النهضة تستعجل المشيشي لإجراء تحوير وزاري للسيطرة على الحكومة

تونس - تعكس دعوة راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي إلى التحوير الوزاري بحجة الرفع من أداء الحكومة، وفق مراقبين، رغبة حركة النهضة الإسلامية في السيطرة على حكومة هشام المشيشي.
وقال الغنوشي في تصريح لإذاعة "جوهرة أف.أم" المحلية السبت، إنّ "الحزام السياسي ينادي بالتحوير للرفع من مردودية الحكومة".
وتأتي تصريحات الغنوشي في ظل تواصل الضغوط التي يمارسها الحزام السياسي وهو ائتلاف برلماني متكون من حركة النهضة وحزب قلب تونس وائتلاف الكرامة من أجل تعديل وزاري وتعزيز الحكومة بكفاءات جديدة.
ووفق ما تسرب من معلومات، فسيشمل التعديل الوزاري في حال إقراره من قبل رئيس الحكومة، وزارة الشؤون الثقافية بعد إقالة وليد الزيدي منذ أكتوبر الماضي، ووزارة الشؤون المحلية والبيئة إثر اعتقال الوزير مصطفى العروي المتورط في ملف "النفايات الإيطالية"، ووزارة الداخلية بعد إقالة الوزير توفيق شرف الدين على خلفية إعداد الوزير المقال قائمة من التحويرات على مراكز أمنية مركزية حساسة وأخرى جهوية دون استشارة رئيس الحكومة، والمدير العام للأمن الوطني والمدير العام آمر الحرس الوطني، علاوة على بعض الوزراء المحسوبين على الرئيس التونسي قيس سعيد، من بينهم وزراء العدل والمالية والفلاحة والصحة.
ويعمل الائتلاف البرلماني وخصوصا حزب قلب تونس، على قلب الطاولة ضد من سماهم "وزراء القصر"، وقد زاد حماسه أكثر لهذا التعديل، إثر صدور قرار بسجن رئيسه نبيل القروي، وما رافق هذا القرار من تسريبات حول أدوار مفترضة لرئيس الجمهورية في إثارة ملف الفساد.
ويرى مراقبون أن التحوير الوزاري المرتقب قد يزيد في تعميق الصراع بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، وربما الإعلان عن فك الارتباط نهائيا بينهما، وميل المشيشي أو انضمامه إلى الائتلاف البرلماني، الذي لا يخفي بدوره صراعه مع الرئيس التونسي قيس سعيد.
وأضاف الغنوشي أن "التحوير الحكومي من صلاحيات رئيس الحكومة". في إشارة إلى إقالة وزير الداخلية توفيق شرف الدين في 5 يناير الحالي، والتي أثارت جدلا واسعا في تونس بخصوص الصلاحيات.
ودستوريا يعيّن رئيس الجمهورية وزراء الدفاع الوطني والشؤون الخارجية، ويتم التشاور مع رئيس الحكومة لتعيين ممثلي باقي وزارات السيادة على غرار الداخلية والعدل والمالية.
وينص الفصل 92 من الدستور على أن رئيس الحكومة يختص بإحداث وتعديل وحذف الوزارات، وكتابات الدولة وضبط اختصاصاتها وصلاحياتها، بعد مداولة مجلس الوزراء، وإقالة عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة، أو البت في استقالته، والتشاور مع رئيس الجمهورية إذا تعلق الأمر بوزير الخارجية أو وزير الدفاع.
وكان الرئيس سعيد قد اتهم في خطاب بمناسبة نهاية السنة الميلادية أطرافا لم يسمها بإجراء مشاورات لإدخال تحوير على الحكومة، أو توجيه لائحة لوم ضدها.
وقال سعيد إنّ "حكومات تتعاقب ومشاورات تتواصل وأعمالا تُحبك من أجل تحقيق توازنات بعضها ظاهر وأكثرها خفي".
وأكّد الغنوشي ''ليس المهمّ أن تكون حكومة سياسية أو مستقلة بل التحسين من الأداء الحكومي... فهناك وزراء أداؤهم متواضع".
ورفض العديد من السياسيين دعوة الغنوشي إلى التعجيل بالتحوير الوزاري، حيث يرون أن لا ضرورة للتحوير الحكومي الذي يرتكز على تغيير الأشخاص، في ظل تواصل نفس السياسات والتوجهات.
واعتبر البرلماني مصطفى بن أحمد رئيس كتلة تحيا تونس (10 نواب)، أن لا فائدة من إجراء تحوير وزاري في هذه الفترة، مؤكدا أنه دعا المشيشي بعدم التسرع في الموضوع.
وقال بن أحمد لوكالة تونس أفريقيا للأنباء السبت، إنه "لا طائل من إجراء تحوير وزاري في ظل أجواء متوترة وسوء فهم وتنافر بين السلط".
وأوضح أن أي تحوير حكومي يجب أن يتم على أسس صلبة ووفق أهداف واضحة وإستراتيجية وينال قبول الفاعلين في الحياة السياسية ولا يكون لغاية الترضيات وإلا فإنه سيزيد من تأزم الأوضاع".
وعلق عماد بن حليمة المحامي والمحلل السياسي التونسي على دعوة الغنوشي على حسابه بموقع فيسبوك قائلا إن "النهضة تستعجل التعديل الوزاري للفوز بوزارة العدل قبل فتح ملفات تفضح أمرهم".
وبدوره أكد البرلماني نعمان العش عضو الكتلة الديمقراطية (38 نائبا)، في وقت سابق، أنّ دعوة الائتلاف الحاكم إلى التحوير الوزاري هدفها التموقع داخل الحكومة.
وبيّن العش أن رئيس الحكومة يتعرّض إلى عمليات ابتزاز ومزايدات وضغوط من أجل الرضوخ إلى مطالب الائتلاف.
وشدّد العش على أنّ الكتلة الديمقراطية لا تعتقد أنّ أي تحوير حكومي مرتقب سيكون إيجابيا وأن التغيير سيكون في اتجاه الأفضل، مرجحا أن يكون التحوير المرتقب في اتجاه الأسوأ وهو ما يخيف أحزاب الكتلة الديمقراطية.
وأعربت أوساط سياسية عن تخوفها من أن يكون المشيشي قد أصبح فعلا يدور في فلك النهضة خاصة بعد تصريحات خطيرة لزهير المغزاوي أمين عام حركة الشعب، الذي تحدث في إذاعة شمس أف.أم الخاصة، أن المشيشي اختار أن يكون أسيرا ومرتَهنا للائتلاف الحكومي من أجل ضمان أطول فترة له في الحكم.
وتحدث المغزاوي عن محاولات لابتزاز رئيس الحكومة، مشددا على أن التحوير الوزاري يجب أن يكون بناء على تقييم لأداء الوزراء وليس تلبية لطلب الأطراف التي تُحيط بالمشيشي.