النقل بعربات الكارو في غزة مهدد مع نقص الشعير والتبن

غزة - يستغل المئات من الفلسطينيين في قطاع غزة من أصحاب العربات التي تجرها الخيول والحمير، والمعروفة في اللهجة العامية باسم “الكارو”، أزمة شح الوقود لتشغيل عرباتهم كبديل عن المركبات في نقل الركاب، لكن هذه الوسيلة نفسها مهددة بالتوقف نتيجة النقص المتزايد في الشعير والتبن اللذين تستوردهما غزة.
ويستيقظ الشاب الفلسطيني سائد أبوعواد، من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، فجر كل يوم لإطعام حصانه وتجهيزه للانطلاق به في رحلة عمل يومية لنقل الركاب والبضائع، في ظل عدم توفر المركبات اللازمة لذلك.
ويقول أبوعواد إن "الفلسطينيين توجهوا إلى استخدام هذه الوسيلة البدائية رغم الوقت الطويل الذي تقضيه للوصول إلى المكان المنشود، في ظل حاجتهم إلى التنقل بشكل يومي؛ الأمر الذي أعاقه بطبيعة الحال نفاد الوقود المشغل للمركبات”. وأوضح أن الضغط الشديد في العمل "أرهق حصانه لكونه غير معتاد على العمل ضمن ساعات طويلة". وتابع "حينما أشعر بأن الحصان متعب أتوقف عن العمل حتى لا أضره، فأنا لا يمكنني الاستغناء عنه؛ إنه بمثابة يدي وقدمي في الوقت الحالي".
ويشير أبوعواد إلى أن أصحاب عربات الكارو متفقون على توحيد "كلفة النقل، والتي تتفاوت وفق المسافة وعدد الركاب وحجم المواد المراد نقلها". ورغم أنها وسيلة نقل بدائية إلا أن كلفة نقل الركاب تشهد خلال أيام الحرب الإسرائيلية ارتفاعا كبيرا، الأمر الذي شكّل عبئا على السكان المضطرين إلى استخدامها، في ظل عدم توفر بدائل.
ويرجع أبوعواد هذا الارتفاع إلى تضاعف أسعار الطعام الخاص بالحيوانات من الشعير والتبن. ويقول عن ذلك "سعر رطل الشعير والتبن تضاعف بنحو 3 - 4 مرات بسبب العدوان، وأصبح يصل إلى 25 شيكلا بعد أن كان 5 شواكل (الدولار يعادل 3.61 شيكل)، ناهيك عن الإرهاق الذي يصيب الحيوانات في التنقل بين الأحياء والمدن".
بدوره يشكو المواطن آدم الرزي (42 عامًا)، النازح من مدينة غزة إلى المحافظة الوسطى في القطاع (دير البلح)، من ارتفاع كلفة النقل عبر العربات؛ إذ يضطر إلى دفع 5 شواكل للانتقال من مخيم النصيرات (وسط القطاع) إلى دير البلح، وهو تقريبا ضعف ما كان يدفعه لسيارات الأجرة.
لكنه في الوقت ذاته لا يمكنه الاستغناء عن عربة الكارو لكونها باتت وسيلة النقل الأساسية في القطاع. ويضيف “نستخدم الدواب كوسيلة نقل لتأمين احتياجاتنا اليومية، فكل شيء مفقود في قطاع غزة، مع مواصلة الاحتلال الإسرائيلي حصاره الخانق (المضروب) علينا”.
صاحب عربة الكارو محمد أحمد، القاطن في منطقة الزوايدة غرب المحافظة الوسطى، يقول إن الشعير والتبن الموجودين في القطاع باتا "على وشك النفاد من الأسواق". وأضاف "الشعير والتبن من السلع المستوردة، وبعد مرور نحو 80 يوما على الحرب الإسرائيلية وإغلاق المعابر، أصبحا على وشك النفاد من الأسواق، الأمر الذي قد يؤدي إلى توقف عربات الكارو عن العمل".
وأشار إلى أن ارتفاع كلفة النقل عبر هذه العربات يعود إلى ارتفاع أسعار الشعير والتبن، لافتا إلى أن الحصان أو الحمار يحتاج كل منهما يوميا إلى نحو رطلين من هذا الطعام الذي يمنحهما طاقة تسمح لهما بمواصلة النشاط.
وتعيش الفلسطينية صباح عبدالكريم فصلا من العذاب اليومي، حيث تضطر إلى التنقل يوميا عبر الكارو قاطعة مسافة طويلة لزيارة ابنها الذي أصيب إثر استهداف إسرائيلي، والموجود حاليا في مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
وتقول إنها تتنقل باستمرار "عبر عربات الكارو لقضاء حوائج عائلتي وزيارة ابني المصاب يوميا وتزويده بمستلزماته وبعض الأدوية التي يحتاجها". وتضيف بنبرة غاضبة “هكذا نعيش في غزة، لم يبق أكثر من هذا العذاب الذي نعيشه، ماذا ينتظر العالم منا؟”. وناشدت الدول العربية والأوروبية “النظر إلى الفلسطينيين بعين الرحمة في ظل معاناتهم المتفاقمة جراء استمرار العدوان وعدم توفر المياه والكهرباء والوقود والغاز، وشح الغذاء”.