهجها الغنوشي باعتماد ديمقراطية شكلية للبقاء في منصبه وتعطيل المؤتمر الذي كانت فيه موازين القوى تميل إلى خصومه.

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي غيرت فيها الحركة اسمها، فقد غيرت اسم الجماعة الإسلامية في يونيو 1981 لتصبح حركة الاتجاه الإسلامي، وفي فبراير 1989 غيرت الاسم ثانية لتصبح حركة النهضة، وذلك ضمن خطة لدفع نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي إلى الاعتراف بها كحزب سياسي علني.

وخلال نصف قرن فشلت حركة النهضة بمسمياتها المختلفة في إقناع التونسيين بفكرة أنها حزب مدني وليست حزبا دينيا إخوانيا. ولم تنجح الحركة في كسر حاجز الخوف بينها وبين المجتمع الذي ظل متمسكا بقيم الدولة الوطنية التي أسسها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، وخاصة مدونة الأسرة (مجلة الأحوال الشخصية) التي تمنع تعدد الزوجات وتتبنى الطلاق وفق القانون المدني.

وقال رئيس الائتلاف الوطني التونسي ناجي جلول إن “حركة النهضة أجبرت في السابق على اختيار اسمها الحالي، وهي تجبر حاليا على التغيير، وللأسف مشكلة حركة النهضة إلى اليوم أنها لم تتخلص من جذورها ولم تتحول إلى فكر معولم”.

وأضاف جلول، وزير التربية سابقا، في تصريح لـ”العرب” أن حركة النهضة “يجب أن تتجرأ على التجديد الفكري، وهي لم تفهم إلى اليوم أن السياسة أفكار، بل بقيت طيلة حياتها في المناورة لأن النشأة بدأت بالمناورة وازدواجية الخطاب”، وهي لم “تتخلص من هذا المرض”.

ويرى مراقبون أن النهضة، التي اختفت من المشهد بشكل شبه كلي، تريد من إثارة قضية تغيير الاسم العودة إلى الواجهة وتأمين الحديث الإعلامي عنها، مشيرين إلى أن الحركة التي تعطلت أنشطتها منذ سجن الغنوشي فشلت حتى في القدرة على استثمار إخوانية حماس وأدائها في الحرب مع إسرائيل.

نبيل الرابحي: تغيير الاسم لن يغير نظرة التونسيين إلى حركة النهضة
نبيل الرابحي: تغيير الاسم لن يغير نظرة التونسيين إلى حركة النهضة

وقال المحلل السياسي التونسي نبيل الرابحي إن “الحركة غيّرت اسمها في السابق من حركة الاتجاه الإسلامي إلى حركة النهضة، واليوم ربّما يريد المشرفون على الحزب ضخّ دماء جديدة بتغيير الاسم خصوصا بعد أن لفظهم الشعب، كما أن رئيس الحركة راشد الغنوشي في السجن ولم يسانده أحد في الشارع”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن قادة النهضة “أدركوا اليوم أن عليهم الفصل بين الدعوي والسياسي، وهذه الخطوة متأخرة جدا، والعجمي الوريمي يريد من خلال طرح هذا التغيير القطع مع ذاكرة العشرية السوداء ويعتقد أنه بتغيير الاسم سيغير نظرة التونسيين إلى الحركة، وهذه محاولة فاشلة”. وأضاف “الحزب كان مطروحا عليه تغيير حال التونسيين، لكنه أراد النفع الحيني”.

ويواجه الحزب وضعا معقدا يهدد وجوده مع استمرار حبس الغنوشي وعدد آخر من القيادات البارزة منذ عدة أشهر.

وأوضح الوريمي الذي عين حديثا في منصبه، على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن “تغيير اسم النهضة وارد وقد طرح ذلك داخل لجنة الإعداد المضموني”. ولكنه أشار إلى أنه ليس هناك ما يدعو إلى اتخاذ هذه الخطوة قبل تنظيم مؤتمر الحزب.

وليس واضحا متى وكيف سيتم تنظيم المؤتمر في ظل القيود التي تفرضها السلطات على مقرات الحزب المغلقة، بما في ذلك مقره الرئيسي بالعاصمة، منذ أبريل 2023.

وقال الوريمي أيضا إنه من غير المستبعد تغيير اسم “مجلس الشورى”، أعلى هيئة في الحزب، باسم “المجلس الوطني”.

وأضاف أمين عام حركة النهضة أن هذه الفكرة “تبدو اليوم أكثر تلاؤما مع التوجهات الجديدة للحزب كحزب يبحث عن مشتركات مع القوى الديمقراطية والمدنية”.

1