النهضة تخشى تمرد قواعدها على قرار ترشيح مورو للرئاسة

مرشحون مقربون من الحركة الإسلامية يعوّلون على خزانها الانتخابي في سباق الرئاسة.
السبت 2019/08/17
ابتسامة لا تخفي القلق
 

تحاول حركة النهضة الإسلامية مقاومة نزيف محتمل لخزانها الانتخابي خلال الانتخابات الرئاسية القادمة وذلك بسبب مخاوف من عدم انضباط قواعدها للتصويت لعبدالفتاح مورو الذي تعارضه عدة قيادات داخل الحركة تؤيد ترشيح شخصية توافقية من خارجها.

تونس – عكست دعوة حركة النهضة لأنصارها للتصويت لصالح مرشحها عبدالفتاح مورو خلال الانتخابات الرئاسية القادمة مخاوف الحركة من تمرد قواعدها على هذا القرار نتيجة عدة أسباب لعل أبرزها الخلافات التي احتدمت أكثر خلال مناقشة مسألة مرشح الحركة للرئاسة.

ورغم أن ترشيح عبدالفتاح مورو تم بعد حصوله على الأغلبية داخل مجلس شورى الحركة لكن القرار جاء بعد اجتماع صاخب تخلله تباين واضح في المواقف ووسط أزمة كانت قد اشتعلت داخل الحركة بسبب خلافات على ترؤس قائمات الترشح للانتخابات التشريعية.

ولاقى القرار معارضة قيادات من داخل مكتبها التنفيذي تدعم مرشحا توافقيا من خارجها، وهو ما ظهر جليا في تدوينة للقيادي رفيق عبدالسلام عبر صفحته الرسمية، حيث أقر بحاجة البلاد لمرشح توافقي “غير معاد لتوجهات الثورة ومتشبع بخياراتها الديمقراطية”. ويبدو أن مواقف القيادات المعارضة لترشيح مورو باتت تصب لصالح بعض المرشحين المقربين من الحركة وهو ما يشكل تهديدا لحظوظ مورو.

ودفعت تلك المخاوف المكتب التنفيذي لإصدار بيان مساء الخميس للتأكيد على وحدة موقف الحركة من القرار دعا خلاله أنصار النهضة إلى دعم عبدالفتاح مورو، مؤكدا على أن “قرار ترشيح مورو صادر عن المؤسسات الرسمية للحركة، ويعكس رغبة حقيقية لدى شريحة واسعة من التونسيين داخل الحركة وخارجها، ومسؤولية وطنية ملقاة على عاتق كل حزب سياسي لدعم التجربة الديمقراطية”.

المرزوقي يحاول استغلال الخلافات داخل النهضة من أجل إيهام قواعدها بأنه مدعوم من قبل أحد الشقوق المتصارعة

وعبرت الحركة عن “اعتزازها بالإجماع الواسع” الذي حظي به قرار ترشيح عبدالفتاح مورو، نائب رئيسها راشد الغنوشي، رئيس البرلمان بالإنابة، فيما دعت أنصارها إلى دعم مرشحها، و”الالتفاف حوله”.

واعتبرت أنّ “الصدى الكبير والإيجابي الذي لقيه هذا الترشيح على المستوى الحزبي والوطني، هو نتيجة لما يحظى به مورو من تقدير واحترام في مختلف الأوساط الاجتماعية، ولما يتميز به من خصال تستجيب لمتطلبات رجل الدولة الأول الحريص على مقومات الدولة التونسية”.

ويبدو أن حركة النهضة تحاول منع تكرار سيناريو انتخابات 2014 عندما رفضت أغلب قواعدها التصويت لمرشح التوافق الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي الذي دعت بعض قياداتها للتصويت له، واختارت الاصطفاف خلف منصف المرزوقي، لكن الانتخابات القادمة من المتوقع أن تتفرق قواعدها على عدد من المرشحين وليس المرزوقي فقط.

ويحاول المرزوقي استغلال الخلافات داخل حركة النهضة من أجل إيهام قواعدها بأنه مدعوم من قبل أحد الشقوق المتصارعة وهو ما عكسته تصريحاته الأخيرة التي أكد خلالها أنه فخور بحصوله على حوالي 700 ألف صوت من قواعد النهضة في الانتخابات الرئاسية الماضية لافتا إلى أن نوابا من النهضة زكوا ترشحه.

وبالإضافة إلى المرزوقي يعول عدد كبير من المرشحين على الخزان الانتخابي لحركة النهضة وفي مقدمتهم القيادي السابق في الحركة حمادي الجبالي ومحمد عبو القيادي في حزب التيار الديمقراطي والذي شغل منصب وزير في عهد الترويكا بقيادة النهضة، إضافة إلى الخبير في القانون الدستوري قيس سعيد الذي اتسم ظهوره الإعلامي بمغازلة السلفيين.

Thumbnail

وبدوره يعد المحامي سيف الدين مخلوف أحد أبرز المتكلين على قواعد حركة النهضة في الانتخابات الرئاسية المقبلة وإن كان مرشحا لائتلاف جمعياتي، ويعول مخلوف أساسا على الشعبية التي بناها من خلال الدفاع عن قيادات من الحركة.

وتقلصت شعبية حركة النهضة بشكل لافت في السنوات الأخيرة وهو ما يعكسه تراجع حجم الأصوات التي تحصلت عليها خلال الانتخابات الماضية، ففي انتخابات المجلس الوطني التأسيسي سنة 2011 تحصلت الحركة على 320.501. 1 صوتا.. أما في انتخابات مجلس نواب الشعب سنة 2014 تحصلت الحركة على 034 947 صوتا، وفي الانتخابات البلدية سنة 2018 تحصلت النهضة على 234 517 صوتا.

ويربط كثيرون تراجع شعبية الحركة إلى “التنازلات” التي قدمتها خلال السنوات الماضية من خلال الدخول في صفقات لاقتسام السلطة دفعها للتحالف مع رموز النظام السابق ما أفقدها “هالة الثورية” التي أحاطت بها في السنوات الأولى لتوليها الحكم.

بالإضافة إلى مواقف الحركة المترددة من القضايا التي تمس الجانب الديني كقضية المساواة في الميراث التي اختارت قياداتها تقديم مواقف متناقضة بشأنها في ظل غياب موقف رسمي. وكان لعجز النهضة على إقرار الشريعة كمصدر للتشريع في الدستور الصادر في 2014 رغم أنها كانت تشكل الأغلبية داخل البرلمان تأثير كبير على شعبيتها داخل الأوساط المتشددة التي كانت تراهن عليها لإلغاء كل موروث “الدساترة” أو التيار الدستوري الذي حكم البلاد منذ الاستقلال وحتى إسقاط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

4