النهضة تختار التمسك بدستور 2014 في معركة الصلاحيات مع الرئيس

راشد الغنوشي يرفض مقترح إعادة العمل بدستور 1959 مع إدخال بعض التنقيحات عليه لحلحلة الأزمة السياسية والدستورية التي تعصف بمؤسسات الحكم.
الاثنين 2021/06/21
تصعيد جديد ضد قيس سعيّد

تونس - رفض راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي وزعيم حركة النهضة الإسلامية مقترح إعادة العمل بدستور 1959، مع إدخال بعض التنقيحات عليه لحلحلة الأزمة السياسية والدستورية التي تعصف بمؤسسات الحكم.

وبرر الغنوشي رفضه قائلا إن "الشعوب والدول والأجيال تتقدم إلى الأمام ولا تلتفت إلى الوراء"، في إشارة إلى تمسكه بالنظام السياسي الحالي الذي أفرزه دستور 2014.

واعتمدت تونس بعد نقاشات دامت ثلاث سنوات نظاما برلمانيا معدلا أو شبه برلماني عام 2014، ومنح هذا الشكل من النظام السياسي مجلس نواب الشعب صلاحيات التشريع ومنح الثقة للحكومة وسحبها منها والرقابة على عملها، وأعطى رئاسة الحكومة جل الصلاحيات التنفيذية، فيما حصر اختصاص رئيس الجمهورية في ثلاثة مجالات هي الدفاع والأمن القومي والعلاقات الخارجية، على الرغم من أنه منتخب من الشعب بصفة مباشرة.

وأحدث نظام الحكم البرلماني المعدل الذي تبنته تونس في دستور 2014، شتاتا برلمانيا عمّق أزمة البلاد أكثر، ولهذا ومنذ إقراره، أثيرت ردود فعل كثيرة حوله وتتالت الدعوات إلى تعديله وتغييره.

ويرفض الغنوشي الاعتراف بدستور الجمهورية الأولى لعام 1959، معتبرا أنه لا يمت للشعب بصلة قائلا "التفاتة الشعب التونسي للدستور المؤسس للدولة التونسية تمت في 14 يناير 2011".

وأضاف "أكد (الشعب التونسي)على قيمة حيوية جديدة بعد إعلان الاستقلال، وهي قيمة الحرية ولا عودة إلى الاستبداد مهما كانت التضحيات".

وتعتبر حركة النهضة الدستور القديم مكرسا للدكتاتورية، حيث يمنح أغلب الصلاحيات لرئيس الجمهورية، فيما تتغافل عن دكتاتورية البرلمان الذي أفرزه دستور 2014، والذي تهيمن النهضة عليه منذ سنوات.

وكان نورالدين الطبوبي رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل كشف في تصريح لقناة "الحوار التونسي" الخاصة، أن الرئيس قيس سعيّد اقترح أثناء لقائه به في القصر الرئاسي لترتيب الحوار الوطني، عودة العمل بدستور 1959 مع إدخال تنقيحات عليه ومن ثم عرضه على الاستفتاء الشعبي.

وقال الطبوبي إن طرح الرئيس لهذا المقترح يأتي في ظل فشل النظام السياسي الحالي طيلة عقد كامل وتعطل مؤسسات الحكم.

وغرقت تونس في أزمة دستورية منذ ستة أشهر، بسبب الخلافات المتواترة بين الرئيس سعيّد، وهو أستاذ قانون دستوري متقاعد من جهة، والبرلمان والحكومة من جهة ثانية.

ورفض سعيّد استقبال وزراء لأداء اليمين الدستورية بعد تعديل حكومي معلق منذ يناير الماضي كان أجراه رئيس الحكومة هشام المشيشي، كما رفض التوقيع على قانون مرتبط بالمحكمة الدستورية التي تأخر وضعها منذ 2015.

وصعّدت حركة النهضة من لهجتها تجاه الرئيس سعيّد من خلال اتهامه بالتأسيس لـ"العودة إلى الحكم الفردي"، وهي المفردات التي ركزت الحركة الإسلامية عليها في الأسابيع الماضية، لاسيما بعد خطاب سعيّد خلال الذكرى الـ65 لعيد قوات الأمن الداخلي، حينما أعلن نفسه قائدا أعلى للقوات العسكرية والأمنية الحاملة للسلاح معا.

 وقبل لقائه برئيس اتحاد الشغل، اشترط سعيّد من أجل الدخول في حوار وطني دعوة المشاركين فيه إلى التفكير في تغيير النظام السياسي الحالي والنظام الانتخابي، كنقطة ذات أولوية في جدول أعماله.

وسبق أن أعلن فتحي العيادي، الناطق الرسمي باسم حركة النهضة، رفض الحركة تغيير نظام الحكم في تونس قائلا "نحن ضد تغيير النظام السياسي الحالي لأن العملية تتطلب وقتا، وحتى آليات الوصول إلى ذلك مفقودة الآن، والدعوات إلى تغيير النظام السياسي هي محاولة لإدخال البلاد في مسار غير دقيق ونتائجه - وعلى الأقل مخرجاته - غير معلومة. النهضة تبنت النظام البرلماني الذي هو موجود في الدستور الحالي".

ويعكس تمسك النهضة بالنظام السياسي الحالي تخوفها من أن يسحب البساط من تحت أقدامها باعتبارها الطرف الأكثر استفادة منه على أكثر من صعيد، حيث إنها ما زالت القوة السياسية الأساسية المتحكمة بإدارة السلطة وبالقرار السياسي رغم تراجع شعبيتها.

هذا فضلا عن أن رئيسها الغنوشي يريد مواصلة البقاء في منصبه على رأس البرلمان، مستفيدا من الصلاحيات الواسعة التي منحها الدستور للمؤسسة التشريعية، لاسيما وأنه من المستبعد أن يرشح نفسه لمنصب رئاسة الجمهورية باعتباره الشخصية الأكثر نفورا في الشارع التونسي في ضوء نتائج سبر الآراء.

وسبق أن ألمح سعيّد منذ حملته الانتخابية قبل عامين إلى رغبته في تغيير النظام السياسي الحالي من برلماني معدل، تمنح فيه صلاحيات تنفيذية واسعة لرئيس الحكومة الذي يختاره حزب الأغلبية، إلى نظام رئاسي بدعوى القطع مع تشتت السلطة.